روسيا تسابق الزمن نحو "المنطقة العازلة" مع أوكرانيا: نعمل على مسودة اتفاق السلام

موسكو: ننتظر مطالب كييف في المفاوضات.. وأوروبا تعيق التسوية

time reading iconدقائق القراءة - 8
دبي/ موسكو/ كييف -الشرقوكالات

أعلنت الخارجية الروسية، الثلاثاء، أن موسكو تواصل العمل على مسودة "مذكرة تفاهم" تحدد مبادئ اتفاق سلام مستقبلي محتمل لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مشددة على أن المذكرة "ستتضمن مبادئ ومدة التسوية فضلاً عن شروط وقف إطلاق النار"، فيما يواصل الجيش الروسي محاولاته للتقدم في المنطقة الحدودية لإنشاء ما يسمى بـ"المنطقة العازلة"، التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كأولوية للكرملين، الأسبوع الماضي.

وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية، ماريا زاخاروفا، خلال مؤتمر صحافي في موسكو، أن العمل مستمر على المسودة الروسية، وأنه بمجرد الانتهاء من إعداد الوثيقة، سيتم تسليمها إلى أوكرانيا.

وشددت زاخاروفا، على أن مسودة المذكرة ستوضح مبادئ التسوية وشروط وقف إطلاق النار المحتمل، معتبرة أن الاتفاقات في إطار مفاوضات إسطنبول تم التوصل إليها "بصعوبة" بسبب موقف كييف، موجهة اتهامات إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بعرقلة عملية السلام.

وقالت: "تواصل روسيا إعداد مسودة مذكرة تفاهم بشأن معاهدة سلام مستقبلية، تحدد عدداً من المواقف، مثل مبادئ التسوية، وتوقيت اتفاق السلام المحتمل، ووقف إطلاق النار المحتمل لفترة زمنية محددة في حال التوصل إلى اتفاقيات مناسبة".

وأضافت: "نتوقع أن ترسل لنا كييف رؤيتها بعد تسلمها مذكرتنا". ولفتت إلى تزايد هجمات نظام كييف على المواقع المدنية لإظهار قدرتها على "المفاوضات من موقع قوة".

وأكدت أن "نظام كييف" يطالب بتشديد العقوبات على روسيا ومواصلة إمداده بالأسلحة بهدف عرقلة عملية التسوية. وأشارت إلى أن عدداً من المسؤولين الأوروبيين لا يريدون تحقيق التسوية السلمية في أوكرانيا.

مبادئ التسوية المحتملة

وقالت زاخاروفا، إن عملية تبادل الأسرى مع أوكرانيا بصيغة 1000 مقابل 1000، تمت بنجاح بمساعدة بيلاروس وفقاً للاتفاقية المبرمة في إسطنبول. 

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال، عقب اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في وقت سابق من الشهر الجاري، بأن موسكو مستعدة للعمل مع أوكرانيا على مذكرة تفاهم بشأن اتفاق سلام مستقبلي.

وأضاف بوتين، أن المذكرة ستحدد مبادئ التسوية المحتملة، وتوقيت اتفاق السلام المحتمل، وتفاصيل وقف إطلاق النار المحتمل.

وفي 16 مايو، استضافت إسطنبول الجولة الأولى من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، بعد أن اقترح الرئيس الروسي بوتين، استئناف الحوار في 11 مايو الجاري. وبعد أن أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترمب كييف، بقبول اقتراح بوتين فوراً، وافقت أوكرانيا على المشاركة في المحادثات. وقبل ذلك، اشترط زيلينسكي وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً كشرط للمفاوضات مع موسكو.

ونتيجة لذلك، اتفقت موسكو وكييف على تبادل 1000 من أسرى الحرب من كل جانب، وتحديد رؤيتهما لوقف إطلاق النار بالتفصيل، ومواصلة عملية التفاوض. وأعرب كبير المفاوضين الروس، المساعد الرئاسي فلاديمير ميدينسكي، عن رضا الجانب الروسي عن النتيجة.

لكن مع تصاعد حدة التوترات بين روسيا والاتحاد الأوروبي، مع قرار أوروبي بتزويد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى، هددت موسكو بالانسحاب من محادثات السلام، واصفة الخطوة الأوروبية بـ"الخطيرة للغاية".

وقال النائب الأول للمندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، بأن روسيا طلبت عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي لمناقشة التهديد الذي تُمثله الدول الأوروبية التي تسعى إلى عرقلة جهود حل النزاع الأوكراني.

وكتب الدبلوماسي الروسي على تليجرام: "طلبت الدول الأوروبية الراعية لنظام كييف عقد اجتماع بشأن الوضع الإنساني في أوكرانيا الساعة 15:00 مساءً بتوقيت نيويورك (19:00 مساء بتوقيت جرينتش) يوم 29 مايو. وقد قررنا الرد بالمثل وطلبنا عقد اجتماع بشأن التهديدات التي تُشكلها على السلام والأمن العالميين في أعقاب إجراءات عدد من الدول الأوروبية التي تُعيق الجهود المبذولة لحل الأزمة الأوكرانية".

وأضاف: "نتوقع أن تُحدد الرئاسة اليونانية لمجلس الأمن الدولي موعد الاجتماع الساعة 10:00 صباحاً بتوقيت نيويورك (14:00 مساء بتوقيت جرينتش) يوم 30 مايو".

تسريع إنشاء المنطقة العازلة

في غضون ذلك، أعلنت السلطات في منطقة سومي شمال شرق أوكرانيا، الثلاثاء، سيطرة القوات الروسية على أربع قرى في إطار جهودها لإنشاء "منطقة عازلة" قرب الحدود الروسية الأوكرانية.

وأشار حاكم منطقة سومي، أوليه هريهوروف، في منشور على فيسبوك، إلى أن أربع قرى أصبحت تحت سيطرة القوات الروسية الآن، وهي: نوفينكي، وباسيفكا، وفيسيليفكا، وزورافكا. وأضاف أن سكانها نُقلوا منذ فترة طويلة إلى مناطق آمنة.

وكتب هريهوروف: "يواصل العدو محاولاته للتقدم بهدف إنشاء ما يسمى (المنطقة العازلة)". وأضاف أن القوات الأوكرانية "تُبقي الوضع تحت السيطرة، وتُلحق بالعدو أضراراً دقيقة".

وأشار إلى استمرار القتال حول قرى أخرى في المنطقة، بما في ذلك فولوديميريفكا وبيلوفوديف. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت في وقت سابق، الاثنين، أن القريتين أصبحتا الآن تحت سيطرة موسكو.

وتقع منطقة سومي قبالة منطقة كورسك الروسية، حيث شنت القوات الأوكرانية توغلاً حدودياً واسع النطاق في أغسطس الماضي. وتقول روسيا إن القوات الأوكرانية انسحبت من كورسك، لكن كييف تزعم أن قواتها لا تزال موجودة في المنطقة.

عقوبات أميركية على موسكو

ويأتي هذا في وقت تدرس فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فرض عقوبات على روسيا خلال الأسبوع الجاري، في ظل تصاعد إحباطه من استمرار الهجمات الروسية على أوكرانيا، و"بطء وتيرة مفاوضات السلام".

ووفق أحد المصادر، في تصريحاته لـ"وول ستريت جورنال"، فإن العقوبات المحتملة لا يُتوقع أن تشمل النظام المصرفي الروسي، لكن يجري بحث خيارات أخرى للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل تقديم تنازلات على طاولة التفاوض، من بينها وقف لإطلاق النار لمدة 30 يوماً.

ولم تستبعد المصادر التي وصفتها الصحيفة بـ"المطلعة"، أن يتراجع ترمب في نهاية المطاف عن فرض أي عقوبات جديدة.

 وفي تصريح أدلى به، الأحد، قال ترمب إنه "يفكر بالتأكيد" في فرض عقوبات جديدة، وأضاف: "إنه يقتل الكثير من الناس"، في إشارة إلى بوتين، متابعاً: "لا أعرف ما خطبه، ماذا حصل له بحق الجحيم؟".

محاولة أخيرة قبل الانسحاب من الوساطة

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن المصادر المطلعة، أن ترمب بدأ يشعر بالضيق من مسار مفاوضات السلام، ويفكر جدياً في الانسحاب منها تماماً إذا لم تنجح "محاولته الأخيرة" في تحقيق تقدم، وهو تحول لافت في موقف رئيس تعهد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الصراع في يومه الأول بالبيت الأبيض.

ولا تزال تبعات أي انسحاب أميركي من جهود السلام غير واضحة، بما في ذلك ما إذا كان ترمب سيواصل تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا. 

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، لصحيفة "وول ستريت جورنال": "الرئيس ترمب كان واضحاً في رغبته بالتوصل إلى اتفاق سلام عن طريق التفاوض"، مضيفة: "كما أنه يتصرف بذكاء بإبقائه كل الخيارات مطروحة على الطاولة". 

وتُظهر التطورات الأخيرة تدهوراً جديداً في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، رغم التقلبات التي شهدتها تلك العلاقة خلال الأشهر الماضية.

تصنيفات

قصص قد تهمك