
أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن وزارة الدفاع الأميركية، كانت بصدد إعداد إحاطة سرية للملياردير إيلون ماسك، الشهر الماضي بشأن أكثر من 20 برنامج تسليح فائق السرية مخصص لمواجهة الصين، قبل أن يتم إلغاء الخطة بسبب مخاوف أخلاقية وغموض بشأن من أمر بها.
وبحسب مصادر مطلعة نقلت عنها الصحيفة، فإن مساعدي البنتاجون بدأوا إعداد مذكرة كانت ستُعرض على ماسك، تتضمن معلومات عن 29 برنامجاً يحمل تصنيف "برامج الوصول الخاص"، وهي من أكثر الأسرار العسكرية حساسية في الولايات المتحدة.
لكن القائم بأعمال المستشار العام للبنتاجون، تشارلز يونج، تدخّل وأوقف الإحاطة بعد أن اكتشف محتوى المذكرة. وتواصل مع أحد مساعدي وزير الدفاع بيت هيجسيث، الذي كان في زيارة إلى اليابان آنذاك، للاستفسار عمّا إذا كان الوزير قد وافق على مشاركة هذه المعلومات مع ماسك.
وكتب يونج في رسالة نصية اطلعت عليها الصحيفة: "المذكرة مجمدة إلى أن تعودوا وتناقشوا الأمر".
ولم يتلقَّ ماسك الإحاطة في نهاية المطاف. وكان عدد من مسؤولي وزارة الدفاع، قد أبدوا تحفظاتهم على مشاركة تلك المعلومات الحساسة مع ماسك، حليف الرئيس دونالد ترمب، نظراً لمصالحه التجارية الواسعة في الصين.
وتعكس هذه الواقعة حالة من التخبط داخل وزارة الدفاع في بداية فترة هيجسيث، وتتناقض مع تصريحات كل من الوزير وترمب، التي أكدا فيها عدم وجود أي نية لمشاركة معلومات حساسة متعلقة بالصين مع ماسك، وفق "وول ستريت جورنال".
تعارض مصالح
وكان من المزمع تقديم الإحاطة في 21 مارس الماضي، بالتزامن مع زيارة ماسك للبنتاجون للقاء هيجسيث وعدد من كبار القادة العسكريين. ولا يُعرف على وجه الدقة إن كانت المذكرة أُعدّت لتلك الزيارة تحديداً، إلا أن الخطة أُلغيت فور تسرّب الخبر إلى وسائل الإعلام، واطّلاع ترمب عليه.
ولم يصدر أي تعليق من وزارة الدفاع الأميركية أو من ممثل عن إيلون ماسك بشأن خطة الإحاطة السرية التي كانت تُعدّ له، والتي كشف عنها في وقت سابق تقرير لشبكة CNN. وأكد مسؤولون في البنتاجون حينها أنه لم يكن هناك أي اجتماع مخطط له مع ماسك لمناقشة قضايا سرية تتعلق بالصين.
وفي تعليقات للصحافيين، قال ترمب: "من المؤكد أنك لن تعرض ذلك على رجل أعمال"، مشيراً إلى أن لماسك مصالح تجارية في الصين، مضيفاً أن إطلاعه على خطط عسكرية سيكون غير لائق.
وأوضح ترمب أن زيارة ماسك للبنتاجون جاءت بصفته المسؤول عن جهود تحسين كفاءة الحكومة DOGE، وليس لمناقشة ملف الصين.
وبينما اعتقد بعض المسؤولين أن وزير الدفاع بيت هيجسيث، هو من أمر بإعداد الوثيقة السرّية لماسك، أشار آخرون إلى أن موظفين في مكتب نائب الوزير ستيفن فاينبرج قد أساؤوا فهم تعليمات هيجسيث، وبدأوا إعداد الإحاطة قبل أن يتدخل المستشار القانوني تشارلز يونج ويوقفها.
وتُعرف برامج "الوصول الخاص" بأنها أكثر البرامج الأمنية سرية، وتشمل غالباً تكنولوجيا تسليحية متطورة للغاية، ولا يُسمح بالاطلاع عليها إلا لعدد محدود جداً من الأشخاص بموجب مبدأ "الحاجة إلى المعرفة".
وسعى هيجسيث إلى تعزيز علاقته مع ماسك، مستفيداً من قربه من ترمب وتأثيره في إدارة الكفاءة الحكومية، بحسب ما نقلته الصحيفة عن مصادر مطلعة.
غير أن مسؤولين سابقين في الحكومة أعربوا عن رفضهم لفكرة إطلاع ماسك على مثل هذه البرامج السرّية، مشيرين إلى أن امتلاك الشخص تصريحاً أمنياً عالياً لا يعني بالضرورة حقه في الاطلاع على معلومات لا تدخل ضمن نطاق عمله.
وقال جون سيفر، وهو مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية: "الاطلاع على المعلومات لا يُمنح بناء على النفوذ أو المكانة، بل وفق مبدأ الحاجة إلى المعرفة لحمايتها".
إقالة مسؤولين
وحذر محللون من أن أي معلومات تتعلق ببرامج سرّية مخصصة لمواجهة الصين تُعتبر شديدة الحساسية، خاصة إذا كانت تشمل تطوير أسلحة أو تقنيات جديدة.
وعلمت الصحيفة أن عدداً من المسؤولين المشاركين في إعداد الإحاطة، قد أقيلوا أو تم تخفيض رتبهم، على خلفية شبهات بتسريب المعلومات، رغم عدم ثبوت أي أدلة، ضمن حملة تطهير واسعة يقودها هيجسيث.
وبحسب مصادر داخل وزارة الدفاع، فقد هدّد هيجسيث بعض المسؤولين العسكريين بإخضاعهم لاختبارات كشف الكذب، في ظل أجواء من التوتر والقلق المتزايد بشأن ولاء فريقه. كما أجرى تغييرات واسعة في طاقمه المقرب، ما أدى إلى تباطؤ كبير في عمل الوزارة.
وأنكر هيجسيث وجود فوضى داخل البنتاجون، مدافعاً عن قرارات الإقالة والتحركات الأخرى التي قام بها، وقال إنها ضرورية لتنفيذ أجندته.
وأضاف في كلمة ألقاها الأربعاء في كلية الحرب التابعة للجيش الأميركي في بنسلفانيا: "كما قد لاحظتم، تحب وسائل الإعلام أن تسميها فوضى... نحن نُسميها: خطوة تأخرت كثيراً".
وفي واقعة أخرى مثيرة للقلق، تبيّن أن هيجسيث شارك تفاصيل خطط عسكرية أميركية بشأن اليمن عبر مجموعتي دردشة في تطبيق "سيجنال"، إحداهما يديرها مستشار الأمن القومي مايك والتز، والأخرى تضم زوجته ومحاميه الشخصي وآخرين.
وفتحت دائرة المفتش العام في وزارة الدفاع تحقيقاً رسمياً بشأن هذا الحادث، بناءً على طلب من رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ وأبرز أعضائها من الحزب الديمقراطي.
وأكد أحد المصادر أن على الأقل أحد الموظفين الثلاثة الذين أقالهم هيجسيث على خلفية تسريبات مزعومة، سيتعاون مع التحقيق الجاري.