أزمة ثقة بين البيت الأبيض والبنتاجون وسط تحقيق في تسريب وثيقة سرية وإقالات

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح وزير الدفاع بيت هيجسيث خلال فعالية في قاعدة سيلفريدج للحرس الوطني الجوي في بلدة هاريسون بولاية ميشيجان. 29 أبريل 2025 - REUTERS
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح وزير الدفاع بيت هيجسيث خلال فعالية في قاعدة سيلفريدج للحرس الوطني الجوي في بلدة هاريسون بولاية ميشيجان. 29 أبريل 2025 - REUTERS
دبي-الشرق

قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن البيت الأبيض فقد الثقة في تحقيق وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) بشأن تسريب وثيقة عسكرية سرية، استخدمه وزير الدفاع بيت هيجسيث لتبرير إقالة ثلاثة من كبار مساعديه الشهر الماضي، بعد أن أبلغت الوزارة مستشاري الرئيس دونالد ترمب بأن الكشف عن التسريب، جاء من خلال عملية تنصت غير قانونية من قبل وكالة الأمن القومي.

وأثار احتمال استخدام عمليات تنصت غير قانونية قلق مستشاري ترمب، الذين أثاروا الأمر أيضاً مع أشخاص مقربين من نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس؛ لأن مثل هذا التنصت سيكون على الأرجح "غير دستوري وفضيحة أكبر" من عدد من التسريبات.

لكن المستشارين اكتشفوا أن الادعاء بوجود عملية تنصت "غير صحيح"، واشتكوا من تلقيهم معلومات مشكوك فيها من قِبل المحامي الشخصي لهيجسيث، تيم بارلاتوري، والذي كُلّف بالإشراف على التحقيق.

وقال أربعة أشخاص مطلعين، للصحيفة إن مزاعم وجود عملية تنصت غير قانونية ثم اكتشاف كذب هذه المزاعم، أصبح التحول الأكثر غرابة في التحقيق الذي فحص تسريب وثيقة سرية للغاية إلى أحد الصحافيين، حددت الخيارات المتاحة للجيش الأميركي لاستعادة قناة بنما.

وأصيب مستشارو البيت الأبيض بالحيرة، عندما أنكر المحامي الشخصي لهيجسيث أنه تحدث عن وجود عملية تنصت غير قانونية، وأكد أن أي معلومات كانت لديه "تم تمريرها إليه من قبل آخرين في البنتاجون".

ونُسب التسريب في البداية داخلياً إلى المستشار البارز لهيجسيث، دان كالدويل الذي تم طرده من البنتاجون مع مساعدين آخرين، وهما نائب كبير موظفي هيجسيث دارين سيلنيك، وكبير موظفي نائب وزير الدفاع كولن كارول.

انهيار الثقة 

وأدى الادعاء بشأن التنصت غير القانوني وإنكار كالدويل لمسؤوليته عن التسريب، إلى انهيار الثقة بين البنتاجون والبيت الأبيض، حيث أشار مستشارو ترمب الذين يتابعون التحقيق سراً إلى أنهم لم يعودوا متأكدين مما إذا كانوا يعرفون من يجب تصديقه أو ما الذي ينبغي تصديقه.

وقال أحد مستشاري ترمب لهيجسيث إنه "لا يعتقد أن كالدويل، أو أي من المساعدين المفصولين، قد سربوا أي شيء، وأنه يشتبه في أن التحقيق قد استُخدم للتخلص من المساعدين المتورطين في صراع داخلي مع كبير موظفيه الأول جو كاسبر".

وقالت "الجارديان"، إنه من شبه المؤكد أن يزيد الوضع المتوتر بين البينتاجون والبيت الأبيض، الضغوط على هيجسيث قبل جلسة استماع في مجلس الشيوخ الشهر المقبل، وكذلك، الضغوط على مكتبه، الذي يعاني من اضطرابات؛ بسبب التحقيق في التسريب الذي استمر الآن لمدة شهر تقريباً دون أي أدلة جديدة أو إحالة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي.

وأدى هذا الخلاف إلى ترك هيجسيث من دون رئيس أو نائب لرئيس الموظفين، حيث يعتمد الآن على ستة مستشارين كبار لتسيير شؤون مكتبه، الذي يضطلع بتحديد توجهات وزارة الدفاع التي تبلغ ميزانيتها ما يقارب تريليون دولار وتشرف على أكثر من مليوني جندي.

وفي حين أن المساعد العسكري السابق لهيجسيث، ريكي بوريا، تولى فعلياً مهام رئيس الموظفين، فقد منعه البيت الأبيض من تثبيته رسمياً في هذا المنصب بسبب قلة خبرته ومشاركته في الخلافات الداخلية في المكتب.

وذكر متحدث باسم البيت الأبيض في بيان أن "الرئيس ترمب واثق من قدرة الوزير على ضمان تركيز القيادة العليا في وزارة الدفاع على استعادة جيش يركز على الجاهزية والقدرة القتالية والتميز".

وينظر إلى الريبة بين مستشاري ترمب بشأن هيجسيث على نطاق واسع على أنها "نتاج لعدة تطورات بدأت بعد وقت قصير من تعليق عمل كالدويل، وسيلنيك في 15 أبريل، تلاها تعليق عمل كارول في 16 أبريل، وفقاً لسبعة أشخاص مطلعين على الأمر".

"شائعات في البنتاجون"

وبعد أن تم فصل المساعدين في 18 أبريل الماضي، أصدروا بياناً مشتركاً نفوا فيه ارتكاب أي مخالفات، وتلقى البيت الأبيض بعدها أول إحاطة بشأن عمليات الفصل.

وفي تلك المرحلة، قيل لعدد قليل من مستشاري ترمب في الجناح الغربي وأماكن أخرى، إن هناك أدلة تشير إلى أن كالدويل طبع وثيقة عن خطط عسكرية أميركية بشأن قناة بنما مصنفة على مستوى سري للغاية، والتقط صورة لها وأرسلها إلى أحد المراسلين باستخدام هاتفه الشخصي.

وشعر المستشارون بالقلق في الأسابيع التالية، بعد ظهور كالدويل في بودكاست تاكر كارلسون، مقدم البرامج السابق في قناة "فوكس نيوز"، إذ ندد بفصلهم باعتباره نتيجة لسياسات داخلية في البنتاجون، وزعم أن التحقيق أصبح سلاحاً ضدهم.

ثم علموا لاحقاً بشائعة في البنتاجون تفيد بأن مكتب التحقيقات الخاصة بالقوات الجوية (OSI)، الذي كان يحقق في القضية منذ أسابيع، ربما تمكن من تحديد الوثيقة المسرّبة المتعلقة بقناة بنما استناداً إلى كونها مسودة تفتقر إلى بعض التفاصيل التي تضمنها الإصدار النهائي من الوثيقة.

وبحسب ما ورد في تلك الشائعة، فإن هذه الوثيقة دفعت مكتب التحقيقات الخاصة بالقوات الجوية إلى تركيز تحقيقه على مساعدين من المستوى المتوسط كانوا يعملون في القيادة الجنوبية أو القيادة المركزية الأميركية أو لدى هيئة الأركان المشتركة، ولم يُطلب منهم التركيز على أنشطة المساعدين الثلاثة الذين أُقيلوا إلا في عطلة نهاية الأسبوع التي تلت طردهم من مناصبهم.

ولم يتضح فوراً ما إذا كانت الشائعة صحيحة أو حتى من أين نشأت، لكن يبدو أنها دفعت البيت الأبيض إلى الضغط على بارلاتوري للكشف عن الأدلة ضد كالدويل، بما في ذلك كيفية معرفة البنتاجون بما كان موجوداً على هاتفه.

الأدلة الأساسية 

في البداية، رفض تيم بارلاتوري محاولات الحصول على أدلة، وقال إنه من غير المناسب للسلطة التنفيذية أن تتدخل في تحقيق جنائي جارٍ، قد يؤدي إلى توجيه تهم.

لكن في أواخر أبريل، ووفقاً لما شاركه مستشارو ترمب داخل البيت الأبيض، ألمح بارلاتوري إلى أن هاتف دان كالدويل قد تم التنصت عليه دون أمر قضائي.

وأنكر بارلاتوري هذا الادعاء عند مواجهته مع زملائه، وأكد خلال التحقيق أنه لم ينقل سوى معلومات أُطلع عليها من آخرين، وفي اتصال هاتفي، الاثنين، أحال بارلاتوري الأسئلة إلى المكتب الصحافي للبنتاجون.

وأصيب مستشاري ترمب بالذهول من هذا الادعاء، وأبلغوا هيجسيث في نهاية المطاف أنهم يشعرون بالقلق إزاء صورة بارلاتوري، الذي كان مقرباً من رئيس الأركان السابق جو كاسبر، وهو يجري تحقيقاً استهدف أعداء كاسبر المفترضين في المكتب.

تصنيفات

قصص قد تهمك