العراق.. عشيرة صدام تدرس خيار المشاركة في الانتخابات

مخاوف من «نبش الماضي»... وفصيل مسلح يرمي ثقله في تكريت

time reading iconدقائق القراءة - 6
صورة غير مؤرخة للقاء زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي مع عدد من الشخصيات في تكريت، العراق - الشرق الأوسط
صورة غير مؤرخة للقاء زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي مع عدد من الشخصيات في تكريت، العراق - الشرق الأوسط
بغداد- فاضل النشميالشرق الأوسط

تحاول عشيرة الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، البحث عن مرشح يمثلها في الانتخابات البرلمانية المقررة نهاية عام 2025، على الرغم من تحفظ شديد تبديه أوساط مؤثرة فيها، بالتزامن مع حراك غير مسبوق تقوده فصائل مسلحة لاستقطاب جمهور محافظة صلاح الدين.

كانت عشيرة البو ناصر، تمتنع عن ترشيح نواب يمثلونها صراحة في البرلمان بسبب العداء المشحون ضدها منذ سنوات، إلى جانب القلق من تعرضهم لمحاولات "نبش الماضي" من قِبل جماعات متنفذة في بغداد.

في الوقت نفسه، لا تزال عائلات بارزة في العشيرة غير قادرة على العودة إلى قرية العوجة التابعة لمدينة تكريت، حيث وُلد صدام حسين؛ نظراً لأن المنطقة تخضع لسيطرة اللواء 35 التابع لـ "الحشد الشعبي".

وخلال الأسبوع الماضي، تزامن حدثان في المحافظة الواقعة شمال بغداد، ذات الغالبية السنية، يمكن اعتبارهما مدخلين لفهم الخريطة الانتخابية؛ إذ التقى أمين "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، عدداً من مشايخ وشخصيات تكريت، مركز صلاح الدين، وأثير لغط بشأنه نيته التحالف مع عشيرة صدام.

في المقابل، كان وجهاء بارزون في العشيرة يعقدون اجتماعات لبحث إمكانية اختيار مرشح من العشيرة يمثلهم في مجلس النواب، وفق مصادر مقرّبة من مشايخ العشيرة، لكنهم لم يتوصلوا إلى أي اتفاق.

وقالت المصادر، إن "عائلات في العشيرة مترددة في خوض هذه التجربة؛ بسبب القلق من تحوّل التنافس السياسي حبل مشنقة (بالمعنى السياسي) لما تبقى من وجود عشيرة صدام".

ويقول تيار في عشيرة صدام إن محاولة إعادة التموضع ضرورية لحل مشكلات مزمنة يعانون منها، أقلها عودتهم إلى معقلهم في العوجة، لكن تياراً آخر يدفع باتجاه الابتعاد عن المسرح؛ لأن الضريبة التي ستدفعها العشيرة من وجود نواب يمثلونها "ثقيلة لا يستطيع أحد دفعها".

ويميل مراقبون إلى الاعتقاد بأن الوقت مبكر جداً على اندماج عشيرة صدام بنجاح في العملية السياسية، من خلال تحالفات مع قوى شيعية.

مع ذلك، يرى المتحدث باسم مجلس شيوخ صلاح الدين، مروان الجبارة، أن "(البو ناصر) يحاولون تغيير أوضاعهم من خلال المشاركة السياسية، وإن كانت رمزية حتى الآن".

وقال الجبارة، لـ "الشرق الأوسط"، إن "العشيرة تفكر في الانخراط في عراق دون صدام حسين، مدفوعين ربما بالتفكير في مستقبل منطقتهم والعودة إليها، باعتبار أنهم يعيشون خارجها وغير مسموح لهم بالعودة"، لكن الأمر ليس سهلاً على الإطلاق.

وأضاف الجبارة أن "عشيرة صدام لا تمتلك حاضنتها السكانية والشعبية".

وأفادت مصادر بأن الكتلة التصويتية لهذه العشيرة بالكاد تلبي أصوات مقعد واحد، أو مقعدين في أفضل الأحوال، ولو حدث أن شاركت العشيرة في الانتخابات فإنها تتنافس على مركز تكريت؛ نظراً لسيطرة فصيل "سرايا السلام" على مدينة سامراء، و"كتائب حزب الله" على مدينتي بلد والضلوعية.

وفي تكريت يتوزع الجمهور السني بين استقطاب قبلي، وهي إلى جانب عشيرة صدام حسين، عشائر الجبور وطي والبو عيسى.

وخلال الجولات الانتخابية شاركت هذه العشائر في تحالفات متحركة، ولم تكن عشيرة صدام طرفاً فيها، ورغم ذلك، تفكر العشيرة في الاندماج السياسي، ويرجّح الجبارة أن "لديها الآن مرشحاً للانتخابات المقبلة".

"العصائب" في تكريت

بعد لقاء الخزعلي بشخصيات من تكريت اشتعل جدل واسع؛ إذ يتعرض زعيم "العصائب" لانتقادات من خصومه السياسيين، بدعوى أنه لجأ إلى التحالف مع "أقارب لصدام حسين" لدوافع انتخابية، في المقابل، تواجه شخصيات سنية اتهامات للعشيرة بأنها على وشك التحالف مع "فصائل شيعية"، وسارع تجمع قبلي في المحافظة إلى نفي التحالف من الأساس.

وجاء في بيان موقَّع باسم "عشائر تكريت": "نود أن ننفي بشكل قاطع ما تم تداوله بشأن دخول عشيرة البو ناصر في الانتخابات ضمن كتلة (صادقون) التابعة لقيس الخزعلي".

وأضافت العشائر في البيان: "نؤكد أن عشيرة البو ناصر لم تتخذ أي قرار بالمشاركة في الانتخابات مع الكتلة المذكورة، وأن أي تصريحات منسوبة إليها لا تمثل رأيها أو موقفها".

ويستبعد الجبارة انخراط "البو ناصر" مع "عصائب أهل الحق" أو أي جهة شيعية أخرى، فهم "يفضلون التحالف مع قوى محلية وازنة في صلاح الدين"، كما استبعدت مصادر مقرّبة من مجلس محافظة صلاح الدين إمكانية نجاح تحالف من هذا النوع.

وقال مصدر، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن "الشخصيات التي التقت الخزعلي لا تتمتع بثقل عشائري أو سياسي، وبالتالي فهي غير قادرة على منافسة القوائم المحلية، حتى في حال تحالفت مع الخزعلي".

وأضاف المصدر أن "عصائب أهل الحق"، رغم نفوذها الأمني في بعض المناطق، "لا تملك القدرة على تغيير اتجاهات التصويت؛ لأن السكان يصوّتون وفق شروط معروفة، لقوائم لا تضم شخصيات من خارج السياق المحلي وجهة مسلحة".

والحال، أن "العصائب" بدأت حملتها الانتخابية مبكراً في صلاح الدين؛ إذ أفادت مصادر محلية بأن الفصيل الشيعي يتحرك لاستقطاب آلاف الشباب من خلال وظائف مدنية وأمنية على أمل بناء كتلة تصويتية في صلاح الدين.

وجاءت هذه التحركات بعد إعلان صهر الرئيس الراحل، جمال مصطفى، قيادة حركة تحمل شعار "الإصلاح والتغيير" ضمن إطار "التجمع الوطني العراقي".

وكان رئيس البرلمان الأسبق، محمود المشهداني، ألمح في وقت سابق إلى إمكانية ترشيح رغد صدام حسين للانتخابات، على خلفية أنها "غير منتمية إلى حزب البعث"، وأن القانون لا يحظر ترشيحها.

هذا المحتوى من جريدة "الشرق الأوسط".

تصنيفات

قصص قد تهمك