
حذرت تقارير أمنية من الخطر "الأمني" الذي يواجهه الساحل الإفريقي، مع استعداد القوات الفرنسية لتقليص وجودها، مشيرة إلى تصاعد العنف في مالي مع تقدم الجماعات المسلحة "المتشددة" في مناطق عدة، وهو السيناريو الذي تشهده أفغانستان، بعد تمكن حركة "طالبان" من السيطرة على أكثر من 80 مقاطعة أفغانية خلال الشهرين الماضيين، عقب إعلان الولايات المتحدة سحب قواتها.
وبعد أكثر من ثماني سنوات من الوجود العسكري المكثف في الساحل، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يونيو، الانتهاء الوشيك لعملية "برخان" العسكرية، وهي قوة فرنسية تم تشكيلها لتعقب المسلحين في الساحل.
وتخطط فرنسا لخفض قواتها (5100 جندي حالياً)، وإغلاق قواعد عسكرية في الساحل، لتصل إلى نحو 3500 خلال عام، ثم 2500 بحلول 2023. وبدلاً من هذه القوة، ستشارك فرنسا في وحدة من القوات الخاصة مع دول أوروبية أخرى، وستكون الدول الإفريقية مسؤولة عن تسيير دوريات في منطقة الساحل، بحسب وكالة "فرانس برس".
وتنشط في مالي جماعات متشددة مرتبطة بتنظيم "القاعدة"، أبرزها "حركة أنصار الدين" التي يتزعمها إياد أغ غالي في شمال البلاد، وجماعات أخرى مرتبطة بتنظيم "داعش" في شمال ووسط البلاد.
"عودة المتشددين"
وكالة "أسوشيتد برس" أفادت في تقرير، الخميس، بأن الجنود الفرنسيين يواجهون تهديداً من المتشديدن في مالي، الذين يحاولون فرض "الحكم المتشدد" الذي سبق أن شهدته المنطقة، قبل التدخل العسكري الفرنسي، منذ أكثر من ثماني سنوات.
وقال التقرير إن سكاناً مصابين بصدمات نفسية "أظهروا ندوباً على أكتافهم وظهورهم، بسبب الجلد الذي تعرضوا له بعد قبل المتشددين".
ورغم سيطرة الحكومة المالية على مناطقة عدة بعد طردها للجماعات "المتشددة"، إلا أن تقرير "أسوشيتد برس"، ذكر أنه "للمرة الأولى منذ عام 2012، قام متشددون ببتر أطراف لصوص مشتبه بهم، معيدين تطبيق الأحكام التي عملوا بها قبل التدخل العسكري الفرنسي".
وقال ليام موريسي، الرئيس التنفيذي لشركة "إم إس ريسك"، وهي شركة استشارات أمنية بريطانية تعمل في منطقة الساحل منذ 12 عاماً، إنه "إذا لم يتم وضع خطة مناسبة، فقد ترتفع وتيرة الهجمات على القوات المحلية في جميع أنحاء المنطقة خلال الأسابيع المقبلة، إذ يحاول المتشددون الاستفادة من الفراغ الأمني".
تهديد طويل الأمد
الاستراتيجية الفرنسية كانت تتمثل في إضعاف "المتشددين"، وتدريب القوات المحلية لتأمين بلادهم. ومنذ وصولها دربت حوالي 18 ألف جندي، معظمهم من الماليين، وفقاً لمتحدث باسم "برخان"، لكن التقدم في هذه العملية بقي بطيئاً.
وذكرت "أسوشيتد برس" نقلاً عن مسؤولين عسكريين أن "المتشددين يشكلون تهديداً طويل الأمد". وقال قائد القاعدة الجوية وممثل عملية برخان في النيجر للوكالة: "على مدى السنوات العشر المقبلة، سيكون هناك إرهابيون في المنطقة".
ويتفق الجنود على أن "هناك حدوداً لما يمكن تحقيقها عسكرياً، ومن دون استقرار سياسي في منطقة الساحل، فإن الأفضلية ستكون للمتشددين".
"أسبوعان لتدمير البلاد"
وحذر علي توري، وهو مالي يعمل في القاعدة العسكرية الفرنسية في غاو، من أنه "إذا غادر الجيش الفرنسي مالي، فإن المتشددين سيدخلون في غضون أسبوعين، ويدمرون البلاد".
وتشهد مالي أعمال عنف دامية منذ سقوط مناطقها الشمالية في 2012، بأيدي جماعات محلية ومسلحين، تم طردهم في العام التالي بفعل تدخّل دولي.
وتسببت أعمال العنف في سقوط آلاف الضحايا، ونزوح مئات الآلاف، رغم تدخل قوات الأمم المتحدة وأخرى أرسلتها فرنسا ودول إفريقية. وخلال أقل من عام، شهدت مالي انقلابين عسكريين على النظام الحاكم.




