استقبل الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، الاثنين، رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وأعلن خلال اللقاء انتهاء "المهمة القتالية" للأميركيين في العراق، وبدء "مرحلة جديدة" من التعاون العسكري، في خطوة تأتي بعد 18 عاماً من الغزو عام 2003.
وأضاف بايدن أن "التعاون مع بغداد في مجال مكافحة الإرهاب سيستمر"، وأن "الدور الأميركي في العراق، سيتركز على المساعدة التدريبية وما يتعلق بتنظيم داعش"، معرباً عن تطلعه لإجراء الانتخابات العراقية المقررة في أكتوبر المقبل.
في المقابل، أعرب الكاظمي خلال هذا اللقاء، عن سعادته لاستمرار التعاون بين واشنطن وبغداد، مؤكداً أن العلاقات مع الولايات المتحدة "لها جوانب صحية وثقافية وغيرها".
وأضاف الكاظمي أن "الشراكة مع الولايات المتحدة استراتيجية، وفي مجالات متنوعة، ونشكر واشنطن على كل المساهمات التي قدمتها من أجل تعزيز الحرية والديمقراطية في العراق"، مؤكداً أن "العلاقات بين الجانبين باتت أقوى من السابق".
من جهته، قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مؤتمر صحافي: "ناقشنا دعم واشنطن لبغداد لإتمام الانتخابات المقبلة، ومراقبتها خلال جلسات الحوار الاستراتيجي" القائمة بين البلدين.
وأضاف أن "الولايات المتحدة أكدت احترامها سيادة العراق، وتعهدت باستمرار توفير الموارد اللازمة لحفظ وحدته"، مشيراً إلى أن "الحكومة العراقية تعهدت بحماية البعثات الأجنبية خلال الحوار الاستراتيجي مع واشنطن".
وبيّن فؤاد أن "القواعد العسكرية التي تستضيف القوات الأجنبية، تخضع للقوانين العراقية وليس غيرها"، مؤكداً أن "وجود القوات الأجنبية في العراق سيقتصر على دعم الحكومة العراقية ضد داعش".
الانسحاب قبل نهاية العام
وفي وقت سابق، الاثنين، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء العراقي حسن ناظم، إن الحاجة لوجود القوات القتالية الأميركية انتفت، لكن العراق "بحاجة لمساعدة واشنطن في المجال الاستشاري والمعلوماتي والاستخباري"، مشيراً إلى أن "انسحاب القوات القتالية الأميركية، لن يتجاوز في إطاره هذا العام".
من جهته دعا زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، الاثنين، الفصائل المسلحة إلى وقف العمليات العسكرية.
وقال الصدر في بيان، إنه "يجب وقف العمل العسكري للمقاومة مطلقاً، والسعي لدعم القوات الأمنية العراقية من الجيش والشرطة". وأضاف: "لننتظر وإياكم إتمام الانسحاب، وشكراً للجهود المبذولة لبلورة هذه الإتفاقية، ولا سيما الأخ الكاظمي".
وأشارت وكالة "أسوشيتيد برس"، إلى أن القوات الأميركية "لن تقاتل في العراق بعد نهاية العام الجاري"، وذلك في ختام جولات من الحوار الاستراتيجي تضمنت مفاوضات ومباحثات بين المسؤولين العراقيين والأميركيين، حول الوجود العسكري الأميركي في العراق.
ولفتت الوكالة إلى أن انتهاء المهمة القتالية في العراق "لا يعني تخفيض عدد القوات الموجودة هناك"، مشيرة إلى أن "الخطة الجديدة لواشنطن، تقضي بتحويل المهمة الأميركية من قتالية إلى تدريبية واستشارية".
وقالت الوكالة إن "الولايات المتحدة ترى أن تنظيم داعش ما زال يشكل تهديداً لا يستهان به"، لكنها في الوقت نفسه "واثقة من قدرة القوات العراقية على حماية العراق".
"أفضلية للكاظمي"
ووفقاً لـ"أسوشيتيد برس"، ترى إدارة بايدن أن الكاظمي "يستحق الثناء لتحسينه مكانة العراق في الشرق الأوسط"، وأن "وضع نهاية للوجود القتالي الأميركي في العراق سيعطيه أفضلية قبل الانتخابات"، لافتة إلى أن الولايات المتحدة ستعلن الاثنين عن خطتها لمساعدة العراق في مواجهة كورونا، وتطوير نظام التعليم والطاقة.
وأشارت الوكالة إلى أن بايدن يريد التركيز على الصين بوصفها "التحدي الأمني الأكبر للولايات المتحدة".
ومع قرار سحب آخر القوات الأميركية من أفغانستان بحلول نهاية أغسطس المقبل، يختتم بايدن المهام القتالية الأميركية في الحربين اللتين بدأهما الرئيس السابق جورج دبليو بوش.
دعم عسكري
وفي سياق متصل، تسلَّم جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، الاثنين، تجهيزات عسكرية بـ25 مليون دولار من قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لهزيمة تنظيم "داعش"، وذلك في ختام مباحثات بين العسكريين العراقيين والأميركيين، حول الانسحاب الأميركي من العراق.
وكشف بيان صادر عن العمليات المشتركة أن التجهيزات تضمنت معدات للاتصالات الاستراتيجية وأجهزة الصيانة، لافتاً إلى أنها "تأتي لدعم العراق، في مهمته من أجل هزيمة الإرهاب".
وأشار البيان إلى أن الدعم "جزء من برنامج صندوق تمويل التدريب والتجهيز، لمكافحة تنظيم داعش، والذي تم تنفيذه منذ عام 2014".
وكشف مصدر حكومي عراقي لـ"الشرق"، الاثنين، عن عودة الوفد العراقي المفاوض برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، ونائب قائد العمليات المشتركة الفريق أول ركن عبد الأمير الشمري، إلى العاصمة بغداد بعد أيام من المفاوضات مع القيادات العسكرية الأميركية، بشأن الانسحاب الأميركي العسكري من البلاد.
وعقدت هذه المفاوضات في إطار الجولة الرابعة والأخيرة للحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة.
ويوجد في الوقت الراهن نحو 2500 جندي أميركي في العراق، تتركز مهامهم على التصدي لتنظيم "داعش". وسيتغير الدور الأميركي في العراق بالكامل ليقتصر على التدريب، وتقديم المشورة للجيش العراقي.
وغزا تحالف تقوده الولايات المتحدة العراق في مارس 2003، بناءً على اتهامات بأن حكومة الرئيس الأسبق صدام حسين تمتلك أسلحة دمار شامل. وأطيح بصدام من السلطة، لكن لم يعثر قط على مثل تلك الأسلحة.
وفي السنوات الأخيرة، تركزت المهمة الأميركية على المساعدة في هزيمة تنظيم "داعش" في العراق وسوريا.