
قالت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية، الثلاثاء، إن روسيا تستغل الفراغ الأمني الناجم عن انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وتسعى لإعادة ممارسة نفوذها في آسيا الوسطى.
وذكرت الصحيفة أن الدبابات الروسية تحركت الأسبوع الماضي نحو الحدود الأفغانية الطاجيكية لإجراء تدريبات عسكرية لـ"حماية حليفتها من الانهيار المحتمل لحكومة كابول"، حيث تواصل حركة طالبان التقدم مع استعداد الولايات المتحدة لإنهاء مهمة عسكرية استمرت لمدة 20 عاماً، وفشلت في إحلال السلام في البلاد.
وأفادت "فايننشيال تايمز" بأن روسيا، التي رحّبت بالانسحاب الأميركي رغم أوجه التشابه مع انسحاب الاتحاد السوفييتي من أفغانستان في عام 1989، كانت من أولى الدول التي تعاملت علناً مع حركة طالبان.
واستقبلت موسكو في عام 2018 وفداً من طالبان لتحفيز جهود السلام، وكان ذلك أول اجتماع في سلسلة من الاجتماعات التي عُقدت منذ ذلك الحين، على الرغم من أن روسيا تعتبر طالبان "منظمة إرهابية محظورة".
"لعبة بوتين"
وقال أسفانديار مير، زميل مركز الأمن والتعاون الدولي بجامعة ستانفورد، للصحيفة، "لعبة بوتين تهدف إلى إحراج الولايات المتحدة. روسيا لا تريد أنظمة مدعومة من الولايات المتحدة في حديقتها الخلفية".
وأضافت الصحيفة أن "بوتين يضع ثقته بإقامة علاقات جديدة مع طالبان، ويأمل بأن تحتوي هذه العلاقات التهديد الذي يشكله تنظيما الدولة (داعش) والقاعدة".
ووصف زامير كابولوف، مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى أفغانستان، مؤخراً تقدم طالبان بأنه تعزيز للأمن الروسي؛ لأنه سيقضي على الجماعات المتطرفة الأكثر خطورة.
وقال كابولوف الأسبوع الماضي: "حقيقة أن طالبان تُسيطر.. له جانب إيجابي في ذلك. لأن معظم هذه الجماعات (المتطرفة) لا تركز على الشؤون الداخلية، بل على آسيا الوسطى، أو باكستان، أو إيران".
ولدى سؤاله في مقابلة إذاعية الأسبوع الماضي عما إذا كان الانسحاب الأميركي مفيداً لروسيا، أجاب كابولوف: "بشكل عام، نعم".
ولكن آركادي دوبنوف، الخبير في شؤون آسيا الوسطى، قال إن هذه الاستراتيجية محفوفة بالمخاطر. وأضاف: "موقف موسكو، الذي يراهن علانية على قوة واحدة ويحاول تقليص نفوذ الأخرى، يبدو خطيراً بالنسبة لي. الأمر يبدو صعباً، ويبدو أنها محاولة لتصفية حسابات قديمة".
دور روسي جديد
وأشارت الصحيفة إلى الأضرار البالغة التي لحقت بموسكو بسبب الحرب السوفييتية الأفغانية التي استمرت لعشر سنوات، حيث أجبر أسلاف طالبان القوات الروسية المحبطة على الانسحاب.
وقال خبير إقليمي آخر للصحيفة: "روسيا تريد لعب دور رئيسي في أفغانستان، ولكنه لا يتعلق مباشرة بالحرب في ثمانينيات القرن الماضي".
وأوضحت "فايننشيال تايمز" أن الفرص الناتجة عن الانسحاب الأميركي تتجاوز أفغانستان بالنسبة لبوتين، وأن موسكو تسعى لاستعادة القوة التي تمتعت بها في الحقبة السوفييتية وإعادة تأسيس نفسها كقوة ضامنة للأمن في جزء كبير من القارة الأوروبية الآسيوية.
وقال دوبنوف: "الأمر كله يتعلق بصورة.. وإقناع شركائنا في آسيا الوسطى بأن روسيا الوحيدة هي القادرة على ضمان أمنهم"، مضيفاً أن الهدف النهائي كان يتمثل في منع الولايات المتحدة وأي قوة غربية أخرى من العودة للمنطقة، قائلاً: "كل ما تفعله روسيا هو خلق ستار دخاني".
من جانبه، لفت ديمتري ترينين، مدير مركز كارنيغي في موسكو، إلى أن الأوضاع في أفغانستان ستضع منظمة معاهدة الأمن الجماعي، تحت اختبار جاد، إذ سيتعين عليها إثبات قدرتها على ضمان الأمن في المنطقة".
وقال مصدر دبلوماسي روسي لم تسمّه الصحيفة: "طالبان ستستولي على السلطة في كابول. ولكنهم لا يعرفون كيف يحكمون، إنهم عالقون في القرن الـ13 في الطريقة التي يديرون بها الأمور. وبالتالي، ستحدث فوضى".
اقرأ أيضاً: