
قال الرئيس السوري أحمد الشرع، السبت، إن سوريا "ليست ميداناً لمشاريع الانفصال أو التحريض الطائفي"، واتهم من لديهم "مصالح ضيقة" و"طموحات انفصالية" بأنهم وراء اشتعال الموقف في السويداء، مضيفاً أن هذه المصالح "لا تعبر عن الطائفة الدرزية بأكملها"، وشدد على أن الدروز "ركن أساسي من النسيج الوطني السوري".
وأضاف، في خطاب متلفز عقب إعلان وقف نار شامل وفوري بالسويداء، أن الدولة السورية "ملتزمة بحماية الأقليات والطوائف كافة في البلاد، وماضية في محاسبة المنتهكين من أي طرف كان".
وتعهد بـ"ألا يفلت أي شخص من المحاسبة"، وأن تقف الدولة بكل إمكانياتها لدعم جهود المصالحة، معلناً تبرؤ الدولة من "جميع الجرائم والتجاوزات التي جرت، سواءً كانت من داخل أو خارج السويداء"، وأكد "أهمية تحقيق العدلة وفرض القانون على الجميع".
وقال الرئيس السوري إنه "لا يجوز أن نحاكم الطائفة الدرزية بأكملها بسبب تصرفات فئة قليلة انزلقت في مواقف لا تمثل تاريخ الطائفة العريق"، وأضاف: "السويداء كانت ولا تزال جزءاً أصيلاً من الدولة السورية وهم يشكلون ركناً أساسياً من النسيج الوطني السوري".
وذكر أن "أبناء السويداء بجميع أطيافهم يقفون بجوار الدولة السورية، ويرفضون مشاريع التقسيم باستثناء مجموعة صغيرة تحاول دفعهم بعيداً عن الموقف الوطني".
"لا بديل عن دور الدولة في سوريا"
واعتبر الشرع أن "أي محاولة لتفكيك وحدة الشعب السوري أو إقصاء مكوناته تعد تهديداً مباشراً لاستقرار سوريا"، وقال: "اللحظة الحالية تتطلب وحدة الصف والتعاون الكامل لتجاوز ما نمر به جميعاً والحفاظ على بلدنا وأرضنا من التدخلات الخارجية والفتن الداخلية".
وأضاف: "لا بديل عن دور الدولة في إدارة البلاد وبسط الأمن، الدولة هي وحدها القادرة على الحفاظ على هيبتها".
وساطات عربية وأميركية وتركية
وقال الشرع إن الوساطات الأميركية والعربية تدخلت لتهدئة الأوضاع بالسويداء في ظل "ظروف معقدة"، مشيداً بما وصفه بـ"التوافق الدولي الذي يعكس الحرص المشترك عى استقرار سوريا وسيادتها".
وأعرب الشرع عن شكره وتقديره للدور الذي قامت به الولايات المتحدة "بتأكيدها الوقوف إلى جانب سوريا في هذه الظروف الصعبة وحرصها على استقرار البلاد وإعادة إعمارها، ودور الدول العربية التي قدمت دعماً فاعلاً في هذه المرحلة".
كما أشاد بتركيا التي قال إنها "كانت جزءاً من الجهود الإقليمية الرامية إلى دعم الاستقرار والتهدئة"، وكذلك الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين لاتخاذها "مواقف قوية برفض القصف الإسرائيلي والانتهاكات المتكررة للسيادة السورية".
"أرضية وطنية جامعة"
وقال الرئيس السوري إن "البعض اختار طريق الاختلاف والانفصال، واصطدموا بمواقف مأساوية أثبتت خطورة هذا المسار"، مضيفاً: "بات من الضروري العودة إلى جادة الصواب والالتقاء على أرضية وطنية جامعة تشكل منصة حقيقية لبناء مستقبل سوريا".
وتابع: "قوة الدولة السورية تنبع من تماسك شعبها، ومتانة علاقاتها الإقليمية والدولية وترابط مصالحها الوطنية".
وألقى الرئيس السوري باللوم في الاشتباكات، التي شهدتها السويداء، على خروج الدولة من المنطقة، وقال: "بدأت مجموعات مسلحة بعدها بشن هجمات انتقامية عنيفة ضد البدو وعائلاتهم ما أدى إلى تهجير جماعي للسكان وخلق حالة من الرعب والفوضى".
وقال إن "هذه الهجمات الانتقامية ترافقت مع انتهاكات لحقوق الإنسان دفعت بقية العشائر العربية إلى التوافد لفك الحصار عن البدو داخل السويداء ما أدى إلى تصاعد التوتر".
وذكر أنه "في ظل هذا المشهد تلقت الحكومة السورية دعوات دولية للتدخل مجدداً لوقف ما يجري وفرض الأمن والاستقرار في البلاد".
"مصالح ضيقة"
وقال الرئيس السوري إن "المصالح الضيقة لبعض الأفراد في السويداء ساهمت في حرف البوصلة حيث ظهرت طموحات انفصالية لبعض الشخصيات التي استقوت بالخارج وقادت جماعات مسلحة تمارس القتل والتنكيل بشكل متسارع".
وأضاف: "رغم أن الدولة وقفت بجانب السويداء بعد تحرير سوريا وتقديم الخدمات إلا أن هذه الشخصيات وقوى الفوضى أساءت لتلك المدينة ودورها في الاستقرار الوطني"، على حد وصفه.
وحذر الشرع من أن "الاستقواء بالخارج واستخدام بعض الأطراف الداخلية كأداة في صراعات دولية لا يصب في مصلحة السوريين بل يفاقم الأزمة".
وفيما أعرب عن شكره للعشائر العربية على "مواقفها البطولية"، دعاها إلى الالتزام التام بوقف إطلاق النار، وقال: "تبرز الحاجة إلى تغليب صوت العقل والحكمة وفتح المجال للعقلاء من الجانبين لإصلاح ذات البين".