
أكدت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" لـ"الشرق"، أنه تم إنهاء خدمة "مجموعة دعم المنطقة" التي كانت تدير 3 منشآت عسكرية في قطر، ونقل المهمة إلى الأردن، ضمن خطة الجيش الأميركي لـ"إعادة تنظيم تركيز القوات" في الشرق الأوسط.
وقالت الوزارة إن التواجد العسكري الأميركي في قطر سيستمر من خلال قاعدة "العديد الجوية"، مشددة على أن الدوحة "شريك حيوي" لواشنطن في المجال الأمني.
وكان الجيش الأميركي أنشأ "مجموعة دعم المنطقة" في قطر عام 1992، وساهمت طيلة 3 عقود في تهيئة العتاد وتوفير الدعم اللوجستي اللازم للعمليات العسكرية بالشرق الأوسط، وكانت نقطة انطلاق أساسية للإمدادات خلال الحرب الأميركية في أفغانستان والعراق.
وكانت المجموعة مسؤولة عن إدارة 3 منشآت عسكرية في قطر، هي قاعدة "السيلية" الرئيسية، والتي تستطيع دعم لوائين مدرعين كاملين بمعداتهما، فضلاً عن معسكر "السيلية" الجنوبية، ونقطة إمداد بالذخيرة تسمى "فالكون".
"إعادة تنظيم"
وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية جيسيكا ماكنولتي لـ"الشرق"، إن "مجموعة دعم المنطقة في قطر خرجت عن نطاق الخدمة يوم 10 يونيو الماضي، وتم نقل مهمتها الخاصة بتوفير الدعم اللوجستي إلى مجموعة دعم المنطقة في الأردن".
وأوضحت ماكنولتي أنه وبإنهاء مهمة مجموعة الدعم في قطر، قام الجيش الأميركي أيضاً بـ"إغلاق منشآتها الثلاث في البلاد".
وأضافت أن الأمر يتعلق بـ" قاعدة السيلية الرئيسي، ومعسكر السيلية - الجنوبية، الذي كان مجمعاً أصغر وأقل ويقع على الحدود القطرية مع المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى فالكون وهي نقطة إمداد بالذخيرة".
وأكدت ماكنولتي على أن هذا القرار هو "جزء من إعادة التنظيم المستمرة لإمكانات الجيش وقواته في الشرق الأوسط".
وشددت المتحدثة على أن "وجود الجيش الأميركي في قطر مستمر بقوة من خلال قاعدة العديد الجوية"، وأكدت أن الدوحة "تظل شريكاً حيوياً للولايات المتحدة في مجموعة واسعة من القضايا الأمنية".
ورداً على مصير القواعد العسكرية بعد انسحاب القوات الأميركية منها، قالت المتحدثة إنه "تم تسليم منشأة فالكون ومعسكر السيلية الجنوبية للحكومة القطرية".
وأشارت ماكنولتي إلى أن قاعدة السيلية الرئيسية "ما تزال مفتوحة، لكن من المقرر أن يتم تسليمها لاحقاً إلى الحكومة القطرية".
أكبر منشآت تخزين خارج أميركا
وقال الجيش الأميركي في بيان إن "مجموعة دعم المنطقة" في قطر كانت مسؤولة عن "أكبر موقع خاص بالتمركز المسبق للأسلحة خارج الولايات المتحدة"، في إشارة إلى قاعدة السيلية الرئيسية.
وتتوفر القاعدة التي دخلت نطاق الخدمة عام 2000 بعد 4 سنوات من البناء، على مستودعات مكيّفة قادرة على إيواء العربات العسكرية، والمدرعات والدبابات والأسلحة، فضلاً عن عتاد الاتصالات الخاص بنحو 11 ألف جندي.
وأوضح البيان أن القاعدة تضم 27 مستودعاً، بمساحة تخزين مغلقة تبلغ حوالي 1.6 مليون قدم مربعة أو 36.3 فدان. وتربط المخازن نحو 6 أميال من الطرق المعبدة، بينما يحيط بها سياج طوله 2.5 ميل.
هل تقف إيران وراء القرار؟
وبينما لم توضح وزارة الدفاع الأميركية الهدف الرئيسي من نقل معداتها وقواتها من قطر إلى الأردن، فإن تقارير أشارت إلى أن التهديدات الإيرانية قد تكون السبب غير المعلن.
وأفاد موقع "Stars and Stripes" الأميركي المتخصص بالشؤون العسكرية بأن هذه الخطوة جاءت من أجل ضمان تموضع أفضل للقوات الأميركية خلال النزاعات المحتملة مع إيران.
ونقل الموقع عن كمران بخاري خبير الأمن القومي والسياسة بمركز السياسة العالمية ومقره واشنطن، القول إن "إغلاق القواعد ونقل المهمة إلى الأردن يمكن أن يفيد الولايات المتحدة في النزاعات المحتملة مع إيران".
ولفت بخاري إلى أن نقل القوات الأميركية إلى الأردن "يقلص تهديد الضربات الصاروخية التي تنفذها الميليشيات المدعومة من إيران في منطقة الخليج"، من قبيل الهجوم الصاروخي الذي استهدف العام الماضي قاعدة الأسد الجوية بالعراق، والذي خلف أكثر من 100 جريح.
دعم الانسحاب من أفغانستان
وبينما تفيد التقارير بأن الأردن قد يتحول إلى نقطة تمركز للقوات الأميركية لصد تهديدات إيران، يبدو أن الولايات المتحدة تسعى لجعل قطر مركزاً لعملياتها الرامية إلى دعم الانسحاب من أفغانستان.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي، الجمعة الماضي، إن وزير الدفاع لويد أوستن وافق على إنشاء مكتب تعاون أمني في قطر يكون رئيسه الجنرال كورتيس بازارد لدعم قوات الدفاع الوطني الأفغانية.
ولفت كيربي إلى أن المكتب الجديد سيدير الدعم التمويلي للدفاع الوطني الأفغاني وقوات الأمن ليشمل مستقبلاً دعم صيانة الطائرات.
والشهر الماضي، كشفت وكالة "رويترز" نقلاً عن 3 مسؤولين غربيين كبار أن مسؤولين في مجال الأمن تحت قيادة حلف شمال الأطلسي "ناتو" تواصلوا مع قطر لتوفير قاعدة يمكن استخدامها لتدريب القوات الخاصة الأفغانية في إطار التزام استراتيجي بعد انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان.
وتعد مسألة تدريب وتجهيز قوات الأمن الأفغانية التي تقاتل حركة طالبان جزءاً أساسياً من مهمة الدعم الحازم لحلف الأطلسي. وتشن طالبان تمرداً منذ الإطاحة بها من السلطة عام 2001.
ونقلت "رويترز" عن مصدر أمني مقيم في واشنطن القول: "قدمنا عرضاً لكن الأمر متروك للسلطات في قطر لتقرر ما إذا كانت مستعدة لاستخدام حلف شمال الأطلسي أراضيها كميدان تدريب".
وتستضيف الدوحة المكتب السياسي لطالبان منذ عام 2013. وأصبحت خلال السنوات الأخيرة المكان الوحيد المعروف الذي أجرى فيه ممثلون عن طالبان محادثات مع مسؤولين أميركيين وممثلين عن حلف الأطلسي وجماعات حقوقية ومسؤولين من الحكومة الأفغانية.
واشنطن تراجع تمركز قواتها
وتأتي هذه التطورات في أعقاب تقارير عن إعادة إدارة الرئيس جو بايدن النظر في مواقع انتشار القوات الأميركية، مع تقليل التركيز على منطقة "الشرق الأوسط الكبير" التي يتمركز فيها حتى الآن نحو ثلث قوات الولايات المتحدة الموجودة في الخارج.
وفي أبريل الماضي أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن مراجعة مستمرة لتموضع القوات الأميركية تم إطلاقها في وقت مبكر من العام الجاري بتوجيه من الرئيس بايدن، بهدف منح أولوية كبيرة لردع الصين، وهو ما قد يعني بحسب الصحيفة، خفض عدد القوات في منطقة الشرق الأوسط، تمهيداً لنشر المزيد منها بمنطقة المحيط الهندي الهادئ.
وأفادت الصحيفة بأن الولايات المتحدة سحبت 3 بطاريات لصواريخ "باتريوت" من منطقة الخليج، وأنها تنقل حاملة طائرات وأنظمة مراقبة أخرى من الشرق الأوسط.
وأكد المسؤولون الأميركيون للصحيفة أن واشنطن "تعيد تموضع قدراتها العسكرية من الشرق الأوسط إلى مناطق أخرى في العالم، وأن قرار إعادة تموضع القوات الأميركية يعني انسحاب آلاف الجنود من المنطقة".
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن "نحو 50 ألف عسكري أميركي كانوا ينتشرون في الشرق الأوسط حتى نهاية 2020"، لافتة إلى أن "عديد القوات الأميركية في المنطقة وصل إلى 90 ألف جندي إبان التوتر مع إيران في عام 2018".
وكشفت الصحيفة أن واشنطن قررت الإبقاء على نظام "ثاد" الصاروخي للدفاع الجوي في المنطقة، لافتة إلى أن النظام المذكور يساعد على الحماية من الصواريخ البالستية".
والشهر الماضي، أكدت مجلة "فورين بوليسي" أن إدارة بايدن مستمرة في مراجعة إعادة تموضع قواتها، لافتةً إلى أن واشنطن أصبحت مهددة بفقدان تفوقها العسكري ضد منافسيها من القوى العظمى في غضون عقد من الزمان، خصوصاً أمام الصين.