قال مسؤول عسكري أوكراني في تصريحات لـ"الشرق" إن كييف تدرك أن موسكو سترد بقوة وبشكل مكثف على هجوم "شبكة العنكبوت" الذي شنته بلاده باستخدام عشرات الطائرات المسيّرة مستهدفاً قواعد جوية داخل العمق الروسي، فيما قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديميتري ميدفيديف إن انتقام بلاده "حتمي ولا مفر منه".
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته: "سيكون هناك ردٌّ روسي. مع ذلك وحتى الآن، لم تدخّر روسيا أي سلاح ضد أوكرانيا، باستثناء الأسلحة النووية".
ورجَّح أن يكون الرد الروسي باستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أنه "سيكون بحجم أصغر من السابق؛ نظراً لعدم قدرة جميع المقاتلات الروسية على التحليق".
هجوم شبكة العنكبوت
أعلنت أوكرانيا، الأحد، عن عملية غير مسبوقة استهدفت قاذفات قنابل استراتيجية في قواعد جوية روسية، بعدما تمكنت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية من إخفاء طائرات مسيّرة محملة بمتفجرات داخل منازل خشبية تجرها شاحنات.
وقال جهاز الأمن الداخلي الأوكراني، الذي أعلن مسؤوليته عن العملية، إنه تم نقل الشاحنات إلى مواقعها قبل أن يتم فتح الأسطح عن بُعد، وتوجيه الطائرات لضرب الأهداف الروسية.
وأشارت تقارير أخرى إلى أن العملية استهدفت أربع قواعد جوية، حيث تضررت 41 طائرة حربية روسية، فيما قدَّر جهاز الأمن الداخلي الأوكراني في بيان على تطبيق "تليجرام" قيمة الأضرار الناجمة عن الهجمات بنحو 7 مليارات دولار.
فيما تقول موسكو إن الهجوم تسبّب في اشتعال نيران في عدد من الطائرات في قاعدتين بإقليم إيركوتسك في سيبيريا ومقاطعة مورمانسك في الشمال، وأكدت أن الحرائق أُخمدت.
الحد من قدرات روسيا
وأوضح المسؤول العسكري الأوكراني، الذي تحدثت إليه "الشرق"، أن أحد أهداف العملية كان "تدمير حاملات صواريخ كروز الاستراتيجية، وليس القضاء على القدرات النووية الروسية".
وتابع: "اليوم، لا تمتلك روسيا قدرات نووية قوية كما تحاول تصويرها. قدراتها النووية في وضع متأخر نوعاً ما، لكنها تحاول الاستثمار بكثافة وإحياء إمكاناتها".
وعن أسباب اختيار اسم "شبكة العنكبوت"، التي قال عنها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنها تطلبت إعداداً وتخطيطاً على مدى عام ونصف العام، تحدَّث المصدر العسكري عن "خطط روسية لشن هجوم صاروخي واسع النطاق على المدن الأوكرانية عشيّة محادثات إسطنبول" التي جرت الاثنين.
واعتبر أن العملية "ستحد على الأقل من قدرة روسيا على شن هجمات صاروخية على أوكرانيا، وعلى الأكثر ستدفع روسيا إلى إجراء مفاوضات تأخذ في الاعتبار موقف أوكرانيا".
واستهدفت عملية "شبكة العنكبوت" منطقة إيركوتسك، التي تبعد أكثر من 4300 كيلومتر عن أوكرانيا، وهو أول هجوم من نوعه حتى الآن في منطقة على هذه المسافة التي تتجاوز مدى الطائرات المسيّرة الهجومية بعيدة المدى، أو الصواريخ الباليستية، ولهذا كان على كييف تقريب مسيّراتها بما يكفي من الهدف.
"الانتقام حتمي"
في المقابل، اعتبر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديميتري ميدفيديف، الثلاثاء، أن المفاوضات التي تستضيفها مدينة إسطنبول التركية "ضرورية لتحقيق نصر سريع لروسيا وليس من أجل التوصل إلى سلام بحلول وسَط وشروط غير واقعية"، وفق ما نقلت عنه وكالة "ريا نوفوستي".
وأضاف ميدفيديف: "إلى كل من يشعر بالقلق ويتطلع إلى الانتقام. القلق شعور طبيعي، والانتقام حتمي لا مفر منه".
وتابع قائلاً: "علينا ألا ننسى أمرين، أولهما أن جيشنا يهاجم بنشاط وسيواصل تقدمه. كل ما يجب أن ينفجر سيتم تفجيره لا محالة، وكل من يجب إبادته سيزول من الوجود".
وأعلنت روسيا وأوكرانيا اتفاقهما خلال محادثات السلام في إسطنبول، الاثنين، على مواصلة تبادل أسرى الحرب وإعادة رفات 12 ألف جندي، دون إحراز أي تقدم فيما يتعلق بمقترح وقف إطلاق النار.
والتقى مفاوضون روس وأوكرانيون في إسطنبول لمدة ساعة تقريباً في ثاني اتصال مباشر بين الجانبين منذ عام 2022.
وشددت موسكو على أنها تسعى إلى تسوية طويلة الأمد وليس وقفاً مؤقتاً للحرب، في حين تصر كييف على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير مهتم بإحلال السلام.
وكانت التوقعات بتحقيق تقدم في هذه المفاوضات "ضئيلة"، وخاصة بعد الهجوم الذي نفّذته أوكرانيا الأحد.