
كشف مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، عن تحركات دبلوماسية مكثفة لدعم "حل الدولتين"، قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في سبتمبر المقبل، معتبراً أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية "استثمار في السلام، وحماية لمشروع حل الدولتين".
وأضاف منصور في مقابلة مع "الشرق"، أن استئناف المؤتمر الدولي لحل الدولتين على أعتاب الجمعية العامة في سبتمبر المقبل، ساهم في إعلان العديد من الدول رغبتها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، كاليابان وأستراليا ونيوزيلندا والبرتغال، التي لحقت بفرنسا وبريطانيا وكندا وغيرها من الدول.
وعبّر منصور عن أهمية المواقف الرسمية لتلك الدول، حيث أكدت بريطانيا اليوم على أهمية وقف الاستيطان لتنضم بذلك إلى قائمةٍ مكونة من 27 دولة أخرى هددوا بخطواتٍ عملية إضافية إذا ما أقدمت إسرائيل على تنفيذ خطتها باحتلال غزة.
خطوات عملية
وبالحديث عن الخطوات العاجلة التي تم اتخاذها في الأمم المتحدة لمواجهة خطة سموتريتش وحكومة الاحتلال، أشار منصور إلى أنه دعا لاجتماعٍ عاجل لمجلس السفراء العرب، يوم الجمعة الماضي، لاعتماد عدة خطواتٍ عملية، إضافة إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن يوم الأحد الماضي استجابةً للدعوة الفلسطينية وبفضل جهود عدة دول أوروبية وعربية والذي أكدت فيه الدول المشاركة على أهمية التصدي لقرارات الحكومية اليمينية المتطرفة.
هذا الاجتماع تبعه اجتماعاً طارئاً آخر لـ57 دولة إسلامية والذي خرج ببيانٍ يلخص البيان الوزاري للجنة الثمانية ويندد فيه تحركات الحكومة الإسرائيلية، حيث وقعت عليه أكثر من 20 دولة إضافية، من ضمنهم عدة دول عربية إسلامية.
وثمّن منصور مواقف تلك الدول، لكنه تابع بقوله أن تلك التحركات ليست كافية، حيث تمضي إسرائيل بتمردها السياسي والدبلوماسي والعسكري رغم إلزامية تنفيذ قرارات مجلس الأمن حسب ميثاق الأمم المتحدة، حيث قال إن مجلس الأمن الدولي قد يلجأ لخطواتٍ عقابية تجبر إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي.
وشدد منصور على أهمية توصل المجتمع الدولي وخاصةً مجلس الأمن، إلى خطواتٍ عملية يتم تنفيذها على أرض الواقع وإلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات المجلس وفي مقدمتهم "قرار 2735" الذي دعا منذ شهر مايو 2024 إلى وقف العدوان الإسرائيلي، عبر عدة مراحل.
وأوضح منصور، أن التحدي يكمن في إجبار إسرائيل على التزام بالإرادة الدولية وقرارات مجلس الأمن وتنفيذ مخرجات المؤتمر الأخير لحل الدولتين.
وأوضح منصور، خلال حديثه لـ"الشرق"، أن الخيار الآخر أمام المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل يكمن في "اتخاذ الدول لخطواتٍ عملية فردية بصفتها الوطنية"، حيث أكد أن جميع الدول الأعضاء قادرة على الضغط على الحكومة الإسرائيلية بشكلٍ منفرد كما فعلت ألمانيا في قرار حكومتها الأخير بوقف تصدير الأسلحة المستخدمة لقتل الفلسطينيين، وذلك إلى جانب قرارات تَجَمّع "دول لاهاي" والتي كان أبرزها منع مرور البواخر المحملة بالأسلحة والذخائر المتجهة إلى إسرائيل من المرور بموانئها.
وأشاد منصور بقرارات "تكتل مدريد" الذي اتخذ خطوات بذات الصدد فيما يتعلق بتصدير السلاح لإسرائيل، حيث أوضح منصور أن "مثل هذه الخطوات ساهمت في نشر عدوى إيجابية لصالح القضية الفلسطينية في المجتمع الدولي". وأشار كذلك إلى "خطواتٍ جديدة تتم دراستها الآن من قبل المجلس الوزاري للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بتعليق الاتفاق التجاري مع إسرائيل أو أجزاء منه". وفي هذا الصدد، عبرت دول كالنرويج عن نيتها لتجميد استثماراتها المقدرة بعشرات المليارات من الدولارات في إسرائيل.
غضب واستنفار المجتمع الدولي
وفي حدثٍ غير مسبوق على الساحة الدولية، أكد منصور "وجود حالة من التجانس والوحدة والديناميكية العالية المصممة على تنفيذ إجراءاتٍ عملية على أرض الواقع"، إذ قال إن "أعضاء مجلس الأمن عازمون على التصدي لجرائم الحكومة الإسرائيلية وذلك بالرغم من الصراعات التاريخية بينهم والمستمرة إلى يومنا هذا من بوابة الحرب الأوكرانية الروسية والمناكفات الصينية الأميركية، مما يدل وحدة القرار فيما يتعلق بمسألة القضية الفلسطينية".
وأوضح المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، في حديثه لـ"الشرق"، أن "تلك الوحدة المتصاعدة بين الدول الأعضاء تجلت بحضور 185 دولة للمؤتمر الدولي لحل الدولتين وإدلاء 128 دولة ومنظمة دولية ببيانات مناهضة لقرارات الحكومة الإسرائيلية.
ضغوط عربية على واشنطن
وبالحديث عن دور الولايات المتحدة، الداعم الأكبر لإسرائيل، أكد منصور في حديثه لـ"الشرق"، عدم انخراط الولايات المتحدة في تلك التطورات على الساحة الدبلوماسية، مضيفاً "لكن استمرار تصاعد الحالة الوحدوية بين الدول الأخرى المشاركة يضعها في دائرة الحرج أمام المجتمع الدولي من خلال الاستمرار لوحدها بالتغطية على جرائم الاحتلال".
وأشار إلى "استمرار جهود بعض الدول العربية الوازنة التي تلعب دوراً ليس علنياً في الضغط على الولايات المتحدة، لتنسجم مع الجهود الدبلوماسية الدولية المستمرة الداعية لوقف إطلاق النار أولاً وتجسيد حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية" على حد قوله.
كان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، أعلن الخميس، إقرار خطط لإقامة مستوطنات جديدة، في إطار "مشروع E1" الذي يهدف لفصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية المحتلة، في خطوة قال إنها ستقوّض تماماً إمكانية قيام دولة فلسطينية.
ويهدف المشروع إلى ربط مستوطنة "معاليه أدوميم" بالقدس الشرقية، وهو ما يعتبره معظم المجتمع الدولي خرقاً للقانون الدولي، إذ تُعد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والاحتلال العسكري للمنطقة منذ عام 1967، غير شرعيين.
وقال الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف، سموتريتش، عند إعلانه عن القرار، الخميس، إن "هذه الخطة ستدفن فكرة إقامة الدولة الفلسطينية".
وكانت إسرائيل قد جمدت خطط البناء في هذه المنطقة منذ عام 2012 بسبب اعتراضات الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين ودول أخرى. ولكن سموتريتش قال في تصريحاته للصحافيين خلال زيارة المنطقة إن "كل ما نفعله هنا يتم بتنسيق كامل مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأصدقاءنا في الولايات المتحدة".