تلويح ماسك بتقليص تمويله السياسي يثير "مخاوف انتخابية" بين الجمهوريين

time reading iconدقائق القراءة - 9
إيلون ماسك يستمع إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب وهو يتحدث في البيت الأبيض. 11 فبراير 2025 - Reuters
إيلون ماسك يستمع إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب وهو يتحدث في البيت الأبيض. 11 فبراير 2025 - Reuters
دبي -الشرق

يواجه الحزب الجمهوري الأميركي، احتمال خسارة أحد أكبر مصادر تمويله، بعدما أعلن الملياردير إيلون ماسك، نيّته تقليص إنفاقه السياسي، خلال المرحلة المقبلة، ما يضع علامات استفهام بشأن مستقبل دعم الحملات الجمهورية. 

وقال ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، الأسبوع الماضي، إنه يخطط للحد من إنفاقه بعد مساهمته بمئات الملايين من الدولارات في انتخابات 2024، في خطوة قد تُحدث فجوة كبيرة في تمويل الحزب الجمهوري خلال الدورات المقبلة، وفق موقع "ذا هيل" الأميركي. 

ويأتي هذا التراجع وسط مؤشرات على ابتعاد ماسك عن البيت الأبيض في عهد الرئيس دونالد ترمب، وتحوّله للتركيز بشكل أكبر على أعماله التجارية. ورغم ذلك، لا يزال كثيرون في الأوساط السياسية من الحزبين يشككون في إمكانية انسحابه الكامل من الساحة السياسية. 

من جهته، اعتبر المستشار الجمهوري، أليكس كونانت، أن انسحاب ماسك المحتمل "يثير القلق"، مشيراً إلى أن دعم المتبرعين الكبار لا يُعتبر أمراً مضموناً، بل يجب كسبه في كل دورة انتخابية. وأضاف: "إذا برز مرشح رئاسي في 2028 يثير حماسة ماسك، فقد يعود ويضاعف دعمه". 

دور محوري

ويواصل ماسك، أغنى رجل في العالم بثروة تبلغ 420 مليار دولار، وفق مجلة "فوربس"، لعب دور محوري في الإدارة الأميركية الجديدة، بعد إنفاقه ما لا يقل عن 250 مليون دولار لدعم حملة الرئيس دونالد ترمب عبر لجنة عمل سياسي.  

ومع عودة ترمب إلى المكتب البيضاوي، تولى ماسك دوراً غير مسبوق في البيت الأبيض، مثيراً جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والإدارية. 

وكُلِّف ماسك بقيادة "إدارة كفاءة الحكومة"، والتي تهدف إلى تقليص النفقات الحكومية وتخفيض القوى العاملة في المؤسسات الفيدرالية. وأثارت الإجراءات التي تبنّاها موجات من الصدمة داخل أجهزة الدولة، وسط احتجاجات حادة وانتقادات لاذعة. 

ويمتلك ماسك مكتباً دائماً في مجمع البيت الأبيض، وسبق أن قضى ليال في "غرفة لينكولن"، واصفاً علاقته بالرئيس بأنها "صداقة قوية". كما أصبح وجهاً مألوفاً في اجتماعات الحكومة والوفود الدبلوماسية، رغم أنه لا يحمل صفة رسمية كعضو في مجلس الوزراء. 

وقال المستشار الجمهوري أليكس كونانت: "لا أعتقد أننا شهدنا من قبل شخصاً بلا منصب رسمي يتمتع بهذا القدر من التأثير. إنه يحضر اجتماعات الحكومة، ويسافر مع الرئيس، ويملك مكتباً هناك. إنها حالة فريدة للغاية على الأرجح لن تدوم طويلاً". 

يذكر أن صفة ماسك كـ"موظف حكومي خاص" تتيح له العمل لمدة لا تتجاوز 130 يوماً. ومع تصاعد الضغوط للتركيز على شركاته، يواجه ماسك تحديات متزايدة، خصوصاً بعد موجة احتجاجات عنيفة استهدفت معارض ومحطات شحن تسلا، وسط غضب من سياسات "إدارة الكفاءة". 

تراجع أعمال ماسك

وشهدت تسلا تراجعاً حاداً في مبيعاتها خلال الربع الأول من العام الجاري، بينما أظهر استطلاع أجراه موقع "أكسيوس" بالتعاون مع شركة Harris Poll، انخفاضاً في السمعة التجارية لكل من تسلا وسبيس إكس

وقال ماسك في منتدى قطر الاقتصادي، الأسبوع الماضي: "فيما يتعلق بالإنفاق السياسي، سأقوم بمهام أقل كثيراً في المستقبل. أعتقد أنني فعلت ما يكفي". 

وعندما سُئل عما إذا كان هذا القرار ناتجاً عن ردود فعل سلبية، أجاب: "إذا رأيت سبباً للإنفاق السياسي في المستقبل، فسأفعل ذلك. لكنني لا أرى حالياً سبباً". 

وعلّق الخبير الاستراتيجي الجمهوري، أليكس كونانت، على تصريحات ماسك، قائلاً: "أعتقد أنه يشعر بالكثير من الضغوط من أصحاب المصالح الآخرين، خاصة المستثمرين في تسلا، لإعادة التركيز على أعمال السيارات. وهو يقول لهم بالضبط ما يريدون سماعه. لكن لا يوجد ما يمنعه من تغيير رأيه". 

وأشار الاستراتيجي الجمهوري، برايان سايتشيك، إلى أن ماسك "يتمتع بترف تغيير رأيه في أي لحظة" بشأن الإنفاق السياسي. 

وأضاف: "بينما أؤمن تماماً بأن موقفه اليوم قد لا يكون موقفه غداً، وهو لديه الحرية أن يشعر بالغضب أو الانزعاج أو الإلهام في الأشهر القادمة ويقرر الإنفاق". 

وفي حال كان ماسك جاداً في تقليص إنفاقه السياسي، فإن منظمي جمع التبرعات سيشعرون بقلق كبير من فقدان الدعم المحتمل لهذا المتبرع الكبير في انتخابات التجديد النصفي، حيث سيضطر الجمهوريون إلى القتال للحفاظ على أغلبية ضئيلة في الكونجرس. 

وأضاف سايتشيك: "غياب ماسك سيُقلل من موارد الجمهوريين المالية، لكنه لا يعني أنهم سيعانون من نقص كامل في الأموال". 

ودفع الاستراتيجي الجمهوري، رون بونجيان، بأنه إذا تخلى ماسك عن دوره، "يمكن لترمب ملء الفراغ بسرعة". 

وقال بونجيان: "يمكن لترمب الآن جمع هذا النوع من الأموال بسرعة كبيرة. أعتقد أن جهوده ستعوض غياب ماسك، وربما تتفوق عليه بفارق كبير". مع ذلك، أشار أيضاً إلى أن ماسك "يمكنه بسرعة تغيير اتجاهه والعودة إلى ميدان جمع التبرعات في السنوات المقبلة". 

عبء سياسي؟

وخسر ماسك اختباراً هاماً في سباق المحكمة العليا بولاية ويسكونسن في أوائل أبريل الماضي، حيث ضخ ملايين الدولارات لدعم المرشح المحافظ وزار الولاية، وقام بتوزيع شيكات بقيمة مليون دولار على اثنين من الحضور في اجتماعات محلية قبل توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع. 

ورغم جهود ماسك، فاز المرشح الليبرالي، مما دفع الديمقراطيين إلى مهاجمة ماسك الذي قلل من أهمية النتيجة. 

وقال براندون شولتز، الاستراتيجي الجمهوري المخضرم في ولاية ويسكونسن: "بسبب كمية المال التي أنفقها، والطريقة التي شارك بها، ومدى انخراطه في السباق، أصبح السباق يدور تقريباً حوله هو بدلاً من المرشح"، وأضاف: "أصبح ماسك شخصية سامة إلى درجة أن الديمقراطيين كانوا يحتفلون بانتصاره فرحين". 

ورغم أن كثيراً من الجمهوريين استبعدوا اعتبار ماسك "عبئاً سياسياً"، إلا أن شولتز اقترح أن يكون "من الأفضل للحزب أن يتوقف ماسك لفترة عن المشاركة السياسية البارزة، خصوصاً مع الجدل المحيط بمبادرة إدارة الكفاءة وإدارة ترمب، ليعيد تقييم دوره السياسي في المستقبل". 

وقال شولتز: "إذا تخلصوا من الفوضى التي حدثت في ويسكونسن، وأعادوا صياغة الرسالة وأداروا عودته للمنافسات الانتخابية بشكل مدروس، فقد يتمكن مع الوقت من التخلص من الوصمة السلبية. ويمكنه مع الوقت أن يتراجع في الظهور الإعلامي". 

من ناحية أخرى، يعتمد الديمقراطيون على أن ماسك سيكون عبئاً على مرشحي الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي، حيث يتعرض المرشحون لضغوط من ناخبيهم بسبب جهود "إدارة الكفاءة" ودور ماسك في البيت الأبيض. 

وقال الاستراتيجي الديمقراطي، أنتجوان سيووريت: "حتى إذا خفف ماسك نشاطه السياسي، فإن الضرر قد وقع بالفعل، ويمكن للديمقراطيين استغلال ذلك". 

وأضاف: "سيكون من الخطأ ألا نجعله عبئاً سياسياً مستمراً في الأيام والأسابيع والأشهر والانتخابات القادمة، لأن آثار فترته لن تختفي فقط لأنه لم يعد في المنصب، وعدم ظهوره المباشر لا يعني أنه لا يتحرك بطريقة لا تصل للعيون السياسية". 

"متربص في الخفاء"

أما بالنسبة لدور ماسك الحكومي، فيتوقع مسؤولون من كلا الطرفين أنه سيظل شخصية مؤثرة في واشنطن، رغم أنه يعلن تركيزه على أعماله التجارية. 

وأشار النائب جريج كاسار، ديمقراطي من تكساس، إلى أن ماسك زار مؤخراً مبنى الكابيتول لعقد لقاءات مع الجمهوريين حول قضايا الطاقة والذكاء الاصطناعي.

وقال كاسار على منصة التواصل "إكس": "إيلون ماسك لم يختف، ولا يمكننا السماح للجمهوريين بالتظاهر بذلك فقط لأنه أصبح غير محبوب الآن. علينا الاستمرار في الضغط حتى يتم فعلاً إقالته". 

وتساءل النائب مارك بوكان، ديمقراطي من ويسكونسن: "هل يصدق أحد فعلا أنه يتراجع؟"، معتبراً أن ماسك "مجرد متربص في الخفاء، لكنه لا يزال في الغرفة". 

وقال الاستراتيجي الجمهوري، براين سايتشيك: "بالتأكيد لن يختفي. ربما يتغير تأثيره اليومي، لكنه سيستمر في أن يكون له صوت في هذه الإدارة".

وأضاف الاستراتيجي الجمهوري، رون بونجيان: "أعتقد أنه سيستمر في القيام بأدوار متعددة. لا أظن أنك سترى أنه يعيش في غرفة لينكولن يومياً، لكنه أسس لنفسه وجوداً في واشنطن، وسيكون حاضراً أكثر مما نعتقد".  

تصنيفات

قصص قد تهمك