
وضع قادة الجيوش الأوروبية ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة عدة خيارات عسكرية لطرحها على مستشاري الأمن القومي في بلدانهم لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، عقب 3 أيام من الاجتماعات في الولايات المتحدة، وسط رفض الكرملين لنشر أي قوات غربية أو تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، في أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم هيئة الأركان المشتركة جوزيف هولتسيد في بيان، إن قادة الجيوش "وضعوا خيارات عسكرية لدعم المفاوضات من أجل تحقيق سلام دائم في أوروبا".
وأشار إلى أنه سيتم عرض هذه الخيارات على مستشاري الأمن القومي في كل دولة للنظر فيها بشكل مناسب ضمن الجهود الدبلوماسية الجارية، على أن تستمر عملية التخطيط والتواصل مع تطور المفاوضات بين الجانبين.
وأسفرت اجتماعات البيت الأبيض بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والقادة الأوروبيين الاثنين، عن التزام أميركي بتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، رغم أن ترمب عاد لاحقاً وتراجع عن تصريحه بإمكانية نشر قوات أميركية في أوكرانيا، واستبعد الاحتمال، وكذلك، استبعد تقديم ضمانات أمنية في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقال إن الجيش الأميركي قد يقدم دعماً جوياً ضمن اتفاق لإنهاء الحرب الروسية المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف السنة.
وشارك قادة جيوش الولايات المتحدة وفنلندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وأوكرانيا، والقائد الأعلى للناتو، في اجتماعات في واشنطن من الثلاثاء حتى الخميس.
وكان رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال دان كين، قد دعا عدداً من نظرائه الأوروبيين إلى مأدبة عشاء في منزله في فورت ماير بولاية فيرجينيا مساء الثلاثاء، واستمرت المناقشات الأربعاء، عبر الإنترنت من خلال إحاطة قدمها الجنرال أليكسوس جرينكيويتش، القائد الأعلى للقوات الأميركية في أوروبا، والذي يشغل أيضاً منصب قائد قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بحسب ما ذكره مسؤولون، وفق ما نقلته شبكة ABC NEWS.
وقال مصدر مطلع على الأمر لـ"رويترز"، إن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي يشغل أيضاً منصب مستشار الأمن القومي لترمب، عقد مؤتمراً عبر الهاتف الخميس، مع نظرائه الأوروبيين لمناقشة الخيارات.
"أوروبا ستتحمل الجزء الأكبر"
وأضاف المصدر لـ"رويترز"، أنه لا يزال يتعين العمل على التفاصيل النهائية، لكن الدول الأوروبية ستتحمل "الجزء الأكبر" من أي قوات تشارك في الضمانات الأمنية لأوكرانيا.
وأبلغ مسؤول السياسات في البنتاجون، إلبريدج كولبي الحلفاء الثلاثاء، بأن واشنطن تعتزم لعب "دور محدود" في أي ضمانات أمنية لأوكرانيا.
وهذا ما أكده جي دي فانس نائب الرئيس الأميركي الأربعاء، عندما قال إن على أوروبا تحمل "النصيب الأكبر" من تكاليف العملية. وقال المصدر إن "أعمال التخطيط مستمرة"، مضيفاً أن واشنطن لا تزال "تحدد نطاق دورها".
وقال شخص مطلع على المناقشات، إن قوات الناتو التي قد ترسل إلى أوكرانيا ستركز أساساً على تدريب القوات الأوكرانية، وليس على المشاركة في عمليات عسكرية ضد القوات الروسية، وفقABC News.
وقال إيفو دالدر، السفير الأميركي السابق لدى الناتو، في مقابلة مع شبكة ABC News الأربعاء، إنه من غير المرجح أن يتمكن الناتو من صياغة اتفاق أمني يحظى بقبول كل من أوكرانيا والأوروبيين وروسيا.
وأضاف دالدر: "ما قد نحصل عليه هو وقف لإطلاق النار، وربما حتى هدنة، أي وقف أكثر رسمية لإطلاق النار يتطلب ضمانات أمنية من الناتو أو من الأوروبيين لأوكرانيا، لضمان ألا تعاود روسيا إشعال الحرب".
وقال ترمب إنه لن ينشر قوات أميركية في أوكرانيا، لكنه ترك الباب مفتوحاً أمام شكل آخر من المشاركة العسكرية بما في ذلك الدعم الجوي. وأفادت مصادر لرويترز بأن أحد الخيارات هو إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا على أن تكون الولايات المتحدة المسؤولة عن القيادة والسيطرة.
ويمكن أن يأتي الدعم الجوي الأميركي بعدة طرق، مثل تزويد أوكرانيا بالمزيد من أنظمة الدفاع الجوي وفرض منطقة حظر جوي بطائرات مقاتلة أميركية.
قوات أوروبية في أوكرانيا
وقال مسؤولون في المملكة المتحدة في وقت سابق، إن بريطانيا وفرنسا مستعدتان لقيادة قوة متعددة الجنسيات في أوكرانيا، لكن لم يتضح عدد الجنود الذين سيشاركون، أو من أي دول سيأتون، أو ما هي طبيعة المهام التي ستوكل إليهم تحديداً.
وفي حين اعتبر القادة الأوروبيون اجتماع البيت الأبيض "انفراجة" وأشادوا بموقف ترمب حيال الضمانات، قال عدد من المسؤولين إنهم ما زالوا متشككين في إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام، وما إذا كانت الضمانات ستكون كافية لردع بوتين.
وقالت مصادر مطلعة على المناقشات إن المرحلة الأولى من الحزمة الجاري إعدادها ستتضمن المساعدة في تعزيز قدرات الجيش الأوكراني من خلال التدريب والتعزيزات.
وأضافت المصادر أن هذه القوات ستتلقى دعماً من مجموعة متعددة الجنسيات تضم في معظمها قوات أوروبية، حيث أبدت بريطانيا وفرنسا استعدادهما لإرسال مئات الجنود للتمركز في أوكرانيا بعيداً عن خطوط القتال الأمامية.
مطالب بوتين في أوكرانيا
ولكن يبدو أن الخطط الأوروبية ستصطدم بمطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يرفض نشر قوات غربية أو تابعة لحلف الناتو في أوكرانيا، إذ قالت 3 مصادر رفيعة مطلعة على المناقشات في الكرملين لـ"رويترز"، إن بوتين يطالب أوكرانيا بالتخلي عن إقليم دونباس في شرق البلاد، بالكامل، والتخلي عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف الناتو، والبقاء على الحياد.
وأصر بوتين في عرضه الجديد الذي قدمه لترمب في قمة ألاسكا، على مطالبه السابقة بتخلي أوكرانيا عن طموحها بالانضمام للناتو، والحصول على تعهد قانوني ملزم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، بألا يتوسع شرقاً أكثر من ذلك، ووضع قيود على حجم الجيش الأوكراني، والاتفاق على عدم نشر أي قوات غربية على الأرض في أوكرانيا، كجزء من قوة حفظ سلام محتملة.
وبحسب المصادر الروسية، فإن بوتين قدم "تنازلات" بشأن بعض المطالب التي طرحها في يونيو 2024، والتي كانت تتطلب من كييف التنازل عن كامل المقاطعات الأربعة التي تقول موسكو إنها باتت جزءاً من روسيا، وهي دونيتسك ولوغانسك في شرق أوكرانيا، واللتان تشكلان إقليم دونباس، بالإضافة إلى خيرسون وزابوريجيا في الجنوب.
ورفضت كييف تلك الشروط معتبرةً إياها بمثابة "استسلام".