
تخطط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزيادة مبيعات الأسلحة إلى تايوان إلى مستوى يتجاوز الوتيرة التي حددها ترمب خلال ولايته الأولى، في خطوة نددت بها الصين التي طالبت واشنطن بالتوقف عن بيع الأسلحة إلى الجزيرة، و"التسبب في زيادة التوتر بمضيق تايوان، حسبما أوردت "بلومبرغ".
وقال مسؤولان أميركيان مطلعان لوكالة "رويترز"، إنهما يتوقعان أن تتجاوز الموافقات الأميركية على مبيعات الأسلحة إلى تايبيه خلال السنوات الأربع المقبلة تلك التي تمت خلال ولاية ترمب الأولى، ومن المتوقع أن تركز حزم الأسلحة الجديدة على الصواريخ والذخائر والطائرات المسيرة.
وبحسب تقرير صدر عام 2024 عن معهد "كاتو" الأميركي، فقد شهدت ولاية ترمب الأولى، 22 إخطاراً بمبيعات عسكرية لتايوان بقيمة 18.65 مليار دولار، بما في ذلك القضايا المتراكمة وتمويل صيانة الأنظمة الحالية، مقارنةً بنحو 8.7 مليار دولار خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
ورداً على سؤال بشأن التقارير عن نية الولايات المتحدة زيادة صادراتها من الأسلحة إلى تايبيه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان في مؤتمر صحافي إن بكين "تعارض هذه الصفقات بشدة، وتحض واشنطن على الالتزام بمبدأ الصين الواحدة، ووقف بيع الأسلحة إلى تايوان".
وأضاف: "نحض الولايات المتحدة على التوقف عن خلق عوامل جديدة من شأنها أن تقود إلى التوتر في مضيق تايوان".
وذكرت "رويترز"، أن رفع الولايات المتحدة لمستوى صادرتها لتايوان، قد يهدئ المخاوف بشأن مدى التزام ترمب تجاه الجزيرة، كما سيؤدي إلى صدع جديد في العلاقات الصينية الأميركية.
وقال المسؤولان الأميركيان إن الولايات المتحدة تضغط على أعضاء من أحزاب المعارضة في تايوان، لعدم معارضة جهود الحكومة لزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3% من الموزانة.
ويهدف رئيس تايوان، لاي تشينج تي، وحزبه الديمقراطي التقدمي إلى زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من خلال ميزانية دفاع خاصة، لكن برلمان الجزيرة، الذي تسيطر عليه أحزاب المعارضة، الكومينتانج (KMT) وحزب الشعب التايواني (TPP)، أقرّ تخفيضات في الميزانية في وقت سابق من هذا العام، ما هدد بتقليص الإنفاق الدفاعي.
وأثار ذلك مخاوف في واشنطن، إذ قال أحد المسؤولين الأميركيين لـ"رويترز": "نوجه رسالة قوية في تايبيه إلى المعارضة: لا تتدخلوا في هذا الأمر. هذه ليست مسألة حزبية تايوانية، بل مسألة بقاء تايوان".
والولايات المتحدة هي أهم حليف دولي ومورد للأسلحة إلى تايوان، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين الطرفين، بموجب سياسة الغموض الاستراتيجي الأميركية تجاه الجزيرة.
وقال مسؤولون أميركيون لـ"رويترز"، إن الإدارة الأميركية وترمب نفسه "ملتزمون بتعزيز ردع قوي" لتايوان ضد الصين.
وتابع المسؤول: "هذا هو موقف الرئيس، وموقفنا جميعاً"، مضيفاً: "نعمل مع تايوان بشأن مشترياتها من الأسلحة، ما أن تؤمن التمويل اللازم لها".
تذبذب في علاقات واشنطن وبكين
وتأتي هذه الأنباء، في وقت يزور فيه وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث سنغافورة لحضور منتدى "حوار شانجريلا" الدفاعي السنوي، حيث من المقرر أن يحشد الحلفاء والشركاء لمواجهة الصين.
وكانت صحيفة Straitstimes السنغافورية، قالت إن الصين لن ترسل وزير دفاعها دونج جون إلى المنتدى الأمني، في خروج عن التمثيل الرفيع المستوى لبكين في المنتدى السنوي في السنوات الأخيرة، وبدلاً من ذلك، سترسل وفداً من جامعة الدفاع الوطني التابعة لجيش التحرير الشعبي.
وشهدت العلاقات الأميركية- الصينية، تحسناً منذ توصل الجانبين إلى هدنة تجارية مؤقتة في جنيف في وقت سابق من الشهر الجاري، لكن هذا الوضع بدأ يتغير في الأيام الأخيرة، حيث أعلنت الولايات المتحدة أنها ستبدأ بإلغاء بعض تأشيرات الطلاب الصينيين.
وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الخميس، إن المفاوضات التجارية مع الصين "متعثرة بعض الشيء".
كما فرضت واشنطن قيوداً جديدة على مبيعات برمجيات تصميم الرقائق، وبعض أجزاء محركات الطائرات النفاثة إلى الصين، إذ جاء ذلك بعد وقت قصير من سعيها لمنع شركة "هواوي تكنولوجيز" من بيع رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة في أي مكان في العالم، ما أثار استنكاراً شديداً من بكين.
وصرح وزير الخزانة الأميركي، الذي ساعد في التوصل إلى هدنة مع مسؤولي بكين، الخميس، بأن المحادثات التجارية مع الصين "متعثرة بعض الشيء" ويمكن أن تستفيد من مكالمة مباشرة بين ترمب والرئيس الصيني شي جين بينج.
وبعد أسبوعين من مفاوضات مثمرة قادها بيسنت وتمخضت عن هدنة مؤقتة في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، قال بيسنت لـ"فوكس نيوز" إن وتيرة التقدم منذ ذلك الحين بطيئة، لكنه توقع إجراء المزيد من المحادثات خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وأعلنت واشنطن وبكين، الشهر الجاري، التوصل لاتفاق لخفض الرسوم الجمركية المضادة في إطار سعيهما لإنهاء حرب تجارية أربكت الاقتصاد العالمي، وأثارت قلق الأسواق المالية، بالإضافة إلى منْح أكبر اقتصادين في العالم مهلة إضافية قدرها 3 أشهر لحل خلافاتهما.
الصين تصقل قدراتها العسكرية
وصعدت الصين من ضغوطها العسكرية على تايوان التي تعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وأفادت وزارة الدفاع التايوانية بأن الطائرات العسكرية الصينية تخترق منطقة تحديد الدفاع الجوي التابعة لتايوان أكثر من 245 مرة شهرياً، مقارنة بأقل من 10 مرات شهرياً قبل خمس سنوات، كما تعبر هذه الطائرات الخط الأوسط في مضيق تايوان نحو 120 مرة شهرياً، ما يعني محو ذلك الخط غير الرسمي فعلياً.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إن "ذلك وحده يُعد دليلاً واضحاً على التصعيد والضغوط المستمرة في المجال الجوي ضد تايوان".
وذكر مسؤولون وخبراء أميركيون وتايوانيون أن الصين عززت قدراتها على شن هجوم مفاجئ على تايوان عبر تسريع وتيرة العمليات الجوية، ونشر أنظمة مدفعية جديدة، ورفع جاهزية وحدات الهجوم الجوي والبرمائي، وفقاً لما نقلته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وذكر مسؤول عسكري تايواني رفيع للصحيفة أن القوات الجوية ووحدات الصواريخ الصينية، والتي ستلعب دوراً محورياً في أي غزو لتايوان، وصلت إلى مستوى من الجاهزية يمكنها من "التحول من وضع السلم إلى العمليات الحربية في أي لحظة".
وقال مسؤولون آخرون في وزارة الدفاع التايوانية إن عمليات جيش التحرير الشعبي الصيني أصبحت تتضمن تدريبات متواصلة للوحدات البرمائية بالقرب من الموانئ التي يُفترض أن تنطلق منها في حال غزو تايوان، إضافة إلى الجاهزية الدائمة لوحدات الطيران العسكري التي قد تنفذ عمليات إنزال داخل تايوان، فضلاً عن نشر نظام صاروخي جديد قادر على إصابة أي نقطة في الجزيرة.