
يستعد الحزب الشيوعي الصيني لعقد اجتماع سنوي حاسم في وقت لاحق من هذا العام، لوضع الخطة الخمسية للبلاد، والتي تصوغ السياسات الحكومية في الفترة ما بين 2026 و2030، وسط ضغوط أميركية على الاقتصاد الصيني، والقيود المفروضة على قطاعها التكنولوجي.
وقال الرئيس شي جين بينج إن الاجتماع سينصب على تشكيل خطة الأهداف الاقتصادية والسياسية للبلاد، حسبما ذكرت صحيفة South China Morning Post، الأحد.
وكان شي قد أعلن الاثنين الماضي، أن القيادة المركزية للحزب "ستنظم إعداد مقترح الخطة الخمسية الـ15"، وهو ما تلاه انطلاق مشاورات عامة عبر الإنترنت الثلاثاء، ينتظر أن تستمر لشهر كامل بشأن صياغة الخطة.
وبحسب قواعد الحزب، يتعين أن يحظى المقترح الذي أشار إليه شي بموافقة جلسة عامة للحزب، ثم يتم تفصيله خلال الدورة التشريعية السنوية التي تعقد في مارس من العام المقبل.
وهذا هو أول مؤشر رسمي على موعد انعقاد تلك الجلسة العامة، التي تُعرف باسم "الدورة الرابعة الكاملة"، ويشارك فيها أكثر من 370 عضواً دائماً وبديلاً في اللجنة المركزية للحزب.
وتنتهي الخطة الخمسية الـ14 هذا العام، على أن يجري تقييم الخطة التالية (2026-2030) خلال الجلسة العامة قبل الإعلان عنها رسمياً في مارس 2026.
ووفقاً لوكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا"، تعمل قيادة الحزب حالياً على إعداد مسودة الوثيقة، وتستقبل مقترحات من الكوادر والشعب والأوساط الأكاديمية.
ولم تحدد بكين بعد موعد انعقاد الجلسة العامة لهذا العام. وكانت الإعلانات السابقة المتعلقة بعملية صياغة الخطة الخمسية تُصدر قبل حوالي شهرين من انعقاد الجلسة.
وتُناقش الخطط الاستراتيجية عادةً في الجلسة العامة الخامسة، وليس الرابعة. غير أن بكين قلصت عدد الجلسات العامة بإلغاء واحدة منها، مع استمرارها في عقد جلسة واحدة سنوياً وفقاً لما ينص عليه دستور الحزب.
شي يستعد للاجتماع
ويقول خبراء إن شي وقادة آخرين يجوبون أنحاء البلاد استعداداً لهذا الاجتماع الحاسم، وفق "ساوث تشاينا مورنينج بوست".
وأجرى شي ثلاث جولات تفقدية منذ انعقاد المجلس الوطني لنواب الشعب (المؤتمر الشعبي الوطني) والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني في بكين، المعروف باسم "الجلستين"، في مارس الماضي.
وزار الزعيم الصيني شنغهاي ومحافظتي قويتشو ويوننان في الجنوب الغربي، وفي الأسبوع الماضي، زار مقاطعة هنان الوسطى، حيث شدد على ضرورة الاعتماد على الذات ودعا المسؤولين إلى تعزيز قطاع التصنيع.
والشهر الماضي، أجرى رئيس الوزراء لي تشيانج جولة تفقدية في بكين، دعا خلالها إلى بذل جهود أكبر لتعزيز الطلب المحلي، كما حث المُصدرين على تنويع أسواقهم.
وكان لي قد زار في مارس، مقاطعة فوجيان جنوب شرقي البلاد، حيث دعا الشركات العاملة في التجارة الخارجية إلى تعزيز "قدرتها على مواجهة العواصف"، متعهداً بتقديم دعم حكومي أكبر للقطاع الخاص.
وقال محلل مقيم في الصين، طلب من "تشاينا مورنينج بوست"، عدم الكشف عن هويته، إن مثل هذه الجولات التفقدية تندرج ضمن الاستعدادات لوضع الخطة الخمسية، مشيراً إلى أن عدداً من أعضاء اللجنة الدائمة للمكتب السياسي كُلفوا بمهام محددة خلال جولاتهم إلى مختلف المناطق في الأسابيع الأخيرة.
ومن بين هؤلاء المسؤولين، رئيس البرلمان تشاو له جي، ونائب رئيس الوزراء دينج شياو شيانج، وكلاهما قام بزيارتين تفقديتين منذ مارس، إضافة إلى كبير موظفي الرئيس تساي تشي، الذي زار مؤخراً مقاطعة خبي شمالي البلاد.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أكد دينج خلال زيارة استمرت ثلاثة أيام إلى مقاطعة هوبي وسط البلاد، على أهمية تعزيز الاعتماد على الذات في مجالي العلوم والتكنولوجيا.
وقال المحلل إن الأشهر المقبلة ستكون "حافلة بملفات أخرى على جدول الأعمال"، مرجحاً أن تُجرى بعض النقاشات أيضاً في أغسطس، خلال الاجتماع السنوي غير الرسمي لكبار القادة في منتجع بيدايخه الساحلي.
وفي ظل الضغوط التي تفرضها عوامل عدم اليقين الخارجية على الاقتصاد، تواصل الصين صراعها التجاري والتكنولوجي مع الولايات المتحدة.
وتوصلت بكين وواشنطن هذا الشهر إلى اتفاق مؤقت لتقليص الرسوم الجمركية على السلع المتبادلة بين البلدين لمدة 90 يوماً، في محاولة لتخفيف حدة الحرب التجارية المتواصلة بين أكبر اقتصادين في العالم.
وقال شي ماو سونج، الباحث البارز في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية بجامعة تسينغهوا في بكين، للصحيفة إن إدارات حكومية ومؤسسات بحثية وجامعات في أنحاء الصين أجرت أبحاثاً ودراسات واسعة النطاق لإعداد الخطة الخمسية الجديدة.
وأشار إلى أن اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، وهي أعلى هيئة معنية بالتخطيط الاقتصادي في البلاد، تقود عملية الإعداد، ونظمت عدداً كبيراً من مشاريع البحث بالتعاون مع مختلف الوزارات.
إعادة تشكيل اللجنة المركزية للحزب
وسيُتابع المراقبون الجلسة العامة الرابعة أيضاً بحثاً عن إعلانات تخص تشكيل اللجنة المركزية، حيث من المتوقع أن يُستبدل خمسة أعضاء على الأقل بأعضاء آخرين.
وسيُشكل هذا أعلى عدد من الاستبدالات منذ عام 2017، حين تم إقصاء ما يقرب من 12 عضواً ضمن حملة شي لمكافحة الفساد.
ويُتوقع أن يُطرد هذا العام أربعة مسؤولين كبار، هم جين شيانج جون، المحافظ السابق لمقاطعة شانشي، ولان تيانلي، نائب رئيس الحزب السابق في منطقة قوانجشي تشوانج، ومياؤ هوا، المسؤول السابق رفيع المستوى في الأيديولوجيا في جيش التحرير الشعبي، وجميعهم يخضعون للتحقيق بتهم فساد، بالإضافة إلى وزير الزراعة السابق تانج رينجيان، الذي يواجه اتهامات بالرشوة.
ويُتوقع أيضاً الإعلان عن عضو احتياطي بديل للمدير السابق للجمارك، يو جيانهوا، الذي توفي في ديسمبر الماضي إثر مرض مفاجئ.
وسيترقب الخبراء أيضاً أي إعلانات تتعلق بجين تشوانج لونج، رئيس الحزب السابق في وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات، والجنرال خه ويدونج، النائب الثاني لرئيس اللجنة العسكرية المركزية القوية وعضو المكتب السياسي.
وأُقيل جين من منصبه في فبراير الماضي، بعد شهرين من غيابه عن الأنظار، بينما ظهر خه للمرة الأخيرة علناً في 11 مارس، وغاب عن حضور سلسلة من الفعاليات المهمة، ما أثار التكهنات حول مكان تواجده.