تقرير: مذكرة في البنتاجون تتيح إعادة توجيه أسلحة أوكرانيا إلى المخزونات الأميركية

time reading iconدقائق القراءة - 8
جندي أوكراني يطلق قذيفة بالقرب من بلدة تشاسيف يار في منطقة دونيتسك. 16 مارس 2025 - REUTERS
جندي أوكراني يطلق قذيفة بالقرب من بلدة تشاسيف يار في منطقة دونيتسك. 16 مارس 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

نقلت شبكة CNN الأميركية عن 4 أشخاص اطلعوا على مذكرة صادرة، الشهر الماضي، عن رئيس السياسات في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، أن الوزارة أصبحت تملك خيار إعادة توجيه بعض الأسلحة والمعدات المخصّصة لأوكرانيا إلى المخزونات الأميركية، في تحول كبير قد يؤدي إلى تحويل مليارات الدولارات التي كانت مخصصة للبلد الذي مزقته الحرب نحو تعويض النقص في الترسانة الأميركية.

ورغم أن ترمب وافق على خطة لبيع أسلحة أميركية إلى أوكرانيا عبر حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فإن هناك مخاوف كبيرة داخل البنتاجون من أن يؤدي تسليح كييف في حربها مع روسيا إلى إضعاف المخزونات الأميركية، لا سيما بالنسبة إلى أنظمة الدفاع الجوي وصواريخ الاعتراض وذخائر المدفعية، التي تشهد نقصاً حاداً.

وبحسب CNN، تضيف هذه المذكرة مزيداً من الغموض إلى الوضع الملتبس بخصوص شحنات الأسلحة الأميركية إلى أوكرانيا، وذلك قبل اللقاء المحتمل الأسبوع المقبل بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.

والشهر الماضي، أوقف وزير الدفاع بيت هيجسيث حزمة أسلحة كبيرة كانت موجهة لأوكرانيا، مستنداً إلى المذكرة التي كتبها وكيل وزارة الدفاع للسياسات إلبرج كولبي، المعروف بتشكيكه في جدوى تسليح أوكرانيا.

لكن ترمب سرعان ما ألغى هذا التجميد بعد الإعلان عنه، متعهداً بمواصلة تزويد أوكرانيا بالأسلحة الدفاعية في مواجهة الهجمات الروسية اليومية. كما أعلن عن اتفاق مع "الناتو" لتوفير مليارات الدولارات من الأسلحة أميركية الصنع لأوكرانيا، على أن تدفع تكلفتها دول أوروبية.

مع ذلك، ما زالت مذكرة "كولبي" سارية، وتحتوي على بند لم يُكشف عنه سابقاً، يسمح لـ"البنتاجون" بإعادة توجيه الأسلحة التي تم تصنيعها خصيصاً لأوكرانيا ضمن برنامج يموله الكونجرس يُعرف باسم "مبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا"، وإدخالها إلى المخزونات الأميركية.

ووفق المصادر، لم تُسحب أي أسلحة حتى الآن، لكن هذا البند قد يحرم أوكرانيا من مليارات الدولارات من المعدات الأميركية المتوقّع تسليمها خلال الأشهر والسنوات المقبلة. 

وقال أحد المصادر: "تمنح المذكرة وزارة الدفاع سلطة استعادة الأسلحة التي تم التعاقد عليها بالفعل لأوكرانيا، وهو ما يبدو أنه يتعارض مع ما أعلنه الرئيس حول التزام الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بما تحتاجه".

ويؤدي ذلك أيضاً إلى تقويض الهدف الأساسي من برنامج "مبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا"، الذي أطلقه الكونجرس قبل نحو عقد، لتخصيص أموال لشراء أسلحة لأوكرانيا مباشرة من شركات الدفاع الأميركية. 

800 مليون دولار إضافية

وأُنشئ برنامج "مبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا" عام 2016، وكان يوفر لأوكرانيا تدفقا ثابتا من الأسلحة.  

وخصص مجلس الشيوخ مؤخراً 800 مليون دولار إضافية له ضمن قانون الميزانية السنوي لوزارة الدفاع المعروف باسم "قانون تفويض الدفاع الوطني".

لكن وفق المصادر، ليس واضحاً ما إذا كانت الأسلحة التي ستُنتج بهذه الأموال ستصل فعلياً إلى أوكرانيا في ظل السياسة الجديدة للبنتاجون. ورفض "البنتاجون" التعليق على هذه المعلومات.

اقرأ أيضاً

الناتو يسابق الزمن لتزويد أوكرانيا بمنظومات "باتريوت": السلام لن يوقف تهديد روسيا

أعلن قائد قوات حلف الناتو، أليكسوس جرينكويتش، الخميس، أن الاستعدادات جارية، لنقل أنظمة دفاع جوي إضافية من طراز باتريوت إلى أوكرانيا على وجه السرعة.

وبحسب مصدر مطلع، كانت إدارات سابقة في البنتاجون ترى أن إعادة توجيه أسلحة منتجة عبر برنامج" مبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا" إلى المخزونات الأميركية يمثل انتهاكا لـ"قانون الرقابة على حجز الأموال"، الذي يمنح الكونجرس سلطة الإنفاق ويُلزم الرئيس بإخطار المشرعين بأي تأخير أو حجز للأموال المصرح بها. 

وبحسب CNN، يبدو أن السياسة الجديدة تواجه معارضة في مجلس الشيوخ، إذ تضمّن "قانون تفويض الدفاع الوطني" لعام 2026 بندا يسمح للبنتاجون بإعادة الأسلحة إلى مخازنه فقط إذا لم تكن قد نُقلت إلى أوكرانيا، ولم تعد ضرورية لأنشطة التدريب والتجهيز والدعم الاستشاري للبرنامج. كما يفرض القانون على هيجسيث إخطار الكونجرس قبل إعادة هذه الأسلحة. 

تحويل عبء دعم أوكرانيا إلى أوروبا 

تأتي هذه السياسة في وقت يسعى فيه فريق ترمب إلى تحميل أوروبا وحلف الناتو العبء الأكبر في تسليح وتدريب أوكرانيا. ودفع كولبي داخل البنتاجون أيضا نحو الحفاظ على مزيد من المخزونات الأميركية تحسبا لحرب محتملة مع الصين.

وبعيداً عن برنامج  " مبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا"، يمتلك البنتاجون نحو 4 مليارات دولار من الصلاحيات التي منحها الكونجرس العام الماضي، لتمويل إرسال أسلحة إلى أوكرانيا من المخزونات الأميركية مباشرة. 

وبينما تحث بعض دول الناتو، مثل بريطانيا، الولايات المتحدة على استخدام هذه الصلاحيات لزيادة الضغط على روسيا، واقترحت تعويض واشنطن عن التكلفة، ترى بعض المصادر أن البنتاجون قد يترك هذه الصلاحيات تنتهي دون استخدامها. 

تصنيفات للأسلحة 

تنص مذكرة كولبي، التي وافق عليها هيجسيث، على تقسيم المخزونات الأميركية إلى ثلاث فئات: "حمراء" و"صفراء" و"خضراء". وتشمل الفئتان الحمراء والصفراء الأسلحة التي يراها البنتاجون نادرة أو حيوية، ويتطلب إرسالها موافقة مباشرة من هيجسيث. 

وتندرج صواريخ الاعتراض الخاصة بأنظمة الدفاع الجوي "باتريوت" ضمن الفئة الحمراء، وشملت الحزمة التي أوقفها هيجسيث الشهر الماضي عشرات من هذه الصواريخ، لكن ترمب أمر باستمرار إرسالها بعد اطلاعه على الأمر. 

ومع ذلك، كانت هناك أسلحة أخرى في الحزمة نفسها مصنفة أيضا ضمن الفئة الحمراء، ولم يتضح بعد ما إذا كانت قد وصلت إلى أوكرانيا، رغم حاجتها الماسة لدفاعات جوية متعددة الطبقات لمواجهة الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة الروسية اليومية. 

حساب بنكي للناتو لدعم أوكرانيا

في الوقت ذاته، يعمل البنتاجون مع الناتو على إنشاء آلية جديدة لبيع الأسلحة للحلفاء الأوروبيين، يمكنهم من خلالها تزويد أوكرانيا بها. وتشمل هذه الآلية حسابا بنكيا تابعا للناتو يودع فيه الحلفاء أموالا لشراء أسلحة أميركية الصنع. 

وسترسل أوكرانيا قائمة باحتياجاتها العسكرية مباشرة إلى الناتو، على أن يقيّم الجنرال الأميركي ألكسوس جرِنكويتش، قائد القوات الأميركية في أوروبا والعمليات العسكرية للناتو، مدى توفر هذه الأسلحة في المخزونات الأميركية، قبل عرض القائمة على الشركاء الأوروبيين للشراء. 

ويهدف الحلفاء إلى جمع 10 مليارات دولار كبداية في هذا الحساب، وفق ما أفاد به مصدران، فيما أعلن الأمين العام للناتو مارك روته، الثلاثاء، أن الحلفاء قد التزموا بالفعل بتقديم أكثر من مليار دولار لتسليح أوكرانيا. 

وفي بعض الحالات العاجلة، وافقت دول أوروبية على إرسال مخزونها مباشرة إلى أوكرانيا، على أن يتم تعويضها لاحقاً بأسلحة جديدة من الولايات المتحدة، مثل الصفقة الأخيرة مع ألمانيا التي ستزود كييف بمنظومتين من طراز "باتريوت"، ثم تشتري بديلها من الولايات المتحدة فور إنتاجه. 

لكن مصدرا آخر حذر من أن استمرار سياسة كولبي قد يعني أن أي طلب أوروبي لتزويد أوكرانيا بأسلحة أميركية الصنع قد يتوقف ما لم يصدر الرئيس نفسه تعليمات واضحة بالمضي قدماً.

تصنيفات

قصص قد تهمك