
مدّدت الولايات المتحدة والصين تعليق الرسوم الجمركية المتبادلة لمدة 90 يوماً، في خطوة تمهد لجولة مفاوضات أوسع لمعالجة القضايا الخلافية العالقة، وتتيح للطرفين تفادي تصعيد الحرب التجارية بينهما.
وقالت الصين، الثلاثاء، إنها ستعلق الرسوم الجمركية الإضافية على البضائع الأميركية لمدة 90 يوماً أخرى، وفقاً لبيان صادر عن وزارة التجارة، بعد توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على أمر تنفيذي يمدد فترة الهدنة التجارية.
وأضافت الصين أنها ستحافظ على رسومها الجمركية على البضائع الأميركية بنسبة 10%، وستتخذ إجراءات لمعالجة الحواجز غير الجمركية التي تواجه المنتجات الأميركية.
وفي وقت سابق، الاثنين، قال ترمب على منصته "تروث سوشيال"، إنه وقع أمراً تنفيذياً يمدد تعليق الرسوم الجمركية على الصين لمدة 90 يوماً إضافية. وأضاف ترمب: "ستبقى جميع عناصر الاتفاق الأخرى كما هي".
وكان من المقرر أن تنتهي المهلة السابقة عند الساعة 12:01 صباحاً من يوم الثلاثاء. ولو حدث ذلك، كان من الممكن أن تعيد الولايات المتحدة الضرائب على واردات الصين إلى مستوياتها في أبريل الماضي، عندما بلغت حرب الرسوم بين أكبر اقتصادين في العالم ذروتها. وفي ذلك الوقت رفع ترمب الرسوم الشاملة على الواردات الصينية إلى 145%، وردت الصين بفرض رسوم بنسبة 125% على السلع الأميركية.
لكن الجانبين اتفقا في مايو على تعليق معظم تلك الرسوم، بعد أن اجتمع المفاوضون لأول مرة في جنيف. وخفّضت الولايات المتحدة رسومها إلى 30%، فيما خفّضت الصين رسومها إلى 10%.
ويمنح التعليق الوقت للدولتين للعمل على حل خلافاتهما، وربما تمهيد الطريق لقمة بين ترمب والرئيس الصيني شي جين بينج في وقت لاحق من هذا العام.
الضغط الأميركي
ولا يزال التوصل إلى اتفاق مع الصين من القضايا العالقة لترمب، الذي قلب نظام التجارة العالمي بفرضه ضرائب مضاعفة الأرقام على معظم دول العالم.
ووافقت دول مثل الاتحاد الأوروبي واليابان على اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة، قبلت بموجبها رسوماً أميركية عالية (15% على واردات اليابان والاتحاد الأوروبي).
وحوّلت سياسات ترمب التجارية الولايات المتحدة من واحدة من أكثر الاقتصادات انفتاحاً إلى ما يوصف بـ"حصن حمائي". إذ ارتفعت التعريفات الجمركية الأميركية من حوالي 2.5% بداية العام إلى 18.6% حالياً، وهو الأعلى منذ عام 1933، بحسب بيانات "جامعة ييل" الأميركية.
لكن الصين اختبرت حدود سياسة التجارة الأميركية المبنية على استخدام الرسوم كأداة للضغط للحصول على تنازلات. كانت لدى بكين وسيلتها، وهي قطع أو تقليل وصول الولايات المتحدة إلى معادن الأرض النادرة والمغناطيسات التي تستخدم في كل شيء، من السيارات الكهربائية إلى محركات الطائرات.
وفي يونيو الماضي، توصل الطرفان إلى اتفاق لتخفيف التوترات. وأعلنت الولايات المتحدة أنها ستتراجع عن قيود تصدير تكنولوجيا الرقائق والإيثان، وهو مادة أولية في صناعة البتروكيماويات. وتعهدت الصين بتسهيل وصول الشركات الأميركية إلى معادن الأرض النادرة.
وقال شون ستاين، رئيس مجلس الأعمال الأميركي-الصيني لوكالة "أسوشيتد برس"، إن التمديد "حيوي"، و"يمنح الحكومتين الوقت للتفاوض على اتفاقية تجارية"، مشيراً إلى أن الشركات الأميركية تأمل أن تحسن فرص وصولها إلى السوق الصينية، وتوفر اليقين اللازم لوضع خطط متوسطة وطويلة الأجل.
وأضاف ستاين: "من الضروري التوصل لاتفاق بشأن مخدر الفنتانيل يؤدي إلى تخفيض التعريفات الأميركية، والتراجع عن إجراءات الصين الانتقامية لاستئناف صادرات الزراعة والطاقة الأميركية".
وقالت كلير ريد، المستشارة القانونية والمساعدة السابقة للممثل التجاري الأميركي لشؤون الصين لـ"أسوشيتد برس": "أدركت الولايات المتحدة أنها لا تملك اليد العليا".
الصين و"سلاح" المعادن النادرة
وأفاد علي واين، المتخصص في العلاقات الأميركية-الصينية في مجموعة الأزمات الدولية لـ"أسوشيتد برس"، إن "الاستعجال في استخدام الرسوم الشديدة للحصول على تنازلات اقتصادية من الصين، أظهر حدود النفوذ الأميركي الأحادي الجانب، وأعطى بكين أسباباً للاعتقاد بأنها تملك اليد العليا حالياً عبر تهديدها بقطع صادرات المعادن النادرة".
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان بإمكان واشنطن وبكين التوصل إلى صفقة كبرى، خصوصاً ما يتعقل بحماية الملكية الفكرية، ودعم بكين الصناعي وسياساتها التي تعطي الشركات الصينية ميزة في الأسواق العالمية، والعجز التجاري الأميركي الهائل الذي بلغ 262 مليار دولار العام الماضي.
ولا تتوقع كلير ريد سوى اتفاقات محدودة، مثل زيادة الصين في شراء فول الصويا الأميركي، وتعهدها بجهود أكبر لوقف تدفق المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع الفنتانيل والسماح باستمرار تدفق المعادن الأرضية النادرة.
والأحد، قال ترمب إنه يريد من الصين أن "تضاعف بسرعة، وبأربعة أضعاف" طلباتها من فول الصويا الأميركي.
وكتب ترمب في منشور على منصة "تروث سوشيال": "هذا أيضاً وسيلة لتقليص العجز التجاري للصين مع الولايات المتحدة بشكل كبير".