ترأس رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، السبت، اجتماع "خلية أزمة طارئة" لمعالجة مشكلة الكهرباء، بعدما شهد العراق تظاهرات حاشدة احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي الناتج عن "التقصير"، وسط موجة حر شديدة.
وذكر بيان للمكتب الإعلامي للكاظمي، أن رئيس الوزراء وجّه وزارة المالية والوزارات الأخرى بتوفير التسهيلات كافة للمعالجة العاجلة للإشكالات التي تعاني منها وزارة الكهرباء، مشيراً إلى أن الاجتماع هو الأول لخلية الأزمة المكلفة بمعالجة مسألة الكهرباء، والتي شكلها الكاظمي، الجمعة.
وذكرت مصادر أمنية أن تفجيرات استهدفت خطوطاً لنقل الكهرباء، وهو ما يتوقع أن يفاقم أزمة الانقطاعات المتكررة للكهرباء التي تشهدها البلاد.
وأضاف بيان مكتب الكاظمي أن الاجتماع ناقش إجراءات من شأنها "منع تكرار ما حدث، وتوفير الطاقة الكهربائية للمواطنين، وإيجاد الحلول السريعة لإضافة وحدات جديدة لزيادة الإنتاج".
وبحث الاجتماع "حماية أبراج الطاقة الكهربائية من استهداف المخرّبين والإرهابيين، إذ قدمت قيادة العمليات المشتركة تقريراً عن إجراءاتها لحماية الأبراج الكهربائية"، وشدد الكاظمي على بذل أقصى الجهود لتعزيز الحماية لأبراج الطاقة.
وأوصى الاجتماع بضرورة تجهيز القدرة عبر خطوط الربط مع الجانب الإيراني، من أجل حل مشاكل انخفاض مستويات الجهد في المنطقة الجنوبية، باعتبار ذلك حلاً سريعاً لأزمة الصيف، وفقاً للبيان.
كما أوصى بتحويل مسؤولية شبكات النقل داخل محطات التوليد من شركات الإنتاج إلى شركات النقل، كل حسب منطقته، وبإلزام دوائر التوزيع في المحافظات تحسين معامل القدرة على شبكاتهم.
احتجاجات وقطع طريق رئيسي
ونظّم مئات العراقيين احتجاجاً في العاصمة بغداد والمحافظات على زيادة انقطاع الكهرباء ونقص إمدادات المياه، بينما تجاوزت درجات الحرارة 50 درجة مئوية في بعض أنحاء البلاد، وخرج نحو 8 محطات طاقة من الخدمة.
وأشارت البيانات الأولية إلى أن 8 محطات لتوليد الطاقة الكهربائية خرجت من الخدمة، وتعد هذه المرة الأولى التي تشهد فيها العاصمة بغداد انقطاعاً للتيار الكهربائي منذ 30 عاماً. وأعلنت وزارة الكهرباء "تمكنها من إعادة التيار الكهربائي في وقت قياسي إلى الخدمة بعد توقف كامل".
وقال مصدر أمني لـ"الشرق" إن عدداً من المتظاهرين خرجوا، السبت، احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي في محافظة ديالى شرقي البلاد، وقطعوا طريق بعقوبة- المقدادية، كما قطع العشرات من أهالي ناحية الوجيهية طريقاً رئيسياً.
وخرجت تظاهرات في عدد من مدن محافظة البصرة، جنوبي العراق، للمطالبة بتوفير التيار الكهربائي. وفي محافظة ذي قار، جنوبي العراق، خرجت تظاهرة احتجاجية أمام محطة الطاقة الحرارية الكهربائية في ذي قار، احتجاجاً على الانقطاعات المتكررة.
وقال مصدر حكومي لـ"الشرق" إن المتظاهرين طالبوا الحكومة بتوفير الطاقة الكهربائية، بعد انقطاعها لساعات طويلة في الأيام الماضية".
وفي محافظة كربلاء، تظاهر العشرات احتجاجاً على انقطاع الكهرباء في المحافظة. وقال مصدر أمني إن محتجين من مناطق مختلفة من المحافظة أقدموا على قطع طريق رئيسي.
وأضاف المصدر أن المحتجين قطعوا طريق الحج البري، وحرقوا إطارات السيارات مطالبين الحكومة بتوفير الكهرباء لمحافظتهم.
سلسلة هجمات
وأدت سلسلة هجمات نفذها مسلحون على خطوط الكهرباء إلى تفاقم الأزمة. وتتهم السلطات "إرهابيين"، يصعب معرفة من يقف وراءهم، بالوقوف وراء تلك الهجمات.
وقال مصدر أمني عراقي لـ"الشرق"، السبت، إن تفجيراً استهدف برجي كهرباء في مدينتي حديثة والقائم بمحافظة الأنبار، غربي العراق، أدى إلى انقطاع تام في التيار الكهربائي في قضاء القائم وناحية الرمانة.
ونقلت قناة "السومرية" المحلية عن مصدر أمني، لم تكشف هويته، أن خطين لنقل الكهرباء استُهدفا مساء الجمعة بالقرب من الموصل.
وقال المصدر إن "خط ملا عبدالله خرج عن العمل من دون معرفة الأسباب"، لافتاً إلى "إطفاء عام للكهرباء في قضاء الدبس بمحافظة كركوك".
وقال المتحدث باسم وزارة النفط، أحمد موسى، في لقاء تلفزيوني مؤخراً: "هناك من يحاول إثارة الشارع لخلق حالة من الإرباك والفوضى" في البلاد.
ودعت قيادة العمليات المشتركة العراقية، الخميس، المواطنين إلى "الإبلاغ عن أي حالة استهداف للأبراج الكهربائية"، مشيرة إلى تخصيص مكافأة مالية مجزية للمتعاونين في هذا الإطار.
وكانت خلية الإعلام الأمني أعلنت، الجمعة، إحباط محاولتين لتفجير أحد أعمدة الكهرباء في جزيرة تكريت.
وقالت الخلية في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية تمكنت من إحباط محاولة تفجير حزام ناسف وعبوة ناسفة موضوعة على أحد الأعمدة الناقلة للطاقة الكهربائية في قرية جوزة بجزيرة تكريت في محافظة صلاح الدين".
وأعلنت خلية الإعلام الأمني، في وقت سابق من الجمعة، إحباط تفجير خط ناقل للطاقة في قضاء بيجي بمحافظة صلاح الدين.
إجراءات خاصة
وأعلنت قيادة العمليات المشتركة، الجمعة، البدء بتطبيق "إجراءات خاصة" للحد من استهداف أبراج الطاقة. وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، إن "قيادة العمليات المشتركة فتحت غرفة عمليات مع وزارة الكهرباء، وبإشراك جميع القوات الأمنية من الجيش العراقي، والشرطة الاتحادية، والحشد الشعبي، وشرطة الطاقة".
وأضاف، بحسب وكالة الأنباء العراقية، أن "القوات الأمنية بدأت بتنفيذ الخطط من خلال القيام بإشراك الطائرات المسيّرة وطائرات القوة الجوية وطيران الجيش العراقي"، مبيناً أنه جرى "تحديد وتشخيص الأبراج والمناطق التي تم استهدافها".
وأشار إلى أن "القوات الأمنية بدأت بإعداد سلسلة من الإجراءات والاحتياطات التي تسهم في تحييد وتحديد مناطق مهاجمة التنظيمات الإرهابية للأبراج الكهربائية"، على حد تعبيره.
إقالة مسؤولين
ووجّه رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الجمعة، بإقالة ومعاقبة مسؤولين في وزارة الكهرباء بسبب التقصير والإهمال، وفقاً لبيان صدر عن الوزارة ونقلته وكالة الأنباء العراقية.
وذكر بيان للوزارة أن "الكاظمي وجّه بإقالة مدير عام الشركة العامة لنقل الطاقة الكهربائية في الفرات الأوسط، وتوجيه عقوبة التوبيخ له، وذلك لإهماله في أداء أعماله وواجباته، ما تسبب بسقوط خطوط نقل الطاقة (400kv)، وحدوث إطفاء (انقطاع) للتيار الكهربائي في عموم المحافظات".
وأضاف البيان أن "الكاظمي وجّه أيضاً باتخاذ إجراءات بحق مسؤولين آخرين في الوزارة بسبب تقصيرهم في المهام الموكلة إليهم، وفتح تحقيق بحالات التقصير والإهمال في بعض مفاصل الوزارة، والتي أدت إلى تراجع تزويد المواطنين بالطاقة الكهربائية وفاقمت من معاناتهم".
كما قرر الكاظمي تشكيل "خلية أزمة" بعدما شهدت أغلبية المحافظات العراقية، الجمعة، انقطاعاً تاماً للتيار الكهربائي، فيما تسجل درجات الحرارة ارتفاعاً قياسياً في معظم مناطق البلاد.