
اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مكتب إحصاءات العمل بـ"التلاعب السياسي" في بيانات الوظائف التي صدرت قبل انتخابات الرئاسة 2024، كما جدد انتقاده لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.
وقال ترمب خلال مقابلة هاتفية مباشرة مع برنامج Squawk Box على قناة CNBC، إن الأرقام التي نُشرت أظهرت "صورة وردية زائفة للاقتصاد"، ثم جرى تعديلها بعد أسبوعين بخفض بلغ نحو 900 ألف وظيفة، في أكبر مراجعة من نوعها منذ بدء التسجيلات الحديثة.
وأضاف: "كان الهدف منها خداع الناس قبل أن يصوتوا (في الانتخابات الرئاسية).. لو كنت خسرت، لقالوا إنني أتحدث بنظريات المؤامرة".
وانتقد ترمب بشدة طريقة جمع البيانات، واصفاً إياها بأنها "من زمن الديناصورات"، مستنكراً: "ما زلنا نرسل استبيانات بالبريد للحصول على بيانات التوظيف، رغم أننا نعيش في عصر الإنترنت. هذا غير معقول".
كما اتهم مكتب إحصاءات العمل باستخدام الأرقام للتأثير على الانتخابات، قائلاً: "لقد زيفوا الأرقام لإنقاذ (الرئيس السابق جو) بايدن سياسياً".
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي ينتقد فيها مكتب إحصاءات العمل، إذ سبق أن اتهم مفوضة المكتب إريكا ماكينتارفر بالتلاعب في أرقام الوظائف دون تقديم دليل على ذلك، ووجَّه بإقالتها من منصبها.
في المقابل، أدان الديمقراطيون، قرار ترمب بإقالة مسؤولة إصدار بيانات الوظائف، وذلك بعد أن أظهر تقرير حديث أن نمو الوظائف جاء أقل من التوقعات.
تجدد الهجوم على باول
انتقادات ترمب لم تقتصر على مكتب إحصاءات العمل، بل امتدت إلى رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، واصفاً إياه بأنه كان "بطيئاً عندما احتاجت الأسواق لتدخل سريع"، لكنه "تحرك فقط عندما أصبح ذلك مفيداً لحملة بايدن الانتخابية".
وتابع: "عيّناه لأنه وعد بسياسات نقدية ميسّرة لكنه خذلنا. سيتذكره الناس بأنه جيروم المتأخر دائماً".
وكشف الرئيس الأميركي أن هناك 4 مرشحين قيد الدراسة لخلافة باول، من بينهم كيفن وورش، إلا أن سكوت بيسينت، وزير الخزانة الحالي "رفض المنصب بشكل قاطع".
ورغم إعلان الحكومة الأميركية عن أن معدل البطالة بلغ 4.2%، قلل ترمب من مصداقية هذا الرقم، قائلاً إن الأرقام "مصممة لتعطي صورة محسّنة".
ومضى يقول: "كل شيء تم تزييفه قبل الانتخابات.. النظام بأكمله مخترق سياسياً، ولا أحد يثق به سوى البسطاء".
وشدد ترمب على أن الأسعار انخفضت خلال ولايته، معتبراً أن وسائل الإعلام "تصنع صورة سوداوية للاقتصاد رغم تحسنه"، مستشهداً بانخفاض أسعار البنزين إلى 2.20 دولار للجالون، وارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية.
مكاسب تجارية "قياسية"
وتحدَّث ترمب عما وصفه بـ"مكافآت توقيع ضخمة" حصلت عليها الولايات المتحدة خلال فترة رئاسته، مؤكداً أن بلاده تلقَّت مبالغ مباشرة من شركاء تجاريين رئيسيين على رأسهم اليابان والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى عائدات صادرات الطاقة.
وبيَّن أن هذه العوائد شملت 550 مليار دولار من اليابان، و650 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب 750 مليار دولار من صادرات الطاقة إلى أوروبا، مؤكداً أن هذه الأموال "ليست ديوناً أو مساعدات"، بل دخل حقيقي يمكن للحكومة الأميركية استثماره بحرية في البنية التحتية والخدمات الاجتماعية.
واستدرك قائلاً: "لقد سرقونا لسنوات، وحان الوقت أن يدفعوا الثمن. ما حققناه لم يحدث من قبل في تاريخ العلاقات التجارية الأميركية".
واستعرض ترمب تفاصيل لقائه مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، حيث واجهها بعدم استيراد ألمانيا سيارات أميركية، في وقت تُصدّر فيه مئات الآلاف من سياراتها إلى أميركا. وقال: "اليوم اليابان تستورد شاحنات فورد F-150، وكوريا الجنوبية فتحت أبوابها، وحتى فيتنام تستورد منتجاتنا".
ولفت ترمب إلى أنه يدرس إطلاق برنامج يعيد جزءاً من عائدات الرسوم الجمركية إلى العائلات ذات الدخل المحدود والمتوسط، عبر تحويل الأموال مباشرة إلى الأسر المتضررة من التضخم.
وأوضح: "هذه أموال حقيقية، ولم يفعلها أحد من قبل.. يمكننا استخدامها لتقليص الدين، ولدعم الناس معاً".
كما أعلن ترمب نيته فرض رسوم جمركية تدريجية على واردات الأدوية، تبدأ بنسبة بسيطة وقد تصل إلى 250%، في خطوة تهدف إلى إعادة سلاسل تصنيع الدواء إلى الولايات المتحدة، خصوصاً من الصين وإيرلندا.
وفي تحول لافت، وجّه ترمب انتقادات للهند؛ بسبب استمرارها في شراء النفط من روسيا رغم العقوبات الغربية، مهدداً بفرض رسوم عالية على الواردات الهندية في غضون 24 ساعة، واصفاً الهند بأنها "أعلى دولة في العالم من حيث التعرفة الجمركية".
وطمأن ترمب الأسواق بأنه غير قلق من ارتفاع الأسعار رغم تشديد العقوبات على روسيا والهند، منبهاً إلى أن الإنتاج الأميركي "في ذروته"، وأن "بايدن هو من أوقف التنقيب، ما تسبب في أزمة الأسعار".
ترمب يهاجم البنوك الكبرى
واتهم ترمب بنوكاً كبرى بطرده لأسباب سياسية، قائلاً إن JPMorgan Chase وBank of America طلبا منه سحب أمواله خلال 20 يوماً "رغم سجله النظيف".
وألمح إلى أنه يُعد أمراً تنفيذياً لمنع البنوك من التمييز ضد المحافظين، قائلاً: "الديمقراطيون يستخدمون المنظمين البنكيين كسلاح سياسي".
الهجرة والعمال الأجانب
ورفض ترمب الربط بين انخفاض أعداد العمال الأجانب وركود سوق العمل، منوهاً إلى أن "الأميركيين عادوا للعمل"، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه يُقدّر دور العمال الزراعيين المهاجرين، ووعد بوضع آليات قانونية تسمح بترحيل مؤقت وإعادة منظمة لهم.
وصعّد ترمب خطابه ضد الحزب الديمقراطي، متهماً قياداته بـ"فقدان الاتجاه والانغماس في كراهية شخصية"، في إشارة إلى ما سمّاه بـ"متلازمة كراهية ترمب".
كما وجَّه انتقادات مباشرة لعدد من الشخصيات البارزة في الحزب، من بينهم زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر والنائبة الديمقراطية كروكيت، واصفاً إياهما بأنهما بمثابة "رموز لانحدار مستوى القيادة السياسية لدى الديمقراطيين".
وأردف بالقول: "الولايات المتحدة انتقلت من كونها دولة خاملة إلى الأكثر حيوية على الساحة الدولية... وهذا ما سمعته من قادة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)".
وفيما يتعلق بمستقبله السياسي، ورغم قوله إنه يحظى بـ"أعلى نسب تأييد في تاريخ الحزب الجمهوري"، إلا أن ترمب أبقى الباب مفتوحاً أمام احتمالية عدم ترشحه في الانتخابات المقبلة، قائلاً: أحب أن أعود، لكن ربما لا. حققنا أرقاماً قياسية في تكساس، وربما لا تتكرر، لكننا سنرى".