
أفادت "بلومبرغ"، نقلاً عن مصادر مطلعة، الجمعة، بأن الولايات المتحدة وروسيا تسعيان للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في أوكرانيا من شأنه أن "يكرس وضع روسيا في الأراضي التي سيطرت عليها" خلال غزوها الذي بدأ في فبراير 2022.
وذكرت المصادر، التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها، أن مسؤولين أميركيين وروس يعملون على صيغة اتفاق بشأن المناطق المتنازع عليها، تمهيداً للقمة المرتقبة بين الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين، والتي قد تعقد الأسبوع المقبل.
وأعربت عن سعي الولايات المتحدة للحصول على موافقة أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين على الاتفاق، مشيرين إلى أن إنجاز ذلك غير مؤكد.
وذكرت المصادر أن روسيا ستوقف هجومها في منطقتي خيرسون وزابوريجيا بأوكرانيا في إطار الاتفاق.
مطالب بوتين
ويطالب الرئيس الروسي، بأن تتنازل أوكرانيا عن إقليم دونباس بالكامل، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014.
ووفقاً لـ"بلومبرغ"، سيعني ذلك أن يأمر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بسحب قوات بلاده من بعض المناطق التي تسيطر عليها في لوجانسك ودونيتسك، وهو ما يعتبر "انتصاراً سياسياً" لروسيا، وفق "بلومبرغ".
وترى الوكالة، أن هذا التطور يمثل مكسباً كبيراً لبوتين، الذي سعى طويلاً إلى إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة بشأن شروط إنهاء الحرب التي بدأها، متجاوزاً أوكرانيا وحلفاءها الأوروبيين.
ويواجه زيلينسكي خطر عرض اتفاق نهائي غير قابل للتفاوض من أجل قبول التخلي عن الأراضي الأوكرانية، وسط مخاوف أوروبية بأن تُترك لمهمة مراقبة وقف إطلاق النار بينما يعيد بوتين بناء قواته.
وبحسب المصادر، ستوقف روسيا هجومها في منطقتي خيرسون وزابوريجيا عند خطوط القتال الحالية كجزء من الاتفاق، لكنهم حذروا من أن شروط وخطط الاتفاق قد تتغير.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت موسكو مستعدة للتخلي عن أي أراضٍ تسيطر عليها حالياً، بما في ذلك محطة زابوريجيا النووية التي تعتبر الأكبر في القارة الأوروبية.
أهداف الاتفاق
وتهدف الاتفاقية، وفق المصادر، إلى تجميد الحرب، وتمهيد الطريق لوقف إطلاق النار، وإجراء محادثات فنية من أجل التوصل إلى تسوية سلمية نهائية.
وكانت الولايات المتحدة دفعت في وقت سابق لأن توافق روسيا أولاً على وقف إطلاق نار غير مشروط لتهيئة المجال أمام مفاوضات إنهاء الحرب التي تدخل عامها الرابع الآن.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، وعد بحل سريع لأسوأ صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وأبدى ترمب إحباطه من رفض بوتين الموافقة على وقف إطلاق النار.
وأجرى الرئيسان 6 اتصالات هاتفية منذ فبراير، والتقى المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف ببوتين 5 مرات في روسيا بهدف التوسط للتوصل إلى اتفاق.
ولم يفرض ترمب أي إجراءات مباشرة ضد موسكو حتى الآن، لكنه ضاعف مؤخراً الرسوم الجمركية على السلع الهندية إلى 50% بسبب شرائها النفط الروسي، ما أثار غضب نيودلهي.
كما طالب ترمب بوتين بالموافقة على وقف إطلاق النار بحلول، الجمعة، وإلا فإن الولايات المتحدة سفرض رسوماً جمركية على الدول التي تشتري النفط الروسي لزيادة الضغط الاقتصادي على موسكو.
وبالمقابل، كرر بوتين مراراً أن أهدافه من الحرب لم تتغير، وتشمل مطالبة كييف بقبول الحياد والتخلي عن طموحها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والاعتراف بفقدان القرم والمناطق الأربع الشرقية والجنوبية الأخرى لصالح روسيا.
وتخضع أجزاء من دونيتسك ولوجانسك للسيطرة الروسية منذ عام 2014، بحسب "بلومبرغ".
وأعلن بوتين في سبتمبر 2022، ضم 4 مناطق أوكرانية وهي دونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوريجيا، إلى روسيا، واعتبارها جزءاً منها "إلى الأبد"، رغم أن قواته لم تسيطر عليها بالكامل.
ولا يمكن لأوكرانيا، دستورياً، التنازل عن أراض، وقد أكدت أنها لن تعترف بالسيطرة الروسية أو ضم أراضيها.
اجتماع ثلاثي
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان بوتين سيوافق على المشاركة في اجتماع ثلاثي مع ترمب وزيلينسكي، الأسبوع المقبل، حتى وإن كان قد توصل بالفعل إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي، بحسب المصادر.
وكان الرئيس الروسي أبدى للصحافيين، الخميس، عدم معارضته لقاء زيلينسكي في ظل "الظروف المناسبة"، لكنه اعتبر أن "هذه الظروف غير مهيئة حالياً".
وأعرب عدة مسؤولون، بمن فيهم أميركيون، عن شكوكهم بشأن استعداد بوتين لوقف الحرب، وما إذا كان مهتماً حقاً باتفاق سلام لا يحقق أهدافه المعلنة في أوكرانيا، ووفقاً للمصادر.
وعبّر ترمب، الخميس، عن استعداده للقاء بوتين، حتى لو لم يوافق الأخير على لقاء نظيره الأوكراني، متراجعاً فيما يبدو عن تلميحات سابقة لاجتماع ثلاثي.
وأضاف ترمب للصحافيين في المكتب البيضاوي: "لا أحب الانتظار الطويل. إنهم يرغبون في لقائي، وسأفعل كل ما بوسعي لوقف القتل".
وقال مستشار الكرملين للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف، إن المسؤولين الروس والأميركيين يضعون اللمسات النهائية على تفاصيل اجتماع في غضون الأيام القليلة المقبلة، وإنهم اتفقوا على مكان انعقاده دون الكشف عنه.
وكانت الولايات المتحدة عرضت في وقت سابق الاعتراف بالقرم كجزء من روسيا ضمن أي اتفاق لوقف الحرب، والتنازل فعلياً عن السيطرة الروسية على أجزاء من مناطق أوكرانية أخرى.
وبموجب تلك المقترحات السابقة، كانت السيطرة على أجزاء من زابوريجيا وخيرسون ستعود إلى أوكرانيا.