
أفادت وسائل إعلام أميركية وبريطانية، السبت، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب خلال قمة ألاسكا التي جمعته بنظيره الأميركي دونالد ترمب، أن تنسحب أوكرانيا من منطقتي دونيتسك ولوجانسك الشرقيتين كشرط لإنهاء الحرب وتجميد القتال في بقية خطوط الجبهة.
وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز"، أن بوتين طالب بانسحاب القوات الأوكرانية من منطقة دونيتسك الشرقية كشرط لإنهاء الحرب، لكنه أبلغ نظيره الأميركي بإمكانية تجميد بقية خط المواجهة إذا تمت الاستجابة لمطالبه الرئيسية.
ونقل ترمب هذه الرسالة إلى نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والقادة الأوروبيين خلال اتصال هاتفي، السبت، إذ دعاهم إلى "التخلي عن جهود التوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق نار مع موسكو"، بحسب ما نقلته الصحيفة البريطانية عن 4 مصادر.
وقال مصدر مطلع لوكالة "رويترز"، إن ترمب أبلغ زيلينسكي، بأن بوتين عرض تجميد القتال في مناطق أخرى إذا وافقت كييف على الانسحاب من منطقتي دونيتسك ولوجانسك.
وأبلغ ترمب والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف الرئيس الأوكراني بأن بوتين قال إنه لا يمكن أن يكون هناك وقف لإطلاق النار قبل انسحاب أوكرانيا، وتعهد بعدم شن أي عدوان جديد عليها في إطار هذا الترتيب، بحسب "رويترز".
كما أعرب ترمب للقادة الأوروبيين خلال المكالمة عن استعداده لأن تقدم الولايات المتحدة ضمانات أمنية مباشرة لأوكرانيا، بحسب ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مصادر مطلعة على فحوى المحادثة.
"معالجة الأسباب الجذرية"
وفي مقابل الانسحاب من دونيتسك، ذكر بوتين، أنه سيجمد خطوط الجبهة في المناطق الجنوبية من خيرسون وزابوريجيا التي تسيطر قواته على مساحات واسعة منها، كما تعهد بعدم شن هجمات جديدة، بحسب ما نقلته صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن 3 مصادر مطلعة على المحادثات.
وأشار الرئيس الروسي، إلى أنه لم يتخل عن مطالبه الأساسية المتعلقة بضرورة "معالجة الأسباب الجذرية" للنزاع، ومنها التراجع عن توسع حلف شمال الأطلسي "الناتو" بالاتجاه شرقاً.
ووفقاً لمسؤول كبير سابق في الكرملين، أعرب بوتين عن استعداده للوصول إلى تسويات في قضايا أخرى ومنها مسألة الأراضي، وذلك "في حال اقتنع بأن الأسباب الجذرية قد جرى التعامل معها".
وتسيطر القوات الروسية على نحو 70% من دونيتسك، لكن المدن الغربية من المنطقة لا تزال تحت سيطرة أوكرانيا، وهي تشكل أهمية كبيرة لعملياتها العسكرية، ودفاعاتها على الجبهة الشرقية.
واجتمع ترمب مع بوتين لـ3 ساعات تقريباً بولاية ألاسكا الأميركية، الجمعة، في أول قمة بين البلدين منذ أن شنت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022.
"لا تنازل محتمل"
وقالت مصادر مطلعة على تفكير الرئيس الأوكراني، إن الأخير لن يوافق على تسليم دونيتسك لروسيا، لكنه سيكون منفتحاً على مناقشة مسألة الأراضي مع ترمب خلال زيارته المرتقبة، الاثنين المقبل، إلى واشنطن.
كما سيكون زيلينسكي مستعداً لبحث المسألة خلال اجتماع ثلاثي يضم ترمب وبوتين، بحسب ذات المصادر.
من جهتها، أفادت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلاً عن مسؤولين أوروبيين كبيرين، بأن ترمب أعرب للقادة الأوروبيين بعد اجتماعه مع بوتين، عن دعمه لخطة إنهاء الحرب في أوكرانيا عبر التنازل عن أراضٍ لا تسيطر عليها القوات الروسية، وذلك بدلاً من السعي إلى وقف مؤقت لإطلاق النار.
ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أن ترمب تراجع عقب قمة ألاسكا عن مطلبه بوقف فوري لإطلاق النار، لكنه يرى أنه يمكن التوصل بسرعة إلى معاهدة سلام شريطة أن يوافق زيلينسكي على التنازل عما تبقى من إقليم دونباس لروسيا.
ويتكون إقليم دونباس من منطقتين شرقيتين كبيرتين، هما لوجانسك ودونيتسك، ويمتدُّ من مدينة ماريوبل في الجنوب الأوكراني على طول الطريق إلى الحدود الشمالية مع روسيا.
ووفقاً للصحيفة، عارض زيلينسكي والزعماء الأوروبيين هذه الخطة التي تشمل التنازل عن أراضٍ لا تسيطر عليها القوات الروسية، وهي تحتوي على موارد معدنية غنية.
موارد معدنية غنية
وذكر مسؤولون أوكرانيون، أن أي اتفاق نهائي لا يمكن أن يتضمن تنازل كييف بشكل دائم عن أي جزء من أراضيها السيادية، لأن ذلك ينتهك الدستور الأوكراني.
وفي المقابل، عرض الرئيس الروسي وقف إطلاق النار في باقي أوكرانيا عند خطوط القتال الحالية، مع وعد مكتوب بعدم مهاجمة أوكرانيا أو أي بلد أوروبي مرة أخرى، بحسب المسؤولين الذي اتهموا بوتين بخرق التزاماته المكتوبة سابقاً.
وشدد المسؤولون، على أن القرار بشأن الأراضي يعود إلى أوكرانيا، مضيفين أن الحدود الدولية يجب ألا تتغير بالقوة.
ولم يتحدث ترمب خلال الاتصال عن فرض أي عقوبات أو ضغوط اقتصادية إضافية على روسيا، وفق المسؤولين، لكن الزعماء الأوروبيين شددوا على أنهم سيواصلون فرض العقوبات والضغوط الاقتصادية على موسكو حتى يتوقف القتال.
ولفت المسؤولون، إلى أن ترمب قال إن بوتين وافق على أن تحصل أوكرانيا على ضمانات أمنية قوية بعد التسوية، لكن من خارج إطار "الناتو"، فيما أعرب الرئيس الأميركي، عن احتمال مشاركة قوات بلاده في تلك الضمانات.
وطلب بوتين كذلك، ضمانات لإعادة الاعتراف باللغة الروسية كلغة رسمية في أوكرانيا، وتأمين الحماية للكنائس الأرثوذكسية الروسية، بحسب المسؤولين.
وأعرب ترمب، عن أمله بعقد اجتماع ثلاثي يضمه مع بوتين وزيلينسكي، لكن بوتين يرفض حتى الآن لقاء زيلينسكي، معتبراً إياه "رئيساً غير شرعي".