قال خبراء قانونيون إن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لقبول طائرة بقيمة 400 مليون دولار من قطر تثير مجموعة من التساؤلات حول نطاق القوانين المتعلقة بالهدايا من حكومات أجنبية، والتي تهدف إلى مكافحة الفساد والنفوذ غير اللائق.
وكانت تقارير أميركية قد ذكرت أن ترمب يستعد لقبول طائرة بوينج عملاقة فاخرة من طراز 747-8، من قطر، عمرها 13 عاماً، خلال زيارته إلى الشرق الأوسط، وقال مسؤولون أميركيون إنه سيجري تحويلها إلى طائرة رئاسية.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، إن عرض قطر منح الحكومة الأميركية طائرة بوينج لاستخدامها مؤقتاً كطائرة رئاسية، هي "بادرة رائعة"، وإنه لن يرفض "عرضاً كهذا"، فيما قالت الدوحة إن التقارير عن كون الطائرة "هدية" غير دقيقة، وإنه لا قرار اتخذ بعد بهذا الشأن.
ما رأي الدستور الأميركي؟
توجد مادتان في دستور الولايات المتحدة تفرضان قيوداً على تلقي الرئيس مكافأة أو هدية من حكومات أجنبية، أو من حكومات اتحادية أو حكومات ولايات.
وتنص إحداها على ضرورة موافقة الكونجرس على أي هدية من "ملك أو أمير أو دولة أجنبية" إلى مسؤول منتخب في الولايات المتحدة، فيما تنص المادة الثانية، والتي يشار إليها باسم بند "المكافآت الداخلية"، فيحظر على الرئيس تلقي هدية تتجاوز راتبه.
ووافق الكونجرس على هدايا من حكومات أجنبية في الماضي، ففي عام 1877، قبل الكونجرس تمثال الحرية كهدية من فرنسا.
ولم تمنع مادة المكافآت الأجنبية الرئيس السابق باراك أوباما عام 2009 من استلام جائزة "نوبل" للسلام، التي تضمنت 104 ملايين دولار نقداً، دون موافقة الكونجرس.
وخلصت مذكرة صادرة عن مكتب المستشار القانوني بوزارة العدل إلى أن الجائزة لا تخالف الدستور، لأن لجنة الجائزة النرويجية ليست "ملكاً أو أميراً أو دولة أجنبية"، كما تبرع أوباما بأموال الجائزة لصالح أعمال خيرية.
من يملك صلاحية تنفيذ المادتين؟
ذكر تقرير صادر عن دائرة أبحاث الكونجرس أن المحكمة العليا لم تتطرق لمسألة صلاحية تنفيذ المادتين.
وقال خبراء قانونيون إن أعضاء في الكونجرس وحكومات ولايات أميركية وربما بعض الشركات الخاصة قد يحاولون مقاضاة الرئيس، إذا اعتقدوا أن هدية ما تخالف بند المكافآت الأجنبية، لكنهم يواجهون تحديات.
وتشترط المحاكم الأميركية على المدعين أن يكون لديهم صفة قانونية لرفع الدعاوى، ما يعني أنه يجب أن يكونوا طرفاً مؤهلاً لرفع القضية، وهو شرط أساسي لبدء إجراءات التقاضي.
ما رأي المحاكم الأميركية عن المكافآت؟
خلال فترة ولاية ترمب الأولى بالرئاسة، لم تكن هناك قضايا فعلية تتناول المادتين وحتى معنى مصطلح "المكافآت" لا يزال محل نزاع قانوني.
وفي العام 2017، رفع أعضاء ديمقراطيون في الكونجرس دعوى قضائية ضد ترمب، بعد أن قيل إن شركاته العالمية تلقت مدفوعات من حكومات أجنبية، منها عندما استضافت الكويت فعالية في فندق ترمب الدولي بواشنطن.
ورفضت محكمة الاستئناف الأميركية في مقاطعة كولومبيا هذه القضية، قائلة إن أعضاء الكونجرس الذين كان عددهم 215 عضواً يفتقرون إلى الصفة القانونية لرفع دعوى قضائية كمؤسسة لأنهم لا يمثلون أغلبية. وكان الجمهوريون يسيطرون على مجلسيْ الكونجرس آنذاك، كما هو الحال الآن.
ورفضت المحكمة العليا الأميركية في أكتوبر 2020، إعادة النظر في هذا الحكم. ورفع المدعيان العامان لولاية ماريلاند ومقاطعة كولومبيا دعوى مشتركة بشأن المكافآت المتعلقة بأعمال ترمب التجارية خلال ولايته الأولى.
ورفضت لجنة مكونة من 3 قضاة، عينهم رؤساء جمهوريون، من محكمة الاستئناف الأميركية للدائرة الرابعة، القضية وذلك أيضاً لعدم أهلية التقاضي.
وقررت محكمة الاستئناف الأميركية للدائرة الثانية في 2019، أن للمطاعم والفنادق في نيويورك وواشنطن الحق في رفع دعوى قضائية بشأن المكافآت، بدعوى تضررها من منافسة أعمال ترمب. ورُفضت القضية دون التطرق إلى حيثياتها عندما غادر ترمب البيت الأبيض، بعد خسارته انتخابات 2020.
هل تنظم القوانين الأميركية مسألة تلقي الهدايا؟
يحدد قانون الهدايا والأوسمة الأجنبية شروط تلك الهدايا، إذ يسمح للرئيس بالاحتفاظ بأي هدية تقل قيمتها عن 480 دولاراً.
ويمكن قبول الهدايا التي تزيد قيمتها عن تلك القيمة نيابة عن الولايات المتحدة، التي تحتفظ بملكية الهدايا. ويستطيع الرؤساء الاحتفاظ بالهدايا التي تزيد قيمتها عن الحد الأقصى، إذا سددوا للحكومة قيمة الهدية بالسعر العادل في السوق.
هل هناك استثناءات محتملة؟
قد يكون من الممكن قبول وزارة الدفاع للطائرة بموجب قانون يعود لعام 1990 لتنظيم المساهمات في برامج الدفاع.
ويسمح هذا القانون لوزير الدفاع بقبول مساهمات في صورة مال أو ممتلكات من الأفراد والحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية، ويمكن للقوات الجوية، التي تُشغل طائرة الرئيس، استخدامها.
وصرح ترمب بأنه سيتم في نهاية المطاف التبرع بالطائرة لمكتبته الرئاسية، وهي مستودع يضم مواد بحثية تخص إدارته، مضيفاً أنه "لا يعتزم الاحتفاظ بها للاستخدام الشخصي بعد مغادرة منصبه".
ومن غير الواضح ما إذا كان هذا التبرع سيخالف بند المكافآت الداخلية، الذي يمنع الرئيس من قبول هدايا تتجاوز راتبه.