
توافد عشرات المحتجين من منتسبي ومؤيدي "الحشد الشعبي"، أمام مقر الحزب "الديمقراطي الكردستاني" في بغداد، بعد تصريحات لوزير الخارجية الأسبق، والقيادي في الحزب، هوشيار زيباري، التي اعتُبرت مسيئة للحشد.
واقتحم المحتجون مقر الحزب، وأضرموا النار فيه، ثم رفعوا علم "الحشد الشعبي" فوقه، على الرغم من وجود العشرات من القوات الأمنية التي تواجدت لحمايته، والتي رصدتها كاميرا "الشرق".
وأقدم المحتجون أيضاً على حرق العلم الكردي، وكذلك صور مسعود بارزاني رئيس الحزب، وهوشيار زيباري المسؤول التنفيذي الأول للحزب الديمقراطي الكردستاني، وفقاً لما نقلته وكالة "فرانس برس".
وكان زيباري دعا في مقابلة تلفزيونية، إلى "تنظيف المنطقة الخضراء من فصائل الحشد الشعبي"، بسبب تكرار الهجمات على البعثات الدبلوماسية.
وانتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بيان لـ"أنصار ومحبي الحشد الشعبي" تناقلته مواقع إخبارية محلّية، دعا إلى تظاهرة حاشدة أمام مقر الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، تنديداً بتصريحات زيباري التي وصفوها بـ"المسيئة".
ودانت الرئاسة العراقية، الاعتداء على مقر الحزب، وقالت إنه تم من قبل "مجموعة غير منضطبة وخارجة عن الأطر السلمية لحرية التعبير ،وحفظ هيبة الدولة، والسلم المجتمعي".
وأكدت الرئاسة في بيان "فتح تحقيق عاجل في الاعتداء ومحاسبة المقصرين"، مشيرة إلى أن "الحشد الشعبي أعلن عدم مسؤوليته عن الواقعة".
وعقب هذه الأحداث، تمت إقالة اللواء جواد الدراجي، قائد قوات حفظ النظام، لعدم تصديه لعملية إحراق مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني.
بارزاني: مهاجمة للتعايش السلمي
ودان رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في بيان، حرق مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني، وقال إن "هذه الهجمة عمل تخريبي"، مؤكداً أن "مهاجمة مقر حزب كان من القوى الرئيسة التي أسهمت في إسقاط الدكتاتورية في العراق، هي هجوم علی التاريخ النضالي المشترك للأكراد، والقوى العراقية الثائرة للقضاء على الظلم والدكتاتورية".
وشدد بارزاني على أنها "مهاجمة للتعايش السلمي، وتقويض للسلم المجتمعي والسياسي، ولا تتفق مع مبادئ الدستور والديمقراطية وحقوق الإنسان".
ودعا جميع الأطراف إلى "التعامل بهدوء مع هذه الحادثة، وأن تباشر المؤسسات المعنية في الحكومة العراقية التحقيقات والإجراءات القانونية بصورة جدية وبسرعة وتقدم المخربين للقانون.
وفي تصريح لوكالة "فرانس برس"، دانت فيان صبري رئيسة كتلة الحزب في مجلس النواب الحادثة. وقالت إن "ثقافة الحرق والسحل ما زالت موجودة لدى البعض"، مشيرة الى أنه "بالفعل كان هناك حرق سفارات وحوادث مماثلة غيرها".
وأضافت: "هذه ليست تظاهرة، لأن التظاهر يجب أن يكون سلمياً وفق الدستور"، محملة "فصائل غير منضبطة بالوقوف وراء هذه الأعمال"، من دون ذكر تفاصيل.
صدام في البرلمان
ولم تقتصر حدود ردود الفعل على مقر الحزب وإحراق الأعلام، إذ سبق أن أثارت تصريحات زيباري خلافاً في البرلمان بين كتل سياسية مؤيدة لـ"الحشد"، وأخرى مؤيدة للحزب، خلال جلسة مجلس النواب الأربعاء، ما أسفر عن تعليقها.
وانتقد أعضاء من كتلة "الفتح"، التي يتزعمها هادي العامري، وتضم أغلبية فصائل "الحشد الشعبي"، بشدة تصريحات زيباري، الأمر الذي أثار رفض عدد من النواب الأكراد.
واندلعت المشادة الكلامية، إثر مطالبة حسن الكعبي، عضو كتلة "الفتح"، ونائب رئيس البرلمان، زيباري بتقديم اعتذار لفصائل "الحشد الشعبي" على خلفية تصريحاته.
وقوبلت مطالبة الكعبي برفض شديد من عدد من النواب الأكراد، الذين اعتبروا أن تصريحات زيباري، غير مسيئة للحشد الشعبي.
تحرّك قضائي
يأتي ذلك بعد أقل من 24 ساعة على مطالبة النائب عن كتلة "صادقون" حسن سالم، بتحرك قضائي ضد زيباري.
وقال النائب عن الكتلة التي يتزعمها الأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، في بيان صحافي، إن "الحشد الشعبي أقدس من أن يمسه وزير مُقال فاسد وعميل أميركي صهيوني كـ (هوشيار زيباري)".
وطالب سالم هيئة "الحشد الشعبي" بـ "اتخاذ الإجراءات القانونية بحق هوشيار زيباري"، كما حث القائد العام للقوات المسلحة على أن "يضع حداً لهذه التجاوزات، ومعاقبة من يسيء إلى الحشد الشعبي وبقية الأجهزة الأمنية".
"مصيبة كبرى"
في المقابل، رد الوزير الأسبق، على تصريحات النائب حسن سالم، وتحدث عن "مصيبة كبرى".
وقال زيباري في "تدوينة" له، عبر موقع "فيسبوك": "إن تصريحات النائب السيد حسن سالم من كتلة (صادقون) البرلمانية بحقنا اليوم، تذكرنا باتهامات النظام الصدامي (في إشارة إلى الرئيس العراقي السابق صدام حسين) بحقنا في المقاومة والمعارضة الوطنية العراقية، والاتهامات السخيفة بالعمالة والتخوين".
وأضاف: "يبدو أنه لم يتغير شيء في العقلية السياسة الشمولية والعنصرية، إضافة الى الطائفية للبرلمانيين الحاليين، وهذه مصيبة كبرى".
ومع تصاعد حدّة التصريحات، أصدر "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، بياناً صحافياً، أشار فيه إلى أنه "في الوقت الذي يمر البلد بظروف سياسية واقتصادية عصيبة، وينتظر فيه المواطن العراقي تكاتف ممثليه وقواه السياسية من أجل الخروج من الأزمات التي تعصف بالبلد، فإن هناك من يحاول افتعال المشاكل ليروج لنفسه على حساب مصلحة الشعب، ويبدو أن هناك من لا يستطيع أن يتعايش مع السلم الأهلي، ولا يتناغم مع الإجماع الوطني على التهدئة ورص الصفوف".
هجوم أربيل
وكانت سلطات إقليم كردستان العراق حمّلت "هيئة الحشد الشعبي" المسؤولية عن استهداف القوات الأميركية في مطار أربيل، في 30 سبتمبر الماضي، بصواريخ لم تسبب أضراراً.
وقال "جهاز مكافحة الإرهاب" في الإقليم، إن "6 صواريخ أُطلقت من أطراف قرية شيخ أمير التابعة لمحافظة نينوى من قبل الحشد الشعبي، واستهدفت قاعدة التحالف في مطار أربيل الدولي"، حيث يتمركز جنود أميركيون.
وعلى الرغم من نفي "قيادة عمليات نينوى" التابعة للحشد الشعبي صلتها بالهجوم، نشر وزير الخارجية العراقي الأسبق، هوشيار زيباري، على موقع "تويتر" أنّ هذه الضربات تعكس "تصعيداً من قبل الجماعات نفسها التي تهاجم السفارة الأميركية في بغداد".
وجاء هجوم أربيل عقب تهديد واشنطن بغلق سفارتها في بغداد وسحب قواتها من العراق، إذا لم تتوقف هذه الهجمات.