وسط تضارب استخباراتي مع إسرائيل.. ترمب يتجاهل التقييمات الأميركية بشأن نووي إيران

time reading iconدقائق القراءة - 9
دبي -الشرق

تباينت التقييمات الاستخباراتية الأميركية والإسرائيلية بشأن برنامج إيران النووي، قبل الهجمات التي شنتها تل أبيب على طهران، فبينما زودت إسرائيل الولايات المتحدة، بمعلومات استخباراتية تفيد بأن طهران تجري أبحاثاً جديدة تهدف إلى صنع سلاح نووي، فإن مسؤولين أميركيين اطّلعوا على هذه المعلومات عبر قنوات رسمية، عبّروا عن شكوكهم في أن تلك الأنشطة تشير إلى اتخاذ إيران قراراً فعلياً بتصنيع "قنبلة نووية"، حسبما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال".  

هذا التباين في التقييم بين واشنطن وتل أبيب يفسّر، وفق ما أكدته مصادر الصحيفة، تباعد مواقف الحليفين في الأيام الأخيرة، بشأن كيفية التعامل مع الملف الإيراني، لكن ذلك لم يغير مواقف واشنطن من الهجمات الإسرائيلية على إيران. 

ووفق المسؤولين الأميركيين، فإن المعلومات التي قدمتها إسرائيل خلال الشهر الماضي، تناولت عدة مسارات بحثية إيرانية تتعلّق بتقنيات لازمة لصنع سلاح نووي، منها ما يُعرف بنظام "التفجير متعدد النقاط"، وهو أسلوب يُستخدم لإحداث تفجيرات متزامنة تُعتبر ضرورية في الأسلحة النووية. 

كما أشار الإسرائيليون، إلى عمل الإيرانيين على جسيمات النيوترون لإحداث تفاعل نووي متسلسل، وهو عنصر أساسي في عملية الانشطار النووي، إضافة إلى أبحاث في المتفجرات البلاستيكية ودمج المواد الانشطارية في جهاز تفجير، بحسب المسؤولين الأميركيين. 

لكن الرد الأميركي كان أن هذه المعلومات تشير فقط إلى أن إيران لا تزال تُجري أبحاثاً تتعلق بالأسلحة النووية، بما في ذلك إعادة النظر في أعمال كانت قد أوقفتها بعد إنهاء برنامجها النووي العسكري في عام 2003. 

ورغم هذا التباين، يتفق الجانبان (واشنطن وتل أبيب)، إلى حدّ كبير، على أن إيران وضعت نفسها في الأشهر الأخيرة في موقع أقرب من أي وقت مضى لامتلاك القدرة على تصنيع سلاح نووي. وتُصرّ طهران منذ سنوات على أن برنامجها النووي لأغراض سلمية فقط. 

أبحاث إيران 

وأعلنت الولايات المتحدة في وقت سابق، أن إيران أجرت أبحاثاً علمية وهندسية، قد تُسهّل عليها عملية بناء جهاز نووي، وتقدّر أن إيران تحتاج إلى أسبوع أو أسبوعين فقط لإنتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصب بمستوى يصلح للأسلحة (90%)، وأن بإمكانها تصنيع سلاح نووي بدائي خلال بضعة أشهر.  

ولا يزال الرأي المُجمع بين وكالات الاستخبارات الأميركية، أن إيران لم تتخذ قراراً بالمضي قدماً في تصنيع قنبلة نووية، وهو التقييم ذاته الذي أكدته مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي جابارد، خلال شهادتها العلنية أمام الكونجرس في مارس الماضي. 

وعندما سُئل ترمب، الثلاثاء، على متن طائرة الرئاسة، عن شهادة جابارد السابقة، أجاب "لا يهمني ما قالته، أعتقد أنهم كانوا قريبين جداً من امتلاكها".  

وأضاف أن عودته المبكرة إلى واشنطن من اجتماع قمة مجموعة السبع في كندا "لا علاقة لها بأي وقف لإطلاق النار". 

ويُشارك ترمب في رأيه هذا، عدد من المسؤولين في إدارته، إذ قال أحد كبار المسؤولين:"نحن نعتقد أن إيران باتت في أقرب نقطة من امتلاك سلاح نووي، لديهم جميع المكونات اللازمة لتجميع سلاح". 

وفي تصريح لقناة CNN الثلاثاء، قالت جابارد، إن "موقفها من الملف النووي الإيراني يتفق مع موقف الرئيس ترمب". 

أما جيفري لويس، الخبير النووي في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، فقال إن "الأبحاث العلمية التي تجريها إيران لا تشير إلى أنها على وشك السعي الفوري لامتلاك سلاح نووي"، مضيفاً: "كل ما نراه هو أعمال بحثية"، لكنه استدرك بالقول: "من المؤكد أن إيران تريد أن تُبقي على خيار القنبلة النووية مفتوحاً". 

فرصة ترمب للتأجيل

وقبل أن تبدأ أولى الغارات الإسرائيلية على طهران، الأسبوع الماضي، طالب ترمب إسرائيل، بتأجيل الضربات، وطلب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إعطاء الفرصة لمسار دبلوماسي بشأن البرنامج النووي الإيراني، لكن مع تصاعد الصراع، أصبح ترمب أكثر قلقاً بشأن اقتراب إيران من حيازة سلاح نووي. 

وبحسب مسؤول استخباراتي أميركي رفيع، تُقدّر أجهزة الاستخبارات الأميركية، أن "الحملة الإسرائيلية قد أبطأت العمل النووي الإيراني بنحو 5 إلى 6 أشهر حتى الآن، مع احتمال أن تتزايد الأضرار إذا استمرت الحملة". 

من جانبه، يصوّر نتنياهو المعلومات الاستخباراتية بشكل علني، على أنها دليل واضح على نية إيران تصنيع سلاح نووي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، الأحد الماضي، إن "إيران كانت تعمل سراً على استخدام اليورانيوم في صنع سلاح، وإنها "ستتمكن من اختبار جهاز نووي، وربما إنتاج أول سلاح نووي خلال بضعة أشهر، وبالتأكيد في غضون أقل من عام". 

وأضاف أن "إسرائيل لم يعد بإمكانها تأجيل الهجوم على المواقع النووية الإيرانية لمنعها من الوصول إلى الاختراق النووي". 

كما زعم نتنياهو، أن إيران تعتزم تسليم أسلحة نووية للحوثيين في اليمن، وهو تصريح وصفه عدد من مسؤولي الاستخبارات الأميركية بأنه "مفاجئ"، مؤكدين أنهم لا يملكون أي معلومات تدعم هذا الادعاء. 

وقال فيليب جوردون، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي لنائبة الرئيس السابق، كامالا هاريس، إن "الإسرائيليين ربما يفسّرون بعض المعلومات الاستخباراتية على أنها أسوأ سيناريو ممكن، أو يبالغون فيها بما يخدم أهدافهم السياسية". 

ويقول خبراء، إن الأنشطة التي تحدث عنها المسؤولون الإسرائيليون، "قد تكون جزءاً من برنامج نشط لصنع سلاح نووي، لكنها قد تمثّل أيضاً أعمالاً تحضيرية للحفاظ على خيار تصنيع السلاح النووي متاحاً عند الحاجة".

وقال ديفيد أولبرايت، رئيس معهد العلوم والأمن الدولي، إن "إيران لا تزال بحاجة إلى تجميع مكونات السلاح النووي ودمجها في رأس حربي". 

خطوات قليلة قبل القنبلة النووية

وفي شهادة أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي، الأسبوع الماضي، صرّح الجنرال إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية الوسطى "سنتكوم"، بأن إيران "تفصلها خطوات قليلة فقط" عن امتلاك يورانيوم مخصب بدرجة 90%، وهي النسبة المطلوبة لصناعة الأسلحة النووية.  

وأضاف أنه في حال قررت إيران إنتاج قنبلة، فيمكنها جمع أول 55 رطلاً (نحو 25 كيلوجراماً) من المواد خلال أسبوع تقريباً، وقد تنتج ما يكفي لصنع ما يصل إلى 10 أسلحة نووية خلال ثلاثة أسابيع.

وكانت تولسي جابارد قد ذكرت في شهادتها أمام الكونجرس في مارس الماضي، أن "مخزون إيران من اليورانيوم المخصب هو الأعلى على الإطلاق، وهو مستوى غير مسبوق لدولة لا تمتلك أسلحة نووية". 

وفي تقرير قُدِّم إلى الكونجرس في يوليو الماضي، قالت أجهزة الاستخبارات الأميركية، إن إيران "قامت بأنشطة تجعلها في وضع أفضل لإنتاج سلاح نووي، إذا قررت ذلك".

إلا أن التقرير لم يتضمن الجملة المعتادة في تقييم الاستخبارات الأميركية لسنوات، التي تفيد بأن إيران "لا تقوم حالياً بالأنشطة الأساسية الضرورية لتطوير سلاح نووي قابل للاختبار". 

من جهتها، تُلمح طهران إلى أنها "منفتحة على استئناف المحادثات النووية مع الولايات المتحدة مقابل وقف الضربات الإسرائيلية".  

وذكر مسؤولون إيرانيون، أنهم يعتقدون أن "إسرائيل بحاجة إلى دعم أميركي لإلحاق ضرر فعلي بمواقع محصّنة مثل منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، التي تقع تحت جبل.

ونقلت إيران رسائل عبر وسطاء تُبدي فيها استعدادها للعودة إلى طاولة المفاوضات، بشرط أن تبقى الولايات المتحدة خارج ساحة المعركة. 

تصنيفات

قصص قد تهمك