حزب العمال الكردستاني يطوي صفحته.. رحلة حمل السلاح من البداية للنهاية

time reading iconدقائق القراءة - 9
دبي-الشرق

قرر حزب العمال الكردستاني في تركيا، حل نفسه، ونزع سلاحه بعد أكثر من 40 عاماً من الصراع مع الدولة التركية، واستجابة لدعوة زعيمه المحبوس عبد الله أوجلان.

ونشرت وكالة "فرات" للأنباء ما وصفته بالبيان الختامي لمؤتمر عقده حزب العمال الكردستاني الأسبوع الماضي في شمال العراق، استجابة لدعوة وجهها زعيمه المسجون عبد الله أوجلان في فبراير لحل الحزب.

وقالت: "أعلن حزب العمال الكردستاني عن نتائج مؤتمره الثاني عشر، وقرر المؤتمر حل الهيكل التنظيمي لحزب العمال الكردستاني، وإنهاء الكفاح المسلح وجميع الأنشطة التي تتم باسم الحزب".

ووصف متحدث باسم حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قرار حزب العمال الكردستاني بحل نفسه بـ "خطوة مهمة" نحو "تركيا خالية من الإرهاب".

وفي منشور على منصات التواصل الاجتماعي، قال المتحدث إن عملية حل الحزب ستخضع لمراقبة ميدانية دقيقة من قبل مؤسسات الدولة.

وأضاف أن التنفيذ العملي والكامل لقرار حزب العمال الكردستاني سيكون نقطة تحول.

نشأة حزب العمال الكردستاني

بعد سقوط الدولة العثمانية عقب الحرب العالمية الأولى، فشلت جهود الأكراد لإنشاء دولة كردية مستقلة، وتحولوا حينها إلى أقليات في إيران، والعراق، وسوريا، وتركيا، حيث يمثلون 15% من السكان.

وبسبب هذه الإجراءات والتغييرات الاجتماعية التي طرأت لاحقاً، اختارت بعض الجماعات الكردية مسار التمرد خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ومن بينهم حزب العمال الكردستاني، وفقاً للموسوعة البريطانية britanica.

وأسس عبد الله أوجلان، وهو تركي ينتمي إلى القومية الكردية، حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا عام 1978، وترتكز على أيديولوجيا مستقاة من "الماركسية اللينينية"، مع إظهار استعداد الحزب لاستخدام القوة ضد الأكراد الذين يتعاونون مع الحكومة التركية.

وفي أعقاب الانقلاب الذي حدث في تركيا عام 1980، انقسم حزب العمال الكردستاني، وانتشرت قواته في عدة دول مجاورة، فيما سمحت العلاقات مع الحزب "الديمقراطي الكردستاني" العراقي بنقل مقاتلي حزب العمال إلى معسكرات في شمال العراق.

وبدأ حزب العمال الكردستاني تمرداً ضد الدولة التركية عام 1984، وكانت أهدافه في بداية الأمر إنشاء دولة كردية مستقلة، ثم تراجعت إلى زيادة الحقوق الكردية، والحكم الذاتي المحدود في جنوبي شرق تركيا.

وهاجمت القوات التركية في تسعينيات القرن الماضي، بعض قواعد حزب العمال الكردستاني، والتي تسميها أنقرة حينها بـ"الملاذات الآمنة" في إقليم كردستان العراق.

ونشط حزب العمال الكردستاني كذلك في سوريا حتى عام 1998، حين اضطر أوجلان إلى الفرار وسط ضغوط تركية متزايدة.

وحصد الصراع بين قوات "العمال الكردستاني" وتركيا أرواح أكثر من 40 ألفاً معظمهم من المقاتلين، وتركز غالبية القتال في الماضي بالمناطق الريفية جنوبي شرق تركيا الذي تسكنه أغلبية كردية، لكن الحزب شن هجمات أيضاً في المناطق الحضرية.

القبض على أوجلان

وألقت القوات الخاصة التركية القبض على أوجلان (المولود عام 1948) بعد عدة أشهر في العاصمة الكينية نيروبي، وقضت محكمة تركية عليه بالإعدام في 1999، ثم تم تخفيف الحكم إلى السجن مدى الحياة في أكتوبر 2002، بعد أن ألغت أنقرة عقوبة الإعدام.

وبعد القبض عليه خفتت حدة القتال، ما أدى أيضاً إلى عدد من موجات وقف إطلاق النار من جانب حزب العمال الكردستاني وحده، وانسحاب المقاتلين المتمردين من تركيا.

وفي أكتوبر 2007، وافق البرلمان التركي على العمل العسكري لمدة عام واحد ضد أهداف لحزب العمال الكردستاني في العراق، إذ نفذ الجيش التركي سلسلة من الضربات في ديسمبر من ذات العام، كما بدأ عملية برية في فبراير 2008، ولكن بعد قرابة عام، عقد مسؤولون أتراك مع قادة الحزب محادثات سرية من أجل إفساح المجال للحلول السلمية، لكنها تعثرت.

وعاد الجانبان خلال عامي 2011، و2012 لعقد عدة جولات تفاوضية أثمرت في عام 2013 عن طلب حزب العمال الكردستاني من أعضائه بالانسحاب إلى شمال العراق، وإطلاق سراح 8 رهائن أتراك، ووقف إطلاق النار، الذي انهار في يوليو 2015، ما أدى إلى إطلاق العنان لأكثر الفترات دموية في الصراع بين الطرفين، وطال دمار واسع النطاق بعض المناطق الحضرية جنوبي شرق تركيا.

أين تركز الصراع؟

في السنوات القليلة الماضية، انتقل الصراع بشكل كبير إلى شمال العراق المجاور، حيث يوجد لحزب العمال الكردستاني قواعد في مناطق جبلية. ولدى تركيا عشرات المواقع العسكرية.

وشنت أنقرة عمليات ضد المسلحين هناك، تضمنت ضربات جوية بطائرات حربية وبطائرات مسيرة قتالية، وقالت بغداد إن العمليات تنتهك سيادة العراق، ولكنهما اتفقا على تعزيز التعاون في مواجهة حزب العمال الكردستاني، الذي تحظره بغداد.

وتستهدف تركيا أيضاً تنظيم "وحدات حماية الشعب" الكردي في سوريا، وتعتبره تابعاً لحزب العمال الكردستاني، ونفذت عمليات عبر الحدود إلى جانب القوات السورية المتحالفة معها لإبعاد التنظيم عن حدودها.

لكن "وحدات حماية الشعب" تقود قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة من الولايات المتحدة، والشريك الأساسي في التحالف ضد تنظيم "داعش"، ويشكل دعم واشنطن لـ"قسد" مصدراً للتوتر بين واشنطن وأنقرة منذ سنوات.

وتعزز موقف تركيا وتأثيرها في سوريا بعد الإطاحة في ديسمبر الماضي، بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، حيث طالبت بحل "وحدات حماية الشعب"، وطرد قادة التنظيم من سوريا، وهددت بعملية عسكرية تركية "لسحق" الجماعة حال عدم تلبية مطالبها، على حد تعبيرها.

وسعى مسؤولون أتراك، وأميركيون، وسوريون، وأكراد إلى التوصل إلى اتفاق بشأن مستقبل المقاتلين الأكراد السوريين.

قادة حزب العمال الكردستاني

رغم أن أوجلان لم يكن القائد الفعلي للحزب منذ عقود، إلا أنه لا يزال يُحظى باحترام واسع داخله، ويُنظر إليه على أنه زعيمها التاريخي، وشغل منصب "الرئيس الفخري" أثناء وجوده في السجن، أما القيادة الفعلية للحزب، فتتوزع بين القادة المتمركزين في مقره الرئيسي بجبال قنديل، وهي منطقة وعرة شديدة التحصين على الحدود الإيرانية- العراقية.

ومن بين هؤلاء القادة، المعروفين باسم "جماعة قنديل"، مراد كارايلان، وجميل بايك، ودوران كالكان، وغيرهم من الشخصيات البارزة، وغالبيتهم ينتمون إلى نفس الجيل الأيديولوجي لأوجلان، فهم أكراد وُلدوا في تركيا، وتركوا جامعاتهم المرموقة في فترة السبعينيات لتأسيس حزب العمال الكردستاني، بحسب معهد واشنطن.

وقضى أوجلان إلى الآن قرابة 26 عاماً في الحبس الانفرادي في جزيرة إمرالي، وهي جزيرة صغيرة في بحر مرمرة.

ومن خلال وسطاء من حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب" المؤيد للأكراد، يبدو أن أردوغان قد وعد الزعيم البالغ من العمر 75 عاماً، بإمكانية مغادرة الجزيرة إلى الإقامة الجبرية في البر الرئيسي، ولكن بشرط أن يعلن عن حل حزب العمال الكردستاني، بحسب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وهو السيناريو الذي يبدو في طريقه للتحقق.

تصنيفات

قصص قد تهمك