
كتب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال مشاركته في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بالعاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء، نهاية العقوبات الأميركية على سوريا، والتي بدأت قبل نحو 46 عاماً، في خطوة اعتبرتها دمشق "نقطة تحول محورية" للشعب السوري.
وقال ترمب إنه قرر رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا بعد مناقشات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لافتاً إلى عقد اجتماع، الأسبوع المقبل، بين وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، ونظيره السوري أسعد الشيباني.
وأضاف: "حان وقت تألقها. سنوقف جميع (العقوبات). حظاً سعيداً يا سوريا، أظهري لنا شيئاً مميزاً للغاية".
ورحب الشيباني بتصريحات ترمب، واصفاً رفع العقوبات المفروضة على بلاده بأنه "نقطة تحول محورية للشعب السوري، بينما نتجه نحو مستقبل من الاستقرار، والاكتفاء الذاتي، وإعادة الإعمار الحقيقية بعد سنوات من الحرب المدمّرة".
وتنوعت العقوبات الأميركية بين تشريعات أقرها الكونجرس، وأوامر تنفيذية أصدرها الرئيس، وعقوبات أصدرتها وزارة الخزانة بالتشاور مع وزارة الخارجية، وعقوبات تحظر التجارة لأغراض غير إنسانية بين دمشق وواشنطن، فضلاً عن عقوبات أخرى تهدف إلى منع بلدان ثالثة من ممارسة أعمال تجارية مع سوريا.
واستمرت العقوبات على البنك المركزي السوري، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، ما منع وصول النظام المالي السوري إلى النظام المصرفي العالمي، وأعاق أي محاولة لإعادة إنعاش الاقتصاد السوري من خلال النظام المالي الدولي.
"دولة راعية للإرهاب"
كانت الولايات المتحدة صنفت سوريا كـ"دولة راعية للإرهاب" عام 1979، ما أدى إلى فرض عقوبات تشمل حظر الأسلحة والقيود المالية.
ويحظر هذا التصنيف صادرات الأسلحة والمعدات الدفاعية، والتحكم في تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج، إضافة إلى قيود مالية أخرى.
وبحسب الخارجية الأميركية، فإن سوريا مُصنفة كدولة راعية للإرهاب في الولايات المتحدة منذ ديسمبر 1979، عقب الاحتلال السوري للبنان، وما اعتبرته واشنطن "دعماً للجماعات الإرهابية".
كما حرم هذا التصنيف أي دولة من تقديم مساعدات لدمشق.
الأمر التنفيذي 13338
وفي 5 مايو 2004 أصدر الرئيس السابق جورج بوش، الأمر التنفيذي رقم 13338، عقب إقرار الكونجرس قانون "محاسبة سوريا في 2003"، وهو الأمر الذي فرض قيوداً جديدة إلى جانب العقوبات التي كانت مفروضة على سوريا، ومن بينها قيود على تصدير السلع الأميركية إلى سوريا باستثناء المواد الغذائية والأدوية.
لكن الأمر التنفيذي سمح حينها باستيراد أميركا بعض السلع مثل النفط، وأجاز أيضاً الاستثمارات الأميركية في سوريا.
توسيع العقوبات في 2011
ومع اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، بدأت الحكومة الأميركية توسيع العقوبات على دمشق بهدف حرمان حكومة بشار الأسد من الموارد التي تحتاجها لمواصلة العنف ضد المدنيين، والضغط على النظام حتى يسمح بانتقال ديمقراطي للسلطة تماشياً مع مطالب الشعب السوري.
ومن العقوبات التي أقرتها واشنطن عقب 2011 وظلت سارية، تجميد أصول المسؤولين السوريين وغيرهم ممن ثبت تورطهم في ارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان، وحظر التعاملات التجارية الأميركية، والتي نص عليها الأمر التنفيذي رقم 13572 الصادر في 29 أبريل 2011.
وشملت قائمة العقوبات أيضاً، إجراءات إضافية أصدرتها واشنطن في 18 مايو 2011، من خلال الأمر التنفيذي رقم 13573، بتجميد أصول مسؤولين سوريين إضافيين، بينهم بشار الأسد، ورئيس الوزراء، ووزيري الداخلية والدفاع، ومدير المخابرات العسكرية، ومدير فرع الأمن السياسي، رداً على تصاعد عنف الحكومة السورية.
ومن أشد العقوبات التي فرضتها واشنطن وظلت قائمة، تلك التي نص عليها الأمر التنفيذي رقم 13582 الصادر في 18 أغسطس 2011، بتجميد أصول الحكومة السورية، وحظر المعاملات المالية معها، ومنح سلطات إضافية لتصنيف أفراد وكيانات ضمن قوائم العقوبات، وحظر الاستثمارات الجديدة في سوريا من قبل الأشخاص الأميركيين، وحظر تصدير أو بيع الخدمات إلى سوريا من قبل أشخاص أميركيين، وحظر استيراد النفط أو المنتجات النفطية ذات المنشأ السوري، ومنع أي شخص أميركي من الانخراط في معاملات تجارية تشمل النفط السوري أو مشتقاته.
"قانون قيصر"
ومن بين أبرز العقوبات على سوريا أيضاً "قانون قيصر" في عام 2020، والذي استهدف كل من يقدم دعماً اقتصادياً أو عسكرياً للنظام السوري.
ويعد "قانون قيصر"، أحد أكثر القوانين صرامة، إذ يمنع أي دولة أو كيان من التعامل مع الحكومة السورية أو دعمها مالياً أو اقتصادياً.
ويفرض القانون عقوبات على الشركات والمصارف الأجنبية التي تتعامل مع سوريا، ما يجعل من المستحيل تقديم دعم مالي رسمي للإدارة السورية الجديدة دون التعرض لأخطار قانونية، كما يحظر الاستثمارات الأجنبية في سوريا.
وشملت العقوبات على سوريا، عقوبات ثانوية وردت في "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا"، والذي يستهدف الأفراد والكيانات التي تدعم حكومة دمشق، بما في ذلك القطاعات العسكرية والإنشائية والطاقة.
ومكّن التشريع الذي أقره الكونجرس في عام 2019، ودخل حيز التنفيذ في منتصف عام 2020، الحكومة الأميركية من فرض نوع ثالث من العقوبات بخلاف العقوبات "الأساسية" القائمة على القوائم والقطاعات.
وتمتد "العقوبات الثانوية" المسموح بها بموجب القانون، إلى الأفراد غير الأميركيين، والكيانات التي تشارك بشكل كبير مع أي كيانات أو أفراد خاضعين للعقوبات الأساسية.
وكان الكونجرس مرر موازنة وزارة الدفاع للعام المالي 2025 في 12 ديسمبر 2024، ما أدى بالتبعية إلى تجديد "قانون قيصر".
"قانون كبتاجون"
بالإضافة إلى ذلك، أصدرت الولايات المتحدة "قانون كبتاجون" الصادر في عام 2020، والذي يستهدف تجارة المخدرات في سوريا.
كما وقع الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، في 24 أبريل 2024 "قانون كبتاجون 2"، لمكافحة تجارة النظام السوري في المخدرات، واستهداف مهربي المخدرات خاصة الذين يديرون تجارة مخدر "الكبتاجون"، ولا تزال العقوبات المرتبطة به قائمة.
وفرض القانون عقوبات على 8 شخصيات بارزة، من بينهم ماهر الأسد، شقيق الرئيس السابق وقائد الفرقة الرابعة المدرعة بالجيش السوري، وعماد أبو زريق، أحد أبرز القيادات المحلية بالجنوب السوري، ورجل الأعمال عامر تيسير خيتي، عضو مجلس الشعب السابق، ورجل الأعمال طاهر الكيالي، إلى جانب قيادات في الأمن العسكري.