تقرير: شركة صينية تلعب دوراً محورياً في تجارة نفط إيران وفنزويلا رغم العقوبات

time reading iconدقائق القراءة - 7
مصفاة نفط عبادان جنوب غربي إيران، 21 سبتمبر 2019  - REUTERS
مصفاة نفط عبادان جنوب غربي إيران، 21 سبتمبر 2019 - REUTERS
لندن/سنغافورة/مكسيكو سيتي- رويترز

أبلغت 7 مصادر مطلعة "رويترز" أن شركة لوجستيات صينية أصبحت لاعباً محورياً في توريد نفط إيران وفنزويلا الخاضع لعقوبات، حتى بعدما أدرجتها واشنطن على قائمة سوداء قبل عامين لتعاملها في الخام الإيراني.

ولم ينل تعاظم دور شركة تشينا كونكورد بتروليوم (سي. سي.بي.سي) ودخولها في مجال التجارة مع فنزويلا التغطية الإعلامية من قبل، ويقول المحللون إنه يسلط الضوء على حدود نظام العقوبات الذي تفرضه واشنطن.

تفاصيل الصفقات وصفها لـ"رويترز" عدد من الأفراد من بينهم مصدر مقيم في الصين مطلع على عمليات (سي.سي.بي.سي) ومسؤولون إيرانيون ومصدر بشركة النفط الوطنية الفنزويلية.

"أباريق الشاي"

انخرطت (سي.سي.بي.سي) في تجارة النفط الفنزويلي هذا العام من خلال صفقات مع مصافي التكرير المستقلة الصينية الصغيرة -ا لمعروفة باسم "أباريق الشاي" - وفقاً لجداول تحميل شهرية وجداول تصدير وفواتير لشهري أبريل ومايو من العام الحالي تعود إلى شركة النفط الفنزويلية، إضافة إلى بيانات تتبع حركة الناقلات والمصدر الذي في الشركة الفنزويلية.

وسرعان ما أصبحت الشركة المسجلة في هونغ كونغ شريكاً مهماً لكراكاس، إذ حملت سفن من تأجيرها في أبريل ومايو أكثر من 20% من إجمالي صادرات فنزويلا النفطية لتلك الفترة وبما تعادل قيمته نحو 445 مليون دولار من الخام، بحسب وثائق من شركة النفط الفنزويلية وبيانات تتبع الناقلات. وتظهر الوثائق أن (سي.سي.بي.سي) لم تستأجر أي سفن محملة بالنفط الفنزويلي في يونيو.

توقفت مصافٍ عديدة في أنحاء العالم، ومنها شركات تكرير صينية تديرها الدولة، عن شراء الخام من إيران وفنزويلا بعد أن فرضت الولايات المتحدة العقوبات، ما حجب صادرات بملايين البراميل يومياً وقطع عن الدولتين دخلاً بمليارات الدولارات.

لعبة قط وفأر

وفي ظل اعتماد مالية البلدين على إيرادات النفط، انخرطت طهران وكراكاس منذ ذلك الحين في لعبة "قط وفأر" متقنة مع واشنطن لكي تستمر الصادرات، استخدمت فيها أساليب شتى لتفادي الانكشاف، مثل نقل الحمولات من سفينة إلى أخرى وشركات واجهة ووسطاء يعملون خارج دائرة النظام المالي الأميركي.

وفي العام الأخير، دبرت (سي.سي.بي.سي)، بحسب اثنين من المصادر، ما لا يقل عن 14 ناقلة لشحن النفط من إيران أو فنزويلا إلى الصين.

وقالت امرأة تواصلت معها "رويترز" على أحد أرقام الهاتف المسجلة باسم (سي.سي.بي.سي) إنه لا علم لها بأي أنشطة تجارية للشركة. وقد طلبت عدم نشر اسمها. ولم تتلق الوكالة رداً على رسالة بالبريد الإلكتروني إلى عنوان للشركة مسجل على موقع الخزانة الأميركية.

ولم ترد شركة النفط الفنزويلية ولا وزارة النفط على طلب للتعليق. وأحجمت وزارة النفط الإيرانية عن التعليق هي الأخرى.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية رداً على سؤال عن دور شركات صينية في تجارة النفط الخاضع لعقوبات: "للصين علاقات تجارية طبيعية وشرعية مع إيران وفنزويلا في إطار القانون الدولي الذي ينبغي على الجميع احترامه وحمايته".

وتعارض الصين بقوة العقوبات الأحادية وتحث الولايات المتحدة على رفع الولاية القضائية طويلة الذراع عن الشركات والأفراد.             

"محاور المراوغة" 

لا يتحرك المسؤولون الأمريكيون عادة لمنع شحنات النفط الإيراني أو الفنزويلي التي يشتريها عملاء صينيون أو دوليون. لكن بوسعهم التضييق على المنخرطين في تلك التجارة عن طريق منع المواطنين الأمريكيين والشركات من التعامل معهم، لتنبذهم البنوك الغربية.

وفي 2019، أضافت واشنطن (سي.سي.بي.سي) إلى قائمة للكيانات الخاضعة للعقوبات بسبب انتهاكها القيود المفروضة على التعامل في نفط إيران. ولم تعلق الشركة علناً على العقوبات، ولم يتسن لوكالة رويترز معرفة مدى تأثرها بالإدراج في القائمة الأمريكية السوداء.

وقالت ثلاثة مصادر في الصين إن (سي.سي.بي.سي) تزود نحو خمس مصافي تكرير صينية صغيرة بالنفط الإيراني.

وأحجمت المصادر عن كشف هوية تلك المصافي وطلبت عدم نشر أسمائها نظراً لحساسية الأمر. وخلت الوثائق التي اطلعت عليها "رويترز" من أسماء المصافي.

لاعب محوري

وأكد مسؤولون إيرانيون مطلعون أن (سي.سي.بي.سي) لاعب محوري في تجارة نفط طهران مع الصين. وتلقت الصين في المتوسط 557 ألف برميل يومياً من الخام الإيراني بين نوفمبر ومارس، أو نحو 5% من إجمالي واردات أكبر مشترٍ للنفط في العالم، بحسب رفينيتيف أويل ريسرش، لتعود إلى مستويات لم تُسجل منذ ما قبل إعادة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب فرض العقوبات على إيران في 2018.

وبلغت واردات الصين من النفط الخام والوقود الفنزويلي 324 ألف برميل يومياً في المتوسط على مدى عام حتى نهاية أبريل، وفقاً لشركة تتبع الشحنات فورتكسا أناليتكس، وهو أقل من مستويات ما قبل العقوبات، لكنه يتجاوز 60% من إجمالي صادرات نفط فنزويلا.

بدأت العقوبات المفروضة على شركة النفط الوطنية الفنزويلية في 2019 في إطار مساعٍ للإطاحة بالرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو.

وأحجمت الخزانة الأميركية عن التعليق عندما سُئلت عن دور (سي.سي.بي.سي) الحيوي في تسهيل تجارة النفط من إيران وفنزويلا، لكنها قالت إنها تعمل بدأب.

وقالت جوليا فريدلاندر، مسؤولة العقوبات الكبيرة السابقة في الخزانة الأمريكية، إن تنامي تجارة النفط الخاضع للعقوبات يُظهر تطور قدرات المستهدفين بالقيود.

وتابعت فريدلاندر، التي تعمل حالياً في مركز الاقتصاد الجيوسياسي التابع لمؤسسة مجلس الأطلسي، "إنه يُظهر أن هناك حدوداً لما يمكن أن تحققه العقوبات الأمريكية، خاصة عندما تستهدف لاعبين أهدافهم مشتركة مثل تجار النفط. لذا فإنك تعطي حافزاً لمحاور المراوغة البديلة تلك". 

عقوبات وصعوبات

عصفت العقوبات باقتصادي إيران وفنزويلا ووجهت صفعة مؤلمة لأساطيل ناقلاتهما المستنزفة التي تحتاج إلى إصلاحات، بحسب محللين وبيانات متاحة علناً عن أسطول شركة النفط الفنزويلية.

تبلغ سعة الناقلات الأربع عشرة التي دبرتها (سي.سي.بي.سي) نحو 28 مليون برميل من النفط. وقال المصدران إن ناقلة أخرى على الأقل ترتبط بالشركة، لتصل السعة الإجمالية إلى نحو 30 مليون برميل.

ويُظهر مسح أجرته "رويترز" أن إيران صدرت أكثر من 600 ألف برميل من الخام في يونيو. وكانت الصادرات بلغت ذروتها عندما سجلت 2.8 مليون برميل يومياً في 2018، قبل فرض العقوبات، لكن رقم يونيو يزيد على 300 ألف برميل يومياً في 2020، وفقاً لتقييمات من واقع بيانات تتبع الناقلات.