أعلنت سوريا، والأردن، والولايات المتحدة في بيان مشترك، الثلاثاء، الاتفاق على تشكيل مجموعة عمل ثلاثية لدعم الحكومة السورية في جهودها الرامية لتثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء، ذات الأغلبية الدرزية، بجنوب البلاد، في حين رحبت عمّان وواشنطن بخطوات دمشق بـ"إجراء التحقيقات الكاملة ومحاسبة كافة مرتكبي الجرائم والانتهاكات"، بالإضافة لاستعدادها "التعاون مع هيئات الأمم المتحدة المعنية، وإشراكها بمسار التحقيق".
وفقاً للبيان، استضافت العاصمة عمّان، الثلاثاء، اجتماعاً أردنياً سورياً أميركياً مشتركاً، لـ"بحث الأوضاع في سوريا، وسبل دعم عملية إعادة بناء سوريا على الأسس التي تضمن أمنها واستقرارها وسيادتها ووحدتها وعدم التدخل بشؤونها، وتلبي طموحات شعبها، وتحفظ حقوق كل السوريين".
وشارك في الاجتماع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ونظيره السوري أسعد الشيباني، والمبعوث الأميركي الخاص لسوريا توم باراك، ومُمثّلون عن المؤسسات المعنية في الدول الثلاث؛ استكمالاً لـ"المباحثات التي كانت استضافتها عمّان بتاريخ 19 يوليو الماضي، لبحث تثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء جنوب سوريا وحل الأزمة هناك"، بحسب البيان.
وأشار البيان المشترك، إلى أن المجتمعين شددوا على أن "محافظة السويداء بكل مجتمعاتها المحلية جزء أصيل من الجمهورية العربية السورية، وحقوق أبنائها محمية ومحفوظة في مسيرة إعادة بناء سوريا الجديدة، وبما يضمن تمثيلهم وإشراكهم في بناء مستقبل سوريا".
وأضاف البيان، الذي نشرته وزارة الخارجية السورية، أن الأردن والولايات المتحدة رحبا بخطوات حكومة دمشق بما فيها "إجراء التحقيقات الكاملة ومحاسبة كافة مرتكبي الجرائم والانتهاكات في محافظة السويداء، بالإضافة لاستعدادها التعاون مع هيئات الأمم المتحدة المعنية، وإشراكها بمسار التحقيق".
كما رحب البلدان بخطوات الحكومة السورية لزيادة دخول المساعدات الإنسانية لجميع المناطق في السويداء، وتكثيف العمل لاستعادة الخدمات التي تعطلت جراء الأحداث في المحافظة، والشروع بمسار المصالحات المجتمعية هناك وتعزيز السلم الأهلي.
وجددت الأردن والولايات المتحدة التأكيد على وقوفهما وتضامنهما الكامل مع سوريا وأمنها واستقرارها وسيادتها ووحدة أراضيها، داعين المجتمع الدولي، إلى الوقوف مع سوريا في جهودها لإعادة البناء على الأسس التي تضمن أمنها واستقرارها وسيادتها ووحدتها، وتلبي طموحات شعبها، وتحفظ حقوق كل السوريين.
واتفق الأطراف الثلاثة على عقد اجتماع آخر في الأسابيع المقبلة لاستكمال المداولات التي جرت الثلاثاء، وفقاً للبيان الذي أفاد بأنه "استجابة" لطلب الحكومة السورية سيتم "تشكيل مجموعة عمل ثلاثية (سوريةـ أردنيةـ أميركية) تستهدف إسناد الحكومة السورية في جهودها لتثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء وإنهاء الأزمة فيها".
التعاون مع الأمم المتحدة
من جهته، قال المبعوث الأميركي توم باراك عبر منصة "إكس"، إن "سوريا تظل ملتزمة بعملية موحدة تحترم وتحمي جميع مكوّناتها، بما يعزز مستقبلاً مشتركاً للشعب السوري، رغم القوى المتدخلة الساعية إلى زعزعة وتشريد المجتمعات"، معتبراً أن "تحقيق العدالة، وإنهاء الإفلات من العقاب أمران أساسيان لتحقيق سلام دائم".
وأضاف باراك، في بيان عقب الاجتماع الثلاثي، أن "الحكومة السورية تعهّدت بتسخير جميع الموارد لمحاسبة مرتكبي الفظائع في السويداء، وضمان عدم إفلات أي شخص من العدالة على الانتهاكات ضد مواطنيها".
وذكر أن "سوريا ستتعاون بشكل كامل مع الأمم المتحدة للتحقيق في هذه الجرائم"، مشيراً إلى أن "الرعاية الإنسانية والإندماج وسيلة لمواجهة القوى الساعية إلى الانقسام، ونحن ملتزمون بزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى جنوب غرب سوريا لدعم المتضررين من النزاع".
تطوير عمل المؤسسات في سوريا
من جهته، عقد ملك الأردن عبد الله الثاني، الثلاثاء، لقاءين منفصلين مع وزير الخارجية السوري، والمبعوث الأميركي، لبحث مستجدات الأوضاع في سوريا، بحسب وكالة الأنباء الأردنية "بترا".
وأكد ملك الأردن، وقوف بلاده إلى "جانب الأشقاء السوريين في جهودهم للحفاظ على أمن بلدهم واستقراره وسيادته ووحدة أراضيه"، مشدداً على "أهمية دور واشنطن في دعم عملية إعادة بناء سوريا، بما يحفظ حقوق الشعب السوري بكل مكوناته".
وأعرب عن "استعداد الأردن لتقديم الخبرات في كل المجالات بما يسهم في تطوير عمل المؤسسات في سوريا وتعزيز الكفاءات فيها"، لافتاً إلى "ضرورة تكثيف التعاون، لا سيما في مكافحة الإرهاب ومنع تهريب الأسلحة والمخدرات".
التدخلات الخارجية في سوريا
وقبيل الاجتماع الثلاثي، أعرب وزير الخارجية الأردني خلال لقاء نظيره السوري، الثلاثاء، رفض بلاده لكل التدخلات الخارجية في شؤون سوريا، ودعم المملكة لأمنها وسيادتها واستقرارها ووحدة أراضيها.
وذكرت وزارة الخارجية الأردنية، في بيان، أن الصفدي شدد على أن أمن سوريا "ركيزة أساسية لأمن واستقرار المنطقة"، لافتةً إلى أن الوزيرين جددا التأكيد على إدانة "الاعتداءات والغارات الإسرائيلية المتكررة على سوريا وتدخلاتها فيها، والتي تعد خرقاً فاضحاً للقانون الدولي واعتداء على سيادة سوريا يستهدف زعزعة أمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها ويهدد الأمن والاستقرار الإقليميين".
كما بحث الوزيران، جهود تثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء بجنوب سوريا وحل الأزمة هناك، وفقاً للبيان.
أحداث السويداء
وشهدت السويداء، مواجهات دامية، إثر تدخل القوات الحكومية لفض اشتباك بين فصائل بدوية، ودروز، إلا أن الأمور خرجت عن السيطرة ولا سيما بعد تدخل عشرات آلاف المقاتلين من العشائر العربية الموالية لدمشق والتوجه نحو السويداء، وانتشرت الكثير من مقاطع الفيديو التي توثق انتهاكات بحق الدروز، ما دفع 3 وزارات هي الدفاع، والداخلية، والعدل إلى الإعلان عن تشكيل لجان تحقيق وملاحقة المتورطين.
وعقد الصفدي والشيباني وباراك في يوليو الماضي، اجتماعاً ثلاثياً في عمّان، أسفر عن اتفاق على خطوات عملية تستهدف دعم سوريا في تنفيذ اتفاق وقف النار في السويداء، والتي شهدت اشتباكات دامية في يوليو الماضي، "بما يضمن أمن واستقرار سوريا ويحمي المدنيين، ويضمن بسط سيادة الدولة وسيادة القانون على كل الأرض السورية".
وكانت سوريا قد أعلنت في 19 يوليو، وقف إطلاق النار في السويداء، جنوبي البلاد، فيما نشرت "الرئاسة الروحية لطائفة الدروز الموحدين" بنود ما قالت إنه اتفاق بناء على مفاوضات جرت برعاية "دول ضامنة".