سيناريوهات المواجهة.. هكذا قد تتطور ضربة إسرائيلية محتملة ضد إيران

time reading iconدقائق القراءة - 9
دبي-الشرق

رغم تحذيرات وتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وتصاعد التوقعات من رد إيراني واسع النطاق، تتزايد المؤشرات على استعدادات إسرائيلية جدية لتنفيذ عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وسط انقسام داخلي في إسرائيل بشأن جدوى مثل هذه العملية دون تنسيق مباشر مع واشنطن، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من اندلاع مواجهة شاملة.

وذكرت "بلومبرغ" أنه مع تصاعد التوترات بالمنطقة، بدأت الولايات المتحدة في سحب بعض قواتها من مواقع حساسة في الشرق الأوسط تحسباً لهجمات إيرانية محتملة، فيما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، أن إسرائيل تكثف استعداداتها لتوجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية.

ورغم تحذير الرئيس الأميركي إسرائيل من الإقدام على مثل هذه الخطوة، إلا أنه في الوقت ذاته لم يستبعد الخيار العسكري في حال لم توقف طهران تخصيب اليورانيوم، وتفكك برنامجها النووي.

هل تستعد إسرائيل فعلاً لضرب إيران؟

وفقاً لـ"بلومبرغ"، الجواب المختصر هو نعم، فإسرائيل تضع هذا السيناريو في حساباتها منذ ما يقرب من 3 عقود، إذ تعتبر إيران وجود إسرائيل بالمنطقة غير شرعي، كما بدأت في تسليح وتدريب فصائل معادية لها في المنطقة، بينها حركة "حماس" في فلسطين، وجماعة "حزب الله" في لبنان، والحوثيين في اليمن.

الجديد في المرحلة الحالية هو تعثر 5 جولات من المفاوضات بين واشنطن وطهران بشأن برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات، وهو ما دفع إسرائيل إلى رفع مستوى التأهب، خاصة في ظل تشكيكها بجدية طهران في الالتزام بأي اتفاق.

وترى كارولين جليك، مستشارة الشؤون الدولية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن "إسرائيل تقبل الاتفاق فقط إذا أوقفت إيران تخصيب اليورانيوم بشكل كامل، وهو أمر لا يبدو مرجحاً، نظراً لإصرار طهران على الاستمرار في التخصيب بمستويات منخفضة".

ورغم أنها توقعت أن تكون الضربة الإسرائيلية ضد إيران "محدودة"، حذرت جليك، من أن "مثل هذه العمليات يمكن أن تخرج سريعاً عن السيطرة، وهو ما يثير قلق الحكومات والأسواق العالمية".

أما تمير هايمان، المدير السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، استبعد تنفيذ أي هجوم طالما أن المفاوضات الأميركية الإيرانية مستمرة، علماً بأن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، من المقرر أن يلتقي مسؤولين إيرانيين في سلطنة عمان، الأحد المقبل، في جولة سادسة من المحادثات. ومع ذلك، إذا فشلت هذه المفاوضات، فقد تتغير الحسابات بسرعة.

وقال كينيث بولاك، المسؤول الأميركي السابق والمحلل في وكالة الاستخبارات المركزية، إن "احتمال قيام إسرائيل بهجوم لم يكن يوماً أعلى مما هو عليه الآن، لكنه ما يزال أقل مما يظنه الكثيرون".

ورفعت مجموعة "أوراسيا" وهي مركز أبحاث مقره نيويورك، الخميس، تقديرها لاحتمال التصعيد في المنطقة إلى 30%، لكنها رأت أن تنفيذ إسرائيل لهجوم منفرد يبقى "غير مرجح إلى حد كبير".

إسرائيل تترقب الفرصة

ويزداد احتمال قيام إسرائيل بضربة عسكرية ضد إيران مقارنة بالسنوات الماضية جزئياً بسبب الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي أضعفت القدرات الإيرانية بشكل كبير بحسب "بلومبرغ"، مشيرة إلى أنه بعد الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر 2023، دخلت الجماعات المسلحة الحليفة لإيران على خط المواجهة، ما دفع إسرائيل إلى تصفية قيادات "حزب الله"، وتدمير جزء كبير من ترسانته الصاروخية.

وتبادلت إسرائيل وإيران الضربات المباشرة مرتين في العام الماضي، وأعلنت تل أبيب حينها، أن مقاتلاتها دمرت جانباً كبيراً من منظومات الدفاع الجوي الإيرانية ومنشآت إنتاج الصواريخ. وبينما يُرجّح أن تكون طهران قد بدأت إعادة بناء ما دُمّر، فإن وتيرة ذلك ما زالت غير معروفة.

ويرى عوديد عيلام، المسؤول السابق في جهاز "الموساد" الإسرائيلي، والذي يقول إنه شارك في التخطيط لهجوم إسرائيلي تم إلغاؤه عام 2010، أن "التغيرات الجذرية التي شهدها الشرق الأوسط العام الماضي، أقنعت نتنياهو أن هذه قد تكون فرصته الأخيرة لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي".

عوامل داخلية

يرأس نتنياهو حالياً أكثر الحكومات يمينية وتشدداً في تاريخ إسرائيل. فعلى عكس عامي 2010 و2012، حينما واجه معارضة شديدة من قادة الأمن والوزراء الكبار لخطط مهاجمة إيران، يحظى اليوم بدعم أقرب مستشاريه، بمن فيهم القادة العسكريون.

ورغم هشاشة حكومته، تمكّن نتنياهو، الخميس، من النجاة من محاولة لحل الكنيست (البرلمان)، جزئياً عبر الترويج لفكرة أن "الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل لا تحتمل ترف الانهيار السياسي في هذا التوقيت".

لكن شن ضربة ضد إيران لن يكون قراراً بلا ثمن داخلي، إذ حذر معهد "أهارون" في جامعة رايخمان الإسرائيلية، من أن اندلاع مواجهة عسكرية مع إيران قد يمحو بالكامل نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي لإسرائيل.

ورغم نفي إيران المستمر نيتها استخدام برنامجها النووي لأغراض عسكرية، أعلن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الخميس، انتهاك إيران لالتزاماتها في مجال منع انتشار الأسلحة النووية، وذلك للمرة الأولى منذ ما يقرب من 20 عاماً.

وردت طهران بالإعلان عن نيتها إنشاء مركز جديد لتخصيب اليورانيوم، في خطوة قد تمثل خرقاً إضافياً لالتزاماتها مع الوكالة. واعتبر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن قرار الوكالة "يزيد من تعقيد المفاوضات" الجارية بين طهران وواشنطن.

وتقع إيران على بُعد 1700 كيلومتر من إسرائيل، كما أن منشآتها النووية موزعة في عدة مواقع محصنة تحت الصخور والخرسانة المسلحة، ما يصعب مهمة استهدافها، خصوصاً دون الدعم الأميركي.

وبحسب أغلب التقديرات، تملك إسرائيل القدرة العسكرية على إلحاق ضرر مؤقت بالبرنامج النووي الإيراني، قد يعيده أشهراً إلى الوراء، وربما سنة، لكن ذلك قد يدفع طهران إلى الخروج من معاهدة عدم الانتشار النووي، وإعلان نيتها تصنيع سلاح نووي علناً، وهو ما يتعارض مع أهداف إسرائيل والولايات المتحدة.

لذلك، قد تميل إسرائيل إلى استهداف مواقع غير نووية، مثل منشآت النفط الإيرانية، والتي تُعد أكثر عرضة للهجوم.

الولايات المتحدة وخط المواجهة

في حال انضمت الولايات المتحدة إلى إسرائيل في تنفيذ ضربة، فستكون النتائج أكثر تدميراً، حيث قال الأدميرال المتقاعد في البحرية الأميركية جيمس ستافريديس في مقال على "بلومبرغ أوبينيون" هذا الشهر، أن قاذفات B-2 الأميركية المحملة بالقنابل الخارقة للتحصينات البالغة 30 ألف رطل، قادرة على إحداث دمار هائل في منشآت البرنامج الإيراني، خصوصاً بعد سنوات من التحضيرات السيبرانية.

وتوعدت إيران بالرد على أي هجوم عبر استهداف مواقع أميركية في مختلف أنحاء المنطقة، وهو ما يفسّر بدء الولايات المتحدة بإجلاء بعض موظفيها من عدة مواقع. 

وقد ينتج عن أي قصف نووي تسرب إشعاعي كثيف يتجاوز حدود إيران. كما قد تسعى طهران إلى إغلاق مضيق هرمز أو مهاجمة ناقلات النفط والغاز المارة عبره، ما قد يؤدي إلى تعطيل تدفق الطاقة عالمياً، وارتفاع أسعار الوقود، وهو تحديداً ما يسعى ترمب إلى تجنّبه.

وبحسب تقديرات بنك "جي بي مورجان"، قد تقفز أسعار النفط إلى 130 دولاراً للبرميل في "السيناريو الأسوأ"، وذلك في حال تم إغلاق المضيق أو اتسع نطاق المواجهة في الشرق الأوسط.

هل لدى إسرائيل القدرة على الهجوم بمفردها؟

حتى مع دعم ضمني من ترمب، فإن قدرة إسرائيل على توجيه ضربة واسعة بمفردها تبقى محدودة. فأسطولها يتضمن مقاتلات F-35 الشبحية المحمّلة بقنابل زنة ألفي رطل، ومقاتلات F-15 المزودة بقنابل زنة 4000 رطل.

وتحتاج هذه الطائرات إلى شنّ ضربات متكررة لاختراق التحصينات الإيرانية، كل ذلك وسط تهديد الطائرات المسيّرة والدفاعات الجوية، ومع تحديات التزود بالوقود جواً بسبب المسافة البعيدة.

وتمتلك إيران مئات الصواريخ الباليستية، ومن المؤكد أنها ستطلق عدداً منها تجاه إسرائيل، لكن كينيث بولاك، المسؤول الأميركي السابق، يرى أن الأضرار ستكون محدودة نسبياً.

وأشار إلى أن المدنيين الإسرائيليين سيكونون في الملاجئ، وأن "حزب الله" في لبنان لم يعد يملك القدرة الصاروخية التي كان يمتلكها في السابق.

تصنيفات

قصص قد تهمك