
تزود شركات صينية روسيا بمحركات طائرات ورقائق إلكترونية وعدسات كاميرات ومعدات تساعد في تصنيع طائرات مسيرة، بحسب صحيفة "التليجراف" البريطانية.
وتزايدت الضربات الجوية الروسية لأوكرانيا بشكل لافت هذا الصيف. فقبل أيام فقط، أطلقت موسكو نحو 600 طائرة مُسيرة في ليلة واحدة، فيما وصفته كييف بأنه ثاني أكبر قصف جوي منذ أن هاجمت موسكو أوكرانيا في فبراير 2022، وفق الصحيفة.
ولا توجد مؤشرات على تراجع هذه الهجمات. إذ يقول مسؤولون استخباراتيون أوكرانيون إن روسيا تعتزم تصنيع مليوني طائرة مُسيرة تعمل بتقنية "الرؤية الأولى" (تقنية تتيح للمشغّل رؤية ما تراه الطائرة المسيّرة مباشرة عبر كاميرا مثبتة عليها)، بالإضافة إلى 30 ألف طائرة بعيدة المدى، و30 ألف طائرة مُسيرة خداعية (طائرات منخفضة التكلفة تستهدف إرباك الدفاعات الجوية)، وذلك بحلول نهاية العام الجاري.
وبينما يستضيف الرئيس الصيني شي جين بينج نظيره الروسي فلاديمير بوتين في عرض عسكري ضخم بساحة تيانانمين، الأربعاء، تكشف صحيفة "التليجراف" أن موسكو تدين لبكين بالفضل في ضمان عدم نفاد ترسانتها من الطائرات المُسيرة القتالية.
وكشفت الصحيفة البريطانية، أن شركات صينية زوّدت شركات روسية تخضع لعقوبات بقطع ومعدات بلغت قيمتها ما لا يقل عن 47 مليون جنيه إسترليني بين عامي 2023 و2024، وهي فترة أنشأت خلالها موسكو بنية تحتية لوجستية واسعة لبرنامجها المحلي لإنتاج الطائرات المُسيرة.
وأُرسلت نحو ربع هذه الشحنات، بقيمة 10.7 مليون جنيه إسترليني، إلى شركات روسية خاضعة للعقوبات مرتبطة بإنتاج الطائرات الانتحارية من طراز "شاهد" الإيراني، والتي تعمل ضمن منطقة اقتصادية خاصة في مدينة ألابوجا، بحسب تحليل أجرته الصحيفة استناداً إلى سجلات تجارية عالمية جمعتها شركة Sayari المتخصصة في المخاطر والبيانات الاستخباراتية.
محركات ورقائق
وشملت الصادرات الصينية المباشرة إلى روسيا محركات طائرات ورقائق إلكترونية وسبائك معدنية وعدسات كاميرات وألياف زجاجية ومواد رابطة خاصة بالألياف الزجاجية وخيوط ألياف كربونية، وهي جميعها مكونات أساسية لإنتاج الطائرات المُسيرة التي تحدث دماراً ليلاً في أوكرانيا، بحسب "التليجراف".
وعلى المستوى العلني، تحاول الصين إظهار موقف الحياد تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن توريدها لقطع غيار الطائرات المُسيرة يكشف عن شراكة عسكرية وثيقة بين بكين وموسكو. وينعكس ذلك على أرض المعركة، حيث يعثر الجنود الأوكرانيون بانتظام على أجزاء صينية الصنع داخل المعدات الروسية التي يسقطونها.
وقال طيار في الدفاع الجوي الأوكراني، طلب من الصحيفة عدم كشف هويته: "نحصل باستمرار على لوحات ورقائق مصدرها واضح أنه من الصين".
وأضاف: "بعضها يحمل أسماء المصنعين وشعارات الشركات، ورأيت قطعاً تحمل حروفاً صينية".
لكن الانخراط المباشر في الحرب عبر إرسال عتاد عسكري أو قوات، كما فعلت كوريا الشمالية، يشكل مخاطرة كبيرة على مصالح الصين الاستراتيجية. لذلك، فضلت بكين دعم موسكو من الخطوط الخلفية عبر السماح لشركاتها بتصدير سلع مزدوجة الاستخدام، مدنية وعسكرية، ما دفع التجارة الثنائية إلى مستوى قياسي بلغ 210 مليارات جنيه إسترليني في 2024.
وقال أندريا جيسيلي، المحاضر المتخصص في السياسة الخارجية الصينية بجامعة إكستر، إن العلاقة الثنائية الإيجابية "ضرورية لبقاء اقتصاد الطرفين".
وأضاف: "كل طرف لديه مصلحة كبرى في بقاء الآخر، وهذا لن يتغير. إنه واقع جغرافي بسيط"، في إشارة إلى الحدود المشتركة بين البلدين الممتدة لمسافة 2600 ميل (4184 كيلومتر).
ويمنح هذا النهج بكين مساحة لاتهام الغرب بأنه الطرف الذي يشعل الحرب عبر تزويد أوكرانيا بالأسلحة والدعم العسكري.
وفي مطلع يوليو الماضي، قال وزير الخارجية الصيني وانج يي، في جلسة خاصة مع مسؤولين أوروبيين إن بلاده لا تستطيع ببساطة تحمل خسارة روسيا للحرب، خشية أن يتيح ذلك للولايات المتحدة التفرغ لمواجهة الصين.
وبعد يوم واحد فقط، نشر وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها صوراً على الإنترنت لقطعة تحمل اسم شركة Suzhou ECOD Precision Manufacturing الصينية، قال إنها انتُشلت من طائرة مُسيرة قتالية من طراز Geran-2، النسخة الروسية من طائرة "شاهد-136" الإيرانية، أُسقطت خلال هجوم حديث على كييف.