تقرير: الهجوم الإسرائيلي على إيران "لحظة مفصلية" في مسيرة نتنياهو

time reading iconدقائق القراءة - 7
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشير إلى خط أحمر رسمه على صورة قنبلة تُمثل البرنامج النووي الإيراني أثناء إلقائه كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك- 27 سبتمبر 2012 - Reuters
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشير إلى خط أحمر رسمه على صورة قنبلة تُمثل البرنامج النووي الإيراني أثناء إلقائه كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك- 27 سبتمبر 2012 - Reuters
دبي-الشرق

وصفت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران بأنه يُمثل "لحظة مفصلية" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي جعل من التصدي للبرنامج النووي الإيراني جوهر مسيرته السياسية.

وفي تقرير نشرته السبت، أشارت الوكالة إلى أن نتنياهو يخوض الآن المهمة الأهم في مسيرته السياسية، إذ لطالما اعتبر تدمير البرنامج النووي الإيراني أولوية قصوى، ولم يفوّت مناسبة من دون التحذير منه بعبارات "كارثية". واليوم حانت لحظة الحقيقة بالنسبة له، فبعد أن واجه وكلاء إيران في المنطقة منذ هجوم حركة "حماس" في 7 أكتوبر 2023، حوّل نتنياهو تركيزه نحو ما يصفه بـ"رأس الأخطبوط"، من خلال شن هجوم عسكري غير مسبوق ومفتوح ضد طهران وبرنامجها النووي.

وأضافت الوكالة أن هذه "المغامرة الجريئة" أصبحت ممكنة بفضل عوامل عدة، أبرزها إضعاف الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في غزة ولبنان، وعودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض ودعمه لنتنياهو. ومع ذلك، أشارت إلى أن نجاح العملية غير مضمون، كما أن نتيجة هذا التصعيد المتزايد قد تقرر مصير حكومة نتنياهو، وربما تُشكل إرثه السياسي.

رغبة قديمة للهجوم

سلَّط التقرير الضوء على تاريخ نتنياهو الطويل في التحذير من خطر امتلاك إيران للسلاح النووي منذ تسعينيات القرن الماضي، حتى قبل توليه رئاسة الوزراء لأول مرة أواخر ذلك العقد، لافتاً إلى أنه منذ عودته إلى الحكم عام 2009، احتفظ بالمنصب منذ ذلك الحين بشكل شبه متواصل، وحرص باستمرار على تحذير المجتمع الدولي من أن إيران المسلحة نووياً تُمثل "تهديداً وجودياً لإسرائيل، وخطراً على العالم بأسره".

وفي 2012، قدَّم نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رسماً كاريكاتيرياً يُظهر ما وصفه بتقدم إيران نحو امتلاك القنبلة النووية، وهو مشهد أثار اهتماماً واسعاً. 

وبعد 3 سنوات، ألقى خطاباً مثيراً للجدل في الكونجرس الأميركي، عارض فيه الاتفاق النووي المرتقب بين إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما وطهران، ما أغضب البيت الأبيض في ذلك الوقت، ورغم أنه لم ينجح في عرقلة الاتفاق، إلا أن خطابه نال استحسان الجمهوريين، ومهّد الطريق لاحقاً لانسحاب ترمب من الاتفاق بعد 3 سنوات.

كما ذكرت الوكالة أن نتنياهو كثيراً ما شبّه النظام الديني الإيراني بـ"النازيين"، ما أثار حفيظة باحثين في تاريخ الهولوكوست وجماعات الناجين، وقد استخدم هذه المقارنة مجدداً هذا الأسبوع خلال إعلانه عن الهجوم على إيران.

ورغم إصرار إيران على أن برنامجها النووي مُخصص لأغراض سلمية، فإن تخصيبها لليورانيوم إلى مستويات قريبة من الاستخدام العسكري، وعدم تعاونها مع المفتشين الدوليين، ألقى بظلال من الشك حول هذه الادعاءات، وفقاً لـ"أسوشيتد برس".

وفي هذا السياق، حذَّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخراً من أن إيران تمتلك ما يكفي من اليورانيوم المُخصب لصنع عدة قنابل نووية، ووبخت الوكالة طهران، هذا الأسبوع، بسبب عدم التزامها بتعهداتها الخاصة بعدم الانتشار النووي، وذلك قبل يوم من بدء الهجوم الإسرائيلي.

ما الذي دفع إسرائيل لمهاجمة إيران الآن؟

رغم أن نتنياهو لطالما هدّد بضرب إيران، وأكد مراراً أن جميع الخيارات "مطروحة"، فإنه لم يُنفذ تهديده سابقاً بسبب معارضة داخلية من خصومه السياسيين وقادة الأجهزة الأمنية، إلى جانب عدم يقين حول جدوى هذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر، إضافة إلى الرفض المتكرر من رؤساء الولايات المتحدة السابقين.

لكن، بحسب "أسوشيتد برس"، تغيّرت المعطيات خلال العامين الأخيرين، إذ بات نتنياهو يرى أن الفرصة مواتية الآن لإعادة تشكيل المنطقة بما يتماشى مع رؤيته.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، عملت إسرائيل على إضعاف شبكة حلفاء إيران في المنطقة، ومع تراجع "محور المقاومة"، وعجز طهران عن صد الهجمات الجوية الإسرائيلية، بدا أن الطريق مفتوح أمام تل أبيب لتنفيذ الهجوم هذا الأسبوع.

كما لعب الموقف الأميركي دوراً محورياً، فبعد أن فاجأ ترمب إسرائيل في وقت سابق هذا العام بإعادة إطلاق المفاوضات النووية مع إيران، أصيب بخيبة أمل بسبب عدم إحراز تقدم في تلك المفاوضات.

مع ذلك، لم يُبدِ الرئيس الأميركي معارضة تُذكر عند إطلاعه على الخطة الإسرائيلية، ما وفر فرصة نادرة لتنفيذ العملية.

هل سينجح نتنياهو؟

يرى التقرير أنه من المبكر إصدار حكم نهائي على نجاح العملية الإسرائيلية في تحقيق أهدافها.

ورغم أنها حتى الآن، تسير بسلاسة على ما يبدو، حيث استهدفت إسرائيل عشرات المواقع، واغتالت عدداً من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، غير أن حجم الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني لا يزال غير معروف.

ويحظى نتنياهو حالياً، رغم الانقسامات الداخلية والانتقادات، بتأييد شعبي واسع في الداخل، حتى من المعارضة السياسية التي كانت تسعى لإسقاطه قبل أيام فقط عبر تصويت في الكنيست، لكنها أعلنت دعمها للعملية ضد إيران.

ومع ذلك، قد يتغير المزاج العام سريعاً، فقد شهدت إسرائيل دعماً واسعاً في بداية حربها ضد "حماس"، لكن الانقسام تعمق لاحقاً مع استمرار القتال، وسط اتهامات لنتنياهو بإطالة أمد الحرب من دون مبرر، لخدمة مصالحه الشخصية من أجل البقاء في السلطة.

كما قد يتراجع الدعم الشعبي بسرعة للعملية ضد طهران إذا أسفرت الهجمات الإيرانية المضادة عن سقوط عدد كبير من الإسرائيليين أو إذا عطّلت الحياة اليومية لفترات طويلة. 

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن أي خسارة عسكرية كبيرة، كإسقاط مقاتلة إسرائيلية وأسر طيّارها من قبل إيران، قد تقلب الرأي العام ضد نتنياهو، كما أن تصريحاته بشأن سعيه لتغيير النظام في طهران، وهي مهمة صعبة ومعقدة، قد تضعف موقفه السياسي بشكل أكبر.

لماذا يشكّل النجاح أهمية بالغة لنتنياهو؟

لفتت الوكالة إلى أن نتنياهو، الذي قضى أطول مدة في منصب رئيس الوزراء في تاريخ إسرائيل، يتمتع بإرث سياسي معقد، فهو يحظى بإعجاب وتقدير كبيرين من قبل أنصاره، الذين يرونه سياسياً بارعاً ورجل دولة محنك، بينما يُنتقد بشدة من معارضيه بوصفه شخصية مثيرة للانقسام وشعبوية.

ومع ذلك، يتفق الجميع تقريباً على أن إرثه السياسي تلطّخ بشكل دائم بسبب هجمات 7 أكتوبر، التي وصفتها الوكالة بأنها "الأكثر دموية" في تاريخ إسرائيل.

واختتم التقرير بالقول إن نتنياهو يرى في هذه العملية فرصة لإعادة صياغة إرثه السياسي، وتسجيل اسمه في التاريخ، ليس فقط بصفته رئيس الوزراء الذي تولى قيادة البلاد في "أحلك لحظاتها"، بل باعتباره الرجل الذي أنقذ إسرائيل من إبادة نووية.

تصنيفات

قصص قد تهمك