تقاعد قسري واختبارات لكشف الكذب.. نهج مدير المباحث الفيدرالية الجديد يثير القلق

time reading iconدقائق القراءة - 7
مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل يحضر جلسة استماع للجنة الاستخبارات في مجلس النواب، واشنطن. 26 مارس 2025 - REUTERS
مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل يحضر جلسة استماع للجنة الاستخبارات في مجلس النواب، واشنطن. 26 مارس 2025 - REUTERS
دبي-الشرق

كشف مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، كاش باتيل، قبل تعيينه في المنصب، عن نيته إعادة هيكلة المكتب، ليعكس رغبةً في إخضاع الوكالة لإرادته، لكن خلف الكواليس، تتبلور رؤيته في عهد الرئيس دونالد ترمب، إذ أجبر موظفيه على الاستقالة، وخفض رتبُ آخرين أو أجبرهم على إجازات دون مبرر، كما أخضع بعضهم لاختبارات كشف الكذب، حسبما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز".

وقال باتيل في كتابه "عصابات الحكومة": "أصبح مكتب التحقيقات الفيدرالي مُعرّضاً لخطرٍ شديد، وسيظل يُشكّل تهديداً للشعب ما لم تُتخذ إجراءات صارمة"، مؤكداً ضرورةَ إقالة كبار مسؤولي المكتب.

وسببت هذه التحركات اضطراباً مُقلقاً في مكتب FBI، مُثيرةً الخوف والريبة، في وقت يُسارع فيه باتيل ونائبه، دان بونجينو، إلى إعادة تأهيل الصفوف العليا بعناصر جديدة، وتحويل اهتمام الوكالة إلى شؤون الهجرة. 

ودفع مزاعم باتيل ونائبه المُستمرة بـ"تسييس" المكتب في عهد المديرين السابقين، بالإضافة إلى إجراءاتهما المُتسرعة ضد زملائهما، الموظفين إلى التساؤل عما إذا كانوا سيُطردون أيضاً، إما لعملهم في تحقيق شوهه مؤيدو ترمب أو لعلاقاتهم بالإدارة السابقة.

وقضت هذه الإجراءات على عقود من الخبرة في الأمن القومي والمسائل الجنائية في مكتب التحقيقات الفيدرالي، وأثارت تساؤلات بشأن ما إذا كان العملاء الذين يتولون هذه المناصب الحساسة يمتلكون المعرفة المؤسسية اللازمة لمتابعة ركائز عمله الأساسية.

إقالات وتقاعد قسري

وأجرت الصحيفة مقابلات مع نحو 12 مسؤولاً حالياً وسابقاً في وكالات إنفاذ القانون، تحدثوا فيها دون الكشف عن هوياتهم خوفاً من الانتقام، إذ حلّ المكتب في الأسابيع الأخيرة، فرقة مكافحة الفساد العام الفيدرالية النخبوية التابعة لمكتب واشنطن الميداني، والتي اشتهرت بالتحقيق في جهود ترمب لإلغاء انتخابات 2020، من بين تحقيقات حساسة أخرى شملت مسؤولين حكوميين بارزين.

وقال عملاء سابقون وحاليون، إن هذه الخطوة تشير إلى أن التحقيقات المتعلقة ترمب ربما تكون "محظورة"، إذ تمتد لتشمل كبار مسؤولي ترمب الذين استخدموا تطبيق المراسلة "سيجنال" لمناقشة تفاصيل حساسة للغاية للضربات العسكرية على اليمن سابقاً. 

وأجبر باتيل، مسؤولين آخرين على إجازة إدارية مدفوعة الأجر، بينهم رجلان تعاملا مع قضايا تتعلق بجهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بهانتر بايدن، نجل الرئيس السابق جو بايدن، والذي لطالما أصر الجمهوريون على أنه يُظهر أدلة على التسييس. 

وكان أحد الرجلين عُوقب بالفعل لعمله في التحقيق بالتدخل الروسي في حملة ترمب الرئاسية عام 2016، قبل تولي باتيل منصب المدير.

وأُقيلت محامية من وظيفة رئيسية تُشرف على الموارد البشرية، وأُبلغت بذلك أثناء إجازة مرضية، فيما أُجبر آخرون على ترك وظائفهم، دون أي تفسير، في حين وُجه إنذار نهائي إلى سلسلة من كبار العملاء، جميعهم من النساء: إما تولي منصب مختلف أو التقاعد.

وطُلب من عميلة كبيرة، كانت حتى أبريل مسؤولة عن الاستخبارات في مكتب لوس أنجلوس الميداني، الانتقال إلى مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي في هانتسفيل بولاية ألاباما، حيث قال مسؤولون سابقون إنها "ستتولى مسؤوليات أقل أو ستتقاعد".

وأدى الاستخدام المتزايد والمنتشر لمكتب التحقيقات الفيدرالي لاختبار كشف الكذب، إلى تكثيف ثقافة الترهيب، إذ استخدم باتيل جهاز كشف الكذب لمنع العملاء أو الموظفين الآخرين من مناقشة عددٍ من الموضوعات، بما في ذلك عملية اتخاذ القرارات أو التحركات الداخلية. 

ويرى عملاء سابقون أنه يفعل ذلك بطرقٍ غير مألوفة في مكتب التحقيقات الفيدرالي، رغم عدم جواز استخدام جهاز كشف الكذب في المحاكم، إلا أنه قد يكون أداة فعّالة في دعم التحقيقات الجنائية أو الادعاءات الخطيرة بسوء السلوك.

وبحسب الصحيفة، فإنه عندما يتولى القادة الجدد مناصبهم، فإنهم يرغبون في وضع بصماتهم الخاصة على الوكالة، لكن بعض المغادرات تُمثّل خسارة كبيرة في الخبرة، بما في ذلك التقاعد المفاجئ لمسؤول يدير مكتباً أُنشئ عام 2020 للكشف عن أخطار إساءة استخدام مراقبة الأمن القومي والحد منها، والتي يُمكن القول إنها إحدى أهم أدوات جمع المعلومات الاستخباراتية للمكتب. 

مكتب التحقيقات "سلاحاً"

وعادةً ما يتجنب مكتب التحقيقات الفيدرالي الحديث عن التحقيقات، وقد غذّت أفعال بونجينو وباتيل، تواجه الانتقادات ذاتها التي وجهاها للمكتب في عهد إدارة بايدن ومفادها أن "مكتب التحقيقات الفيدرالي أصبح سلاحاً".

وقال بونجينو، على مواقع التواصل الاجتماعي، الأسبوع الماضي: "سأكون أنا والمدير قد أنهينا معظم فرق الإصلاح الجديدة بحلول الأسبوع المقبل، ربما تستغرق عملية التوظيف بعض الوقت، لكننا نقترب من خط النهاية. سيساعدنا هذا في مضاعفة جهودنا في أجندة الإصلاح".

وأضاف أن الوكالة "ستعيد النظر في التحقيقات السابقة، مثل تسريب مسودة رأي المحكمة العليا بشأن الإجهاض عام 2022 والكوكايين الذي عُثر عليه قبل عامين في البيت الأبيض، والقنابل الأنبوبية التي عُثر عليها بالقرب من مبنى الكابيتول في يناير 2021".

وتابع بونجينو: "قيّمتُ أنا والمدير عدداً من قضايا الفساد العام المحتملة، والتي حظيت باهتمام عام"، مشيراً بشكل غريب إلى القنابل الأنبوبية كعمل فساد عام محتمل وليس "إرهاباً محلياً". 

ووجّه باتيل وبونجينو رسالةً واضحةً بشأن تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي السابقة التي ركّزت على ترمب أو حلفائه، وفي جوهر الأمر، قال مسؤولون سابقون إنه "لا أحد فوق القانون سوى ترمب".

وليس من الواضح كيف يتخذ باتيل هذه القرارات، لكن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي السابقين، قالوا إن مثل هذه الإقالات عادةً ما تُعزى إلى سلوك يستدعي التحقيق أو الفصل، مثل سوء التفتيش أو بلاغات سوء السلوك، وفي عهد المديرين السابقين، نادراً ما كان يُعزل الوكلاء الخاصون المسؤولون، الذين عادةً ما يقودون المكاتب الميدانية.

تصنيفات

قصص قد تهمك