"تكتيكات إسرائيل" تعزز الغموض بشأن مفاوضات غزة.. وحماس: الوسطاء رحبوا بردنا

ترجيحات مصرية باستئناف التفاوض الأسبوع المقبل.. ومسؤولون إسرائيليون: استدعاء وفد تل أبيب لا يعني انهيار المحادثات

time reading iconدقائق القراءة - 9
أطفال فلسطينيون يحاولون الحصول على مساعدات غذائية في شمال قطاع غزة وسط أزمة جوع طاحنة. 24 يوليو 2025 - REUTERS
أطفال فلسطينيون يحاولون الحصول على مساعدات غذائية في شمال قطاع غزة وسط أزمة جوع طاحنة. 24 يوليو 2025 - REUTERS
غزة/ القاهرة/ الدوحة/ دبي -الشرق

اعتبر مسؤولون إسرائيليون، إن قرار استدعاء فريق التفاوض الإسرائيلي من الدوحة، حيث تُجري المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لا يعني "انهيار" المحادثات، وإنما يهدف إلى "الضغط" على حركة "حماس"؛ وذلك وسط مخاوف من توقف المحادثات، وتفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع التي أصبحت كارثية على نحو متزايد، فيما رجحت مصادر مصرية، استئناف المحادثات، الأسبوع المقبل.

يأتي ذلك في الوقت الذي أعادت فيه إسرائيل والولايات المتحدة وفديهما من محادثات الدوحة، للتشاور، الخميس، فيما أعربت "حماس" في وقت مبكر الجمعة، عن "استغرابها" من تصريحات المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، التي تتهمها بأنها لا تسعى بجدية لوقف إطلاق النار.

وقالت نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي: "يريد الرئيس (دونالد) ترمب حياة أفضل لسكان غزة، لأن لديه قلباً عطوفاً"، مضيفة: "من المؤسف أن شعب غزة يعاني بسبب عدم رغبة حماس الواضحة في التوصل إلى وقف إطلاق النار، والعمل بحسن نية من أجل التوصل إلى سلام دائم".

وتابعت كيلي: "مؤسسة غزة الإنسانية قدمت أكثر من 85 مليون وجبة حتى الآن، وهي مساعدات لم تكن ممكنة إلا بسبب دعوة الرئيس دونالد ترمب لإيجاد حلول مبتكرة لمساعدة الفلسطينيين".

ويتكوف: ندرس "خيارات بديلة"

وقال المبعوث الأميركي ويتكوف، في بيان إن رد "حماس" الأخير في محادثات غزة يُظهر "عدم وجود رغبة في التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة"، وحذّر من أن الولايات المتحدة تدرس الآن "خيارات بديلة" لإعادة المحتجزين إلى ديارهم، ومحاولة خلق بيئة "أكثر استقراراً" لسكان غزة، دون أن يحدد ما قد تتضمنه هذه البدائل.

وتابع: "من المؤسف أن حماس تتصرف بهذه الطريقة الأنانية. نحن عازمون على السعي لإنهاء هذا النزاع، والتوصل إلى سلام دائم في غزة".

مع ذلك تحدث مسؤولون إسرائيليون بلهجة مختلفة، قائلين، إن استدعاء المفاوضين لا يعني نهاية المحادثات.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن ثلاثة مسؤولين مطلعين على المفاوضات قولهم، إنه لم يكن هناك تعطل أو انهيار في المفاوضات، لكن الوفد عاد لمناقشة التفاصيل قبل إجراء مزيد من المحادثات.

وأفادت الصحيفة، الخميس، بأن مسؤولين من عدة دول قالوا إن انسحاب إسرائيل والولايات المتحدة من المحادثات ربما كان "تكتيكياً"، مشيرين إلى أنه كانت هناك العديد من الصفقات الوشيكة التي انهارت منذ آخر عملية تبادل كبيرة للأسرى والمحتجزين، قبل 6 أشهر.

وقال مسؤول إسرائيلي لموقع "أكسيوس"، إن استدعاء المفاوضين جاء لمحاولة "إحداث تغيير" في المفاوضات، وممارسة ضغط إضافي على "حماس" للموافقة على الاقتراح، الذي يدعو أيضاً إلى إطلاق سراح 10 محتجزين أحياء، و18 جثة.

وشدد المسؤول الإسرائيلي، على أن المحادثات "لم تنهار"، ولكن ليس من الواضح بعد ما إذا كان الانسحاب سيؤدي إلى توقف كبير في المفاوضات، وليس من الواضح أيضاً ما هي "الخيارات البديلة" التي قد تلجأ إليها واشنطن، لا سيما مع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن، الخميس، استدعاء فريق المفاوضين الإسرائيليين من الدوحة لإجراء مزيد من المشاورات، وذلك بعد تقديم "حماس" رداً جديداً على مقترح لوقف إطلاق النار في غزة.

وجاءت هذه الخطوة بالتزامن مع وصول ويتكوف إلى إيطاليا، لإجراء محادثات بشأن غزة مع مسؤولين قطريين وإسرائيليين.

"حماس": نستغرب تصريحات ويتكوف

في المقابل، قالت "حماس" في بيان، إنها "فوجئت" بـ"التصريحات السلبية" التي أدلى بها ويتكوف، وقالت إن الوسيطين المصري والقطري أعربا عن "ارتياحهما لموقف حماس البناء والإيجابي الذي يفتح الباب أمام التوصل إلى اتفاق شامل".

وأضافت "حماس" في بيانها، أنها "لا تزال ملتزمة باستكمال المفاوضات وتذليل العقبات والتوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار".

وقال مسؤول في حماس لـ"الشرق"، إن "حماس أبلغت الوسطاء بصدمتها واستغرابها الشديد من تصريحات ويتكوف"، موضحاً أن الحركة  "أبدت أنها لازالت مستعدة لمواصلة المفاوضات والتوصل لاتفاق لوقف الحرب على غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، وإدخال المساعدات فوراً، وإطلاق سراح كافة الأسرى الأحياء والجثث".

وقال مسؤول فلسطيني آخر مطلع على سير مفاوضات الدوحة لـ"الشرق"، إن تصريحات ويتكوف تشكل "استمراراً للانحياز لحكومة نتنياهو المتطرفة، في عدوانها وحرب الإبادة والتجويع، وتهجير الشعب الفلسطيني".

فيما اعتبر القيادي في "حماس"، محمود مرداوي، أن التصريحات "السلبية الأخيرة" في إشارة لتصريحات ويتكوف، لا تنسجم مع أجواء الوساطة ومواقف الوسطاء "المرحِبة".

وحذر في تصريحات صحافية، من أن الحملات الإعلامية والمناورات السياسية "المنسقة وغير المسؤولة"، قد تؤدي  إلى "عواقب وخيمة وأثمان باهظة".

وقال مصدر في "حماس"، لوكالة "رويترز"، إنه لا تزال هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق لكن الأمر سيستغرق "بضعة أيام"، بسبب ما وصفه بـ"المماطلة الإسرائيلية".

وأضاف أن "رد حماس تضمن طلب بند يمنع إسرائيل من استئناف الحرب إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال فترة وقف إطلاق النار البالغة 60 يوماً".

وقال مسؤول إسرائيلي كبير ومصدر مطلع على التفاصيل لموقع "أكسيوس"، إن حركة "حماس" طالبت بزيادة عدد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم مقابل المحتجزين الإسرائيليين.

وكان الوسطاء القطريون، قد طلبوا من "حماس" عدم إعادة فتح هذه المسألة، وعندما فعلوا ذلك، رد المسؤولون الإسرائيليون بغضب، بحسب "أكسيوس".

من جانبها، أكدت حركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية، أن الورقة التي قدمتها "حماس" والفصائل الفلسطينية للوسيطين القطري والمصري "كانت محل ترحيب الوسطاء"، مشيرة إلى أنهما اعتبراها "مدخلاً للتوصل إلى اتفاق يوقف العدوان وينهي معاناة شعبنا".

وأضافت الحركة في بيان لها، "في الوقت الذي نعتبر فيه تصريحات المبعوث ويتكوف انعكاساً لموقف حكومة العدو النازية وتعكس نوايا مبيتة لاستمرار العدوان والالتفاف على جهود الوسطاء، فإننا نؤكد حرصنا على مواصلة جهود الوسطاء واستكمال التفاوض والوصول إلى اتفاق يراعي مصالح شعبنا ويوقف هذه الجرائم التي يندى لها جبين كل إنسان حر في هذا العالم"، حسبما ورد في البيان.

مقترح من الوسطاء.. ورد "حماس"

وقدم الوسطاء القطريون والمصريون، مقترحاً محدثاً، إلى كل من إسرائيل و"حماس" قبل أسبوع. ووافقت إسرائيل عليه لكن "حماس" تأخرت في الرد الذي أرسلته، الثلاثاء الماضي، لكن الوسطاء المصريين والقطريين اعتبروا أنه غير كافٍ، ورفضوا نقله إلى الجانب الإسرائيلي، وفق 3 مصادر مطلعة مباشرة على الملف.

وصباح الخميس، قدمت "حماس" رداً جديداً وأكثر تفصيلاً، وقال مسؤولون إسرائيليون، إنه كان أفضل من الرد السابق، لكنه لا يزال يُظهر "فجوات كبيرة" بين الطرفين، لا سيما في قضية المحتجزين، بحسب "أكسيوس".

وطالبت "حماس" بأن تُفرج إسرائيل عن 200 أسير فلسطيني محكوم عليهم بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل إسرائيليين، بدلاً من 125 فقط كما جاء في المقترح.

كما طالبت بالإفراج عن ألفي معتقل فلسطيني من غزة، بعد اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، بدلاً من الرقم المقترح البالغ 1200.

ووفق موقع "أكسيوس" الأميركي، فإن ويتكوف كان يأمل في السفر إلى الدوحة لإتمام اتفاق لوقف إطلاق النار، لمدة 60 يوماً هذا الأسبوع.

وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، مساء الخميس، سحب طاقم المفاوضات من العاصمة القطرية الدوحة، عقب رد من حركة "حماس"، وصفه بـ"العبثي".

وأوضح البيان أن الفريق سيعود إلى إسرائيل لإجراء مشاورات، مؤكداً تقدير الحكومة لجهود الوساطة التي تبذلها كل من قطر ومصر، إضافة إلى مبعوث الولايات المتحدة، ستيف ويتكوف.

ونقلت القناة 14 الإسرائيلية، عن مصدر سياسي، نفيه الشائعات التي زعمت أن الوفد أعيد لاتخاذ "قرارات صعبة"، مؤكداً أن السبب الحقيقي هو ما وصفه بـ"رد حماس غير الجدي" على المقترح الإسرائيلي.

وفي تعليقها على الموقف، أشارت وسائل إعلام إسرائيلية، إلى أن التصريحات الإسرائيلية، تُحمّل "حماس" المسؤولية الكاملة عن تعثّر المفاوضات، وقد تمهد لـ"تحوّل في مسار الجهود الدولية".

ونقلت وسائل إعلام مصرية، عن مصدر أمني مطلع على مسار المفاوضات، أنه من المتوقع استئناف المحادثات، الأسبوع المقبل، بعد أن تدرس إسرائيل رد "حماس".

تصنيفات

قصص قد تهمك