
قال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، الجمعة، إن الورقة التي قدمها المبعوث الأميركي توم باراك للبنان تشمل "الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة"، و"حصر السلاح بيد الدولة"، فيما أعرب الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، عن رفضه تسليم سلاح الحزب إلى إسرائيل.
وبدأت مؤخراً اللجنة السداسية التي تمثل الرؤساء الثلاثة في لبنان (رئاسات الجمهورية والحكومة والبرلمان)، اجتماعاتها لدراسة الملاحظات الأميركية التي تسلمها لبنان على الرد الذي قدمه رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى باراك، في زيارته الأخيرة لبيروت.
وأشار سلام خلال مقابلة مع قناة "الجديد" اللبنانية، إلى أن "المبعوث الأميركي آتٍ إلى لبنان، الأسبوع المقبل"، لافتاً إلى أن "الورقة التي قدمها هي مجموعة من الأفكار المتعلقة بتنفيذ إعلان ترتيبات وقف الأعمال العدائية، الذي تبنته الحكومة السابقة، وأكدت حكومتنا التزام لبنان بها".
وأوضح أن "الورقة تقوم على فكرة أساسية، هي التلازم بين الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، وإتمام عملية بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد الدولة".
وأضاف سلام: "قدمنا عن طريق رئيس الجمهورية جوزاف عون ملاحظات على هذه الورقة، ونحن لا نعمل في غرف سوداء"، معرباً عن نيته لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري "خلال الأيام المقبلة للتشاور في مضمون الورقة والرد المناسب عليها".
وأبدى رئيس الوزراء اللباني خشيته من التصعيد، معتبراً أن "الانخراط في ورقة باراك مع تحسينها هو السبيل لتفادي الانزلاق إلى مواجهات جديدة".
وشدد سلام على أن "المطلوب تسليم السلاح للدولة اللبنانية بدلاً من أن تقصفه إسرائيل"، مؤكداً أن "المرحلة تقتضي تحكيم منطق الدولة لا منطق الميليشيات".
"حزب الله": إسرائيل لن تتسلم منا السلاح
وفي المقابل، قال الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، الخميس، إن الاتفاق المطروح حالياً "يبرئ إسرائيل من كل ما ارتكبته خلال فترة العدوان"، مشيراً إلى أن النصوص الواردة في الاتفاق المقترح تلبي ما تريده الولايات المتحدة، خصوصاً "ما يتعلق بنزع سلاح الحزب مقابل بعض الانسحابات الجزئية وفي أوقات متفاوتة".
وأضاف قاسم في كلمة مصورة له، أن الاتفاق يقترح فرض "عواقب" في حال خرقه، تتمثل بإدانات في مجلس الأمن فقط، متسائلاً: "ما هي العواقب على إسرائيل؟".
وتساءل قاسم عن سبب الحديث عن اتفاق جديد و"عدم إيقاف العدوان الإسرائيلي"، معتبراً أن الهدف الوحيد لذلك هو نزع سلاح الحزب، بناء على طلب إسرائيلي. وقال: "نزع سلاح حزب الله هو مطلب إسرائيلي، والعدوان مستمر لأنهم يريدون إسقاط هذا السلاح".
واتهم قاسم إسرائيل بأنها "دولة توسعية"، معتبراً أن نزع سلاح "حزب الله" هو خطوة أولى نحو "توسيع السيطرة الإسرائيلية في المنطقة"، وقال: "السلاح عقبة في طريق التوسع الإسرائيلي، وهو من حمى لبنان طوال 42 سنة".
ورأى أن الأطراف التي تدعو لنزع السلاح "تخدم إسرائيل"، محذراً من أن هذا الطرح "يهدد باندلاع فتنة داخلية، بل وحرب أهلية"، وقال إن تصريحات المبعوث الأميركي بشأن نزع السلاح "قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية، أي يحرض الجيش اللبناني والدولة اللبنانية: اذهبوا قاتلوا وانزعوا السلاح".
وأشار إلى أن الحزب "لن يتخلى عن السلاح"، مضيفاً: "لن تستلم إسرائيل السلاح منا، ونحن حاضرون لأي عمل يؤدي إلى التفاهم اللبناني والقدرة اللبنانية والمكانة اللبنانية".
وتابع قاسم: "تأكدوا أنه بعد أن نُزيل هذا الخطر، وبعد أن يتحقق المطلوب، نحن حاضرون أن نناقش استراتيجية الأمن الوطني، والاستراتيجية الدفاعية، وأن تكون هناك نتائج لمصلحة قوة واستمرار لبنان".
وكان مصدر رسمي قال لـ"الشرق"، الخميس، إن الرد اللبناني شدد على حصر السلاح في يد الدولة، دون أن يقدم جدولاً زمنياً للتنفيذ، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى المطالبة في ملاحظاتها على الرد، بضرورة الالتزام بجدول زمني، وتقسيم عملية التنفيذ على مراحل، وشددت على ضرورة وجود "مواعيد محددة وآلية تنفيذية واضحة".
وأضاف المصدر، أن لبنان يريد ضمانات مقابل التزامه بتنفيذ حصر السلاح، للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي تحتلها، وإطلاق سراح الأسرى، ووقف الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار.
وأوضح، أن الأميركيين يطالبون أيضاً بضمانات من لبنان تؤدي إلى التزام جماعة "حزب الله" بالاتفاق وتسليم سلاحها، معتبراً أن الضمانات المتبادلة تبدو هي العائق الأكبر حتى الآن.
وحذر باراك، الأسبوع الماضي، من أن لبنان إذا لم يبادر سريعاً لترتيب أوضاعه، فسيتجاوزه الجميع من حوله، وذلك في سياق حديثه عن احتمال تحول "حزب الله" من جماعة مسلحة مدعومة من إيران، إلى كيان سياسي كامل داخل البلاد.
والأسبوع الماضي، شدد الرئيس اللبناني، على أنه "لا تراجع على حصر السلاح" في يد الدولة، فيما اعتبر مسألة التطبيع مع إسرائيل "غير واردة" في الوقت الراهن.