
اختتم وفدا روسيا وأوكرانيا محادثاتهما في إسطنبول، الجمعة، والتي استمرت قرابة ساعتين، وسط جهود دبلوماسية مكثفة وضغوط أميركية لتضييق الفجوة بين الجانبين، من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب المستمرة من أكثر من 3 سنوات.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على منصة "إكس"، إن "اليوم كان مهماً للسلام العالمي. نتيجة للجهود المكثفة عقد الوفدان الروسي والأوكراني اجتماعاً في إسطنبول بوساطة تركية"، موضحاً أن "نتيجة لهذا الاجتماع، اتفقنا على تبادل ألف أسير من كل بلد كإجراء لبناء الثقة".
وأفاد فيدان بأن الطرفين "اتفقا مبدئياً" على اللقاء مجدداً، لافتاً إلى أن تركيا "ستواصل بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام الدائم بين روسيا وأوكرانيا".
وترأس الوفد الروسي في المحادثات فلاديمير ميدينسكي، مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي أشار إلى أن موسكو "راضية" عن نتائج المحادثات، بينما قاد وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف وفد كييف، حيث قال إن الجانبين اتفقا على "تبادل ألف أسير حرب من كل جانب في ختام المحادثات".
واعتبر عمروف أن "الأولوية في محادثات إسطنبول هي ضمان إطلاق سراح أسرى الحرب، والثانية ضمان وقف إطلاق النار"، مضيفاً أن "الخطوة التالية يجب أن تكون محادثات على مستوى القادة".
وأشار عمروف على منصة "إكس"، عقب إجرائه محادثات أخرى مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، والمبعوث الأميركي الخاص كيث كيلوج، ووزير الخارجية التركي، ورئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن، إلى أن "روسيا أظهرت مجدداً عدم اهتمامها بالسلام، ويتجلى ذلك في غيابها عن المحادثات بمستوى تمثيل مناسب، وتجاهلها للمبادرات الدولية، ورفضها إنهاء العدوان".
كما أعرب نائب وزير الخارجية الأوكراني سيرجي كيسليتسيا، عن أمله في أن يلتقي رئيسا البلدين "عاجلاً وليس آجلاً".
طرح رؤية لوقف إطلاق نار
من جهته، أعرب فلاديمير ميدينسكي، رئيس الوفد الروسي في المحادثات، عن "رضا" موسكو عن النتائج، واستعدادها لمواصلة الحوار مع كييف.
وأوضح ميدينسكي، في أعقاب المفاوضات، أن "روسيا وأوكرانيا اتفقتا على تبادل ألف أسير حرب لكل منهما خلال الأيام المقبلة"، في واحدة من أكبر عمليات التبادل من نوعها منذ بداية الصراع.
وأضاف: "بشكل عام، نحن راضون عن النتيجة، ومستعدون لاستمرار التواصل. في الأيام المقبلة، سيكون هناك تبادل ضخم للأسرى بمعدل ألف مقابل ألف"، لافتاً إلى أن "الجانب الأوكراني طلب إجراء محادثات مباشرة بين رئيسي الدولتين. وسجلنا هذا الطلب لدينا".
كما أشار إلى أن "كل طرف يقدم رؤيته لوقف إطلاق نار مستقبلي محتمل، ويشرحها بالتفصيل. وبعد عرض هذه الرؤية، نعتقد أنه من المناسب، كما اتفقنا أيضاً، مواصلة مفاوضاتنا".
ونقلت وكالة "تاس" الروسية عن مصدر مطلع قوله، إنه "لا يوجد سقف زمني واضح ومحدد بشأن تبادل الخطط بين موسكو وكييف بشأن اتفاق وقف النار"، ولكنه أشار إلى "التوصل إلى اتفاق مبدئي لتبادلها"، فيما ذكر مصدر أوكراني لوكالة "رويترز"، أنه "سرعان ما اتضحت الهوة بين الجانبين"، وأن "مطالب روسيا منفصلة عن الواقع، وتتجاوز أي شيء نوقش سابقاً".
وأضاف المصدر الأوكراني، مشترطاً عدم الكشف عن هويته، أن "هذه المطالب تضمنت وضع مهلة نهائية لأوكرانيا للانسحاب من أجزاء من أراضيها في سبيل تنفيذ وقف لإطلاق النار وغيرها من الشروط المستحيلة وغير البناءة".
محادثات ترمب وبوتين
وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو اعتبر، الخميس، أن السبيل الوحيد لتحقيق تقدم في جهود إنهاء حرب روسيا في أوكرانيا هو المحادثات المباشرة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين.
وسئل المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الجمعة، عن تعليقات روبيو فقال: "لا شك أن الاتصالات بين الرئيس بوتين وترمب مهمة في سياق المفاوضات الأوكرانية. ونحن بالطبع نتفق مع هذه الفرضية".
وتحدث بوتين وترمب هاتفياً، لكنهما لم يلتقيا منذ عودة الرئيس الأميركي إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، رغم أنهما أبديا رغبتهما في إجراء محادثات مباشرة.
وأكد بيسكوف، أن موسكو "ترغب في عقد قمة بين بوتين وترمب، لكن مثل هذا الاجتماع يتطلب تحضيراً مسبقاً لضمان نجاحه".
وقال: "يجب الإعداد لقمة. ويجب أن تستهدف تحقيق النتائج، لأن القمة تسبقها دائماً مفاوضات ومشاورات على مستوى الخبراء وتحضيرات طويلة ومكثفة، خاصة إذا كنا نتحدث عن قمة بين رئيسي الاتحاد الروسي والولايات المتحدة".
وأضاف: "اجتماع من هذا القبيل ضروري بالطبع، ضروري من ناحية العلاقات الثنائية الروسية الأميركية بالأساس، ومن ناحية إجراء حوار جاد على أعلى مستوى عن الشؤون الدولية والمشكلات الإقليمية، ومن بينها الأزمة الأوكرانية بالتأكيد".
وتعليقاً على محادثات إسطنبول، قال بيسكوف، إن فريق التفاوض الروسي على تواصل دائم مع موسكو، وإن بوتين يتلقى تحديثات فورية. ويعقد الرئيس الروسي اجتماعاً لمجلسه الأمني الجمعة.
وعقب انتهاء المحادثات، أجرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقادة فرنسا وألمانيا وبولندا، وفقاً لما ذكره المتحدث باسم زيلينسكي.
وأشار زيلينسكي في منشور على منصة "إكس"، إلى أن موقف بلاده "هو أنه في حال رفض الروس وقف إطلاق نار كامل وغير مشروط ووضع حد للقتل، فإنه يتعين فرض عقوبات صارمة عليها"، داعياً إلى "مواصلة تضييق الخناق على روسيا حتى تكون مستعدة لإنهاء الحرب".
وهذه المحادثات التي شهدتها إسطنبول، الجمعة، هي الأولى بين روسيا وأوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات، في الوقت الذي يتعرض فيه الجانبين لضغوط من ترمب لإنهاء أعنف صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، إن مدير تخطيط السياسات مايكل أنطون مثل الولايات المتحدة في محادثات مع وفد روسي في إسطنبول.