
دانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اليوم، العضو في "حزب الله" اللبناني، سليم عياش، باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، مؤكدة أنه "مذنب بجميع التهم الموجهة إليه".
وقال رئيس المحكمة القاضي ديفيد راي: "تعلن غرفة الدرجة الأولى عياش مذنباً بما لا يرقى اليه الشك، بوصفه مشاركاً في تنفيذ القتل المتعمد لرفيق الحريري".
وأعلنت المحكمة في ختام جلسة النطق بالحكم في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، التي عقدت اليوم في لاهاي، أن مسؤولية حسين عنيسي وأسد صبرا "لم تُثبت، ما يبطل تهمة المؤامرة عنهما. ولا يمكن الاستنتاج بأنهما مسؤولان عن مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي".
وقررت المحكمة أن حسن مرعي وحسين عنيسي وأسد صبرا غير مذنبين في جميع التهم المسندة إليهم، لافتة إلى أنها ستبطل مذكرات التوقيف الصادرة بحقهم اليوم الثلاثاء.
ويحاكم في المحكمة الدولية التي أنشئت في عام 2007 تحت الفصل السابع الملزم، خمسة متهمين رئيسيين، هم: القيادي في "حزب الله" مصطفى بدر الدين الذي قتل بشكل غامض في دمشق، والأعضاء في الحزب: سليم عياش، وأسد صبرا، وحسين عنيسي، وحسن حبيب مرعي.
وأفادت المحكمة الدولية بأن الأدلة التي استندت إليها القضية تتمثل في بيانات الاتصالات، وأكدت أنه "لو لم تكن هذه البيانات موجودة، لما كان هناك قضية".
وأضافت أن المحققين نظروا في ملايين بيانات الاتصالات لاستخراج أنماط معينة يمكنهم الاعتماد عليها".
ولفتت إلى أنه تم التدقيق في بيانات الاتصالات في محيط الجريمة، واكتشف المحققون مجموعة من الهواتف اتصل بعضها ببعض فقط.
وأشارت إلى أن شرائح الاتصالات والأجهزة التي استخدمت في الجريمة، اشتريت جميعها من مدينة طرابلس شمال لبنان في الوقت ذاته، وفُعّلت في الوقت ذاته تقريباً. وكشفت أن الشرائح استعملت قبل اغتيال الحريري ولم تستخدم بعدها أبداً.
جريمة سياسية
ولفت القضاة إلى أن الجريمة تزامنت مع حدثين مهمين حدثا في الشهر ذاته، لافتة إلى عدم وجود دليل على ضلوع" قيادتَي "حزب الله" والنظام السوري بشكل مباشر في عملية الاغتيال، مشيرة إلى أن الحريري والأمين العام للحزب حسن نصر الله "كانا على علاقة طيبة قبل الاغتيال".
ولفتت خلال سردها الوقائع السياسية للجريمة، إلى أن الحادث الأول هو زيارة نائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى منزل الحريري، أما الحدث الآخر، فهو اجتماع عقد في فندق "البريستول" لمعارضي الوجود السوري في لبنان، والذي حدث بعد أيام من زيارة المعلم.
وأشارت إلى أن الدافع وراء العملية كان سياسياً، مؤكدة وجود هيمنة سورية سياسية وعسكرية على لبنان في ذلك الوقت. وبيّنت أن الرئيس السوري بشار الأسد أصر على أن يمدد الحريري للرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود، قائلاً إن "سوريا هي التي تختار رئيس لبنان".
وذكرت المحكمة، أن الحريري كان يدفع الملايين لرئيس جهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان آنذاك رستم غزالة، من بينها "دفعة مزدوجة" في 13 فبراير، أي قبل يوم من الجريمة.
"العبث بمسرح الجريمة"
وتحدثت المحكمة عن "نهج فوضوي في التحقيق بالجريمة"، مشيرة إلى "عدم احترام" مسرحها، ومتحدثة عن إزالة "أدلة مهمة" في الموقع و"العبث بمسرح الجريمة".
وأضافت أنه "يتعذر عليها فهم سبب" حصول ذلك، مشيرة إلى أن "إجراءات البحث عن المفقودين لم تكن منسقة".
ولفتت إلى أن موكب الحريري استخدم أجهزة تشويش، لتجنّب تعرّضه لتفجير من بُعد. وتابعت أنها "تستنتج على نحو لا يشوبه أي شك معقول، أن انتحارياً نفذ (عملية) الاغتيال".
ورفعت المحكمة الجلسة للاستراحة قبل أن تستأنفها في وقت لاحق، وفي ما يلي تسجيل الجزء الأول من الجلسة:
محاكمة غيابية
تجدر الإشارة إلى أن أولى جلسات المحاكمة، عقدت في لاهاي في 16 يناير 2014، في ظل غياب أعضاء الحزب الأربعة.
وقالت نيابة المحكمة إن بدر الدين وعياش عملا على تنظيم الهجوم وتنفيذه، في حين اتُهم عنيسي وصبرا بتسليم إحدى القنوات التلفزيونية شريط فيديو يتضمن رسالة كاذبة عن تبنّي الهجوم لحماية المنفذين الحقيقيين وتضليل جهات التحقيق.
وفي فبراير 2014، أعلنت المحكمة أنها ستضيف المشتبه به الخامس مرعي إلى المحاكمة. وفي مايو 2016، أعلن "حزب الله" مقتل بدر الدين أثناء هجوم في سوريا.
بعد ذلك بعامين، دخلت المحاكمة مرحلتها الأخيرة، وقالت المحكمة الخاصة بلبنان إن أكثر من 300 شخص قدموا أدلة في القضية.
وكان من المفترض أن يصدر الحكم في السابع من أغسطس الجاري، ولكن المحكمة الدولية أرجأته بعد الانفجار الضخم الذي هزّ العاصمة اللبنانية بيروت وخلّف أكثر من 170 ضحية.
وأفادت المحكمة في بيان، بأن إعلان الحكم الذي كان مقرراً يوم الجمعة في السابع من أغسطس، أرجئ إلى 18 منه، "احتراماً للعدد الكبير من الضحايا"، و"الحداد الوطني الذي أعلن في لبنان لثلاثة أيام".