
شكل ترشيح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للقاضية المحافظة إيمي كوني باريت، لشغل مقعد القاضية الليبرالية روث بادر غينسبورغ في المحكمة العليا، عنصراً آخر ضمن قائمة من الملفات الخلافية التي ستشكل محور مناظرة أولى ستجمع الرئيس الجمهوري وخصمه الديمقراطي جو بايدن، الثلاثاء، قبل الانتخابات المرتقبة في 3 نوفمبر المقبل.
ومصادقة الجمهوريين، الذين يشكلون غالبية في مجلس الشيوخ على تعيين باريت شبه محسومة، وهي ستمكّن ترمب من إمالة الدفة في المحكمة العليا إلى اليمين، عشية انتخابات رئاسية محمومة يسعى فيها للفوز بولاية ثانية.
ترمب الذي وصف باريت بأنها "أحد ألمع العقول في مجال القانون وأكثرها موهبة"، رجّح أن يبدأ مجلس الشيوخ في 12 أكتوبر المقبل، جلسات المصادقة على تعيينها، وتصويت المجلس على هذا الترشيح قبل الانتخابات.
وأضاف أن موعد أول جلسة يعود في نهاية الأمر لرئيس لجنة القضاء في المجلس، السيناتور ليندسي غراهام، وهو حليف له. وتابع: "نتطلّع إلى فعل ذلك قبل الانتخابات. لذلك ستسير الأمور بسرعة كبيرة".
في المقابل، اعتبر بايدن أن "على مجلس الشيوخ ألا يبتّ في هذا المنصب الشاغر، ما لم يختر الأميركيون رئيسهم المقبل والكونغرس المقبل".
ويعارض الديموقراطيون البت في التعيين، مشددين على ضرورة انتظار الانتخابات الرئاسية، تجنباً لهيمنة المحافظين على هذه المؤسسة، التي تبت في مسائل رئيسية تهم المجتمع مثل الإجهاض وحق حيازة أسلحة.
وفي حال صادق مجلس الشيوخ على تعيين كوني باريت، الكاثوليكية المتدينة والمعارضة للإجهاض، فسيقتصر وجود الليبراليين في هذه المؤسسة على ثلاثة قضاة من أصل تسعة.
استعدادات للمناظرة الأولى
وطغت مسألة المحكمة العليا على استعدادات ترمب وبايدن لمناظرة أولى ستجمعهما الثلاثاء، في كليفلاند بولاية أوهايو. وبحسب وكالة "أسوشييتد برس"، فإن المناظرات تشكل بالنسبة إلى الناخبين "أهم اللحظات في الأيام الختامية لحملة 2020، وهي فرصة نادرة لملايين الناخبين لمقارنة سياسات المرشحَين وشخصيتيهما، وهما معاً على شاشة التلفزة في أوقات الذروة".
ويتصدر بايدن (77 عاماً) استطلاعات الرأي على صعيد البلاد، كما في معظم الولايات المتأرجحة، التي تبدّل ولاءها بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وتعد حاسمة بالنسبة لنتيجة الانتخابات في 3 نوفمبر.
لكن ترامب (74 عاماً) يخوض حملته الانتخابية بشراسة، إذ يتنقل بين هذه الولايات على متن طائرته الرئاسية "إير فورس وان"، في وقت يتّبع بايدن استراتيجية أهدأ. ومع تاريخه كشخصية استعراضية ماهرة ونقاشاته الحامية، يأمل ترمب بأن تدفع به المناظرة التي ستجري في كليفلاند ليتصدر النتيجة.
لكن بخلاف التودد الذي يقابل به في اتصالاته الأسبوعية مع "فوكس نيوز"، أو الأجواء الداعمة في التجمّعات الانتخابية، سيجد نفسه بمواجهة خصم يصفه علناً بـ"السام".
وقال الخبير الاستراتيجي الجمهوري، ستيف شميدت، الذي لا يخفي معارضته لترمب على شبكة "إم إس أن بي سي": "عندما يصعد جو بايدن إلى مسرح المناظرة، فستكون تلك أول مرة منذ أربع سنوات يحظى الأميركيون فيها بفرصة لمواجهة دونالد ترمب على ما قام به".
وأما بايدن، فسيواجه خصماً يصفه كثيرون بالأكثر استفزازاً على الساحة. وقال مدير مركز دراسات الكونغرس والرئاسة في الجامعة الأميركية، ديفيد باركر "لا يوجد شك فعلياً في أن ترمب سيحاول الإيقاع به".
وأضاف أن "لدى بايدن تاريخاً طويلاً كشخصية يسهل استفزازها، وجاءت معظم زلّاته التي يمكن تذكرها عندما كان يرد على سؤال أو تعليق استفزه".
بايدن وترمب وغوبلز
وأجرت حملة بايدن جلسات مناظرة صورية، شارك فيها بوب باور، وهو مستشار بارز للمرشح الديمقراطي، مؤدياً دور ترمب، وأسلوبه واستراتيجيته المتوقعة، وفق "أسوشيتد برس".
وأقرّ نائب الرئيس الأميركي السابق بأن "الأمر سيكون صعباً"، وزاد في إشارة إلى الرئيس الجمهوري: "أتوقّع هجمات مباشرة، ستكون بغالبيتها شخصية، هذا كل ما يجيد فعله".
واعتبر أن "الشعب يدرك أن الرئيس كاذب"، وشبّهه بوزير الدعاية النازي جوزيف غوبلز. وتابع في مقابلة بثتها شبكة "أم أس أن بي سي": "(ترمب) لا يعرف كيف يناقش الحقائق. ليس ذكياً إلى هذه الدرجة. إنه لا يعرف الكثير عن السياسة الخارجية أو السياسة الداخلية، وليس ملمّاً بالتفاصيل".
ورجّح بايدن أن يستهدفه ترمب بـ "هجمات شخصية وأكاذيب"، معتبراً أنه "يشبه نوعاً ما غوبلز"، وزاد: "إن كذبت طويلاً، ورددت الكذبة مرات، تصبح (الكذبة) معلومات عامة".
قضايا جدلية
وحدد مذيع "فوكس نيوز" كريس والاس، الذي سيدير المناظرة مواضيع عدة تتطرق للقضايا السياسية والاجتماعية الأكثر جدلاً في البلاد.
وتشمل المواضيع سجلات ترمب وبايدن، والمحكمة العليا التي يسعى ترمب لدفعها باتّجاه اليمين، كما تشمل أزمة كورونا وتداعياتها الاقتصادية، إضافة إلى ملف العنصرية والعنف في المدن.
وستدور المناظرة كذلك حول مسألة نزاهة الانتخابات، التي تشير وكالات الاستخبارات إلى أن روسيا خصوصاً "قد تقوضها"، بينما ذكر ترمب أنها "قد تتعرض للتزوير من قبل الديمقراطيين".