رسائل الصين في العرض العسكري: لا تنمر ضد بكين بعد اليوم.. والقوة لضمان السلامة

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الصيني شي جين بينج خلال عرض عسكري بمناسبة الذكرى الـ 80 لانتصار الصين على اليابان في الحرب العالمية الثانية، بكين، الصين. 3 سبتمبر 2025 - REUTERS
الرئيس الصيني شي جين بينج خلال عرض عسكري بمناسبة الذكرى الـ 80 لانتصار الصين على اليابان في الحرب العالمية الثانية، بكين، الصين. 3 سبتمبر 2025 - REUTERS
بكين-شين شيوي

مع الاهتمام العالمي بالعرض العسكري الضخم الذي نظمته الصين، الأربعاء، في الذكرى الـ 80 لانتصارها على اليابان في الحرب العالمية الثانية، برزت تساؤلات عديدة عن الرسائل التي كانت تهدف بكين لإبرازها، من خلال "استعراض العضلات" العسكرية، وبحضور أكثر من حليف "نووي".

تشو بو، زميل مركز الأمن والاستراتيجية الدولية بجامعة تسينجهوا الصينية، والضابط المتقاعد، قال لـ"الشرق"، إن عرض عيد النصر "أرسل رسائل قوية مفادها أن البلاد لن تتعرض للتنمر مرة أخرى، وأن الصين صاغت درع السلام لضمان سلامتها والسلام العالمي".

وأضاف أن "فن الحرب الحقيقي هو فن وقف الحروب"، وهو أمر متجذر في عُمق الفلسفة الصينية.

واتفق معه في الرأي الباحث الصيني تشنج يونج نيان، رئيس مجلس إدارة معهد قوانجتشو لمنطقة الخليج الكبرى، والذي قال لـ"الشرق" إن إحياء ذكرى النصر في الحرب ومراجعة التاريخ يهدفان أساساً إلى منع تكرار الحروب"، وأن بلاده "تتخذ التاريخ مرآةً للحماية من الصراعات المستقبلية".

وأضاف أن "العرض العسكري "حمل أهمية أكبر بكثير من مجرد عرض رائد للأسلحة أو مصدر فخر وطني، بل هو بمثابة حجر أساس تقوم عليه الأمة للوقوف بثبات على الساحة العالمية".

"لا عيب في امتلاك العضلات.. للردع"

ورداً على اتهامات غربية للصين بأنها "تستعرض عضلاتها" من خلال مثل هذه العروض، قال تشنج: "إلى حد ما، لا عيب في امتلاك العضلات.. فكما أن الشخص عديم القوة قد يصبح هدفاً للنوايا الخبيثة، فإن الأمة ذات القدرات القوية تردع العدوان".

وأوضح تشنج: "نحن لا نستعرض عضلاتنا لجعل الدول الأخرى تحدق بها"، معتبراً أن أهمية العرض "تكمن في ثقة الأمة في تأمين مكانتها في العالم"، معتبراً أنه "دون وسائل الدفاع عن النفس، سوف يتعرض الإنسان للتنمر".

لا تكتل بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية

على الرغم من حضور قادة روسيا، وكوريا الشمالية، العرض العسكري، إلى جانب قادة آخرين، إلا أن التكهنات بعقد الرئيس الصيني شي جين بينج أول اجتماع ثلاثي مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والكوري كيم جونج أون، لم تتحقق. 

عُقدت الاجتماعات ثنائية فقط، إذ أجرى الرئيس الصيني محادثات مع كيم جونج أون، بعد يوم من العرض العسكري الصيني، وبعد اجتماع كيم مع بوتين.

وفي هذا السياق، يرى تشو فنج، عميد كلية العلاقات الدولية بجامعة نانجينج، أنه "من الخطأ الاعتقاد بأن الصين وروسيا وكوريا الشمالية تعمل على تشكيل تكتل"، مشيراً إلى أن بلاده ترفض العودة إلى مرحلة عام 1950، على الرغم من استئناف العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية كتحالف عسكري في السنوات الأخيرة، وإرسال بيونج يانج قوات للانضمام إلى الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

ويشير تشو إلى إرسال الصين جنود من "متطوعي الشعب" إلى كوريا الشمالية في عام 1950، للمشاركة في "حرب مقاومة العدوان الأميركي"، في إشارة إلى الحرب الكوريّة، بين الشمال، الذي كان مدعوماً من المعسكر الشيوعي، والجنوب المدعوم من الولايات المتحدة، واستمرت حتى عام 1953.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، قوه جيا كون، انتقد الخميس، ادعاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن "قادة الصين وروسيا وكوريا الشمالية يتآمرون ضد الولايات المتحدة".

وقال كون إن تطوير بلاده علاقاتها الدبلوماسية "مع أي دولة لا يستهدف أي طرف ثالث".

تصريحات متحيزة

رداً على تعليق مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على حضور قادة روسيا وكوريا وإيران، العرض العسكري بقولها إنه "يُمثل تحالفاً استبدادياً يتحدى النظام الدولي القائم"، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، الخميس، إن تصريحات كالاس "مليئة بالتحيُّز الأيديولوجي، وتُظهر نقصاً في المعرفة التاريخية الأساسية".

وقال الأستاذ في معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية التابع لكلية الحزب المركزية للحزب الشيوعي الصيني والأكاديمية الوطنية للحوكمة، ليانج يابين، إن "بعض السياسيين ومراكز الفكر الغربية بدأوا يتجاهلون أو يقللون من شأن الدور الاستراتيجي للصين ومساهماتها الكبيرة في انتصار الحرب العالمية الثانية".

واعتبر ليانج، لـ"الشرق"، أن العرض العسكري رد مباشر على هذه الآراء الإشكالية.

"محاولة فصل تايوان عن الصين" 

يُمثل يوم النصر أول عرض جماعي للمخطط الجديد لهيكل قوة الجيش الصيني، وبعد تعميق الإصلاحات والتحديث الشامل في الجيش، تم تشكيل هيكل جديد للخدمات والأسلحة العسكرية.

وقال تشو بو، الضابط الصيني السابق، لـ"الشرق"، إن "أنظمة الأسلحة المعروضة أظهرت عزم الصين على حماية سيادتها وسلامة أراضيها وقدرتها على الدفاع ضد أي محاولة لفصل جزيرة تايوان عن الوطن الأم".

وكان لافتاً في العرض العسكري، ظهور مقاتلات شبحية بقيادة J-35، وأسلحة قتالية جوية دون طيار تظهر للمرة الأولى.

أسلحة تُعرض للمرة الأولى

بالإضافة إلى ذلك، استعرضت الصين قواتها النووية عبر البر والبحر والجو للمرة الأولى، بما في ذلك إطلاق صاروخ DF-61 العابر للقارات الأرضي، وصاروخ DF-5C النووي الاستراتيجي السائل العابر للقارات، القادر على استهداف أي موقع في العالم.

تشو بو، وصف العرض بأنه "مدهش"، مؤكداً تميز بلاده في التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن "من بين المعدات المعروضة، تُعتبر الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBMs) مثيرة للإعجاب بالفعل، وشوهدت في فعاليات سابقة".

واعتبر أن "الجديد والملفت للنظر بشكل خاص في المعرض هو صاروخ JL3 ICBM، وهو صاروخ يمكن إطلاقه من تحت الماء".

كان وو زيك، نائب مدير مكتب المجموعة القيادية للعرض العسكري وهو ضابط كبير في هيئة الأركان المشتركة للجنة العسكرية المركزية، صرح في 20 أغسطس، بأن جميع المعدات التي عُرضت خلال العرض العسكري جرى اختيارها من معدات صينية محلية الصنع في الخدمة الفعلية، مع ظهور العديد من الأنظمة للمرة الأولى أمام الجمهور.

وشهد العرض منصات رئيسية أخرى للقوات الجوية للجيش الصيني، وكشفت لقطة مقربة لمقاتلة J-20S عن قمرة قيادة بمقعدين، ما يشير إلى أنها نسخة مُطورة عن طائرة J-20. 

وقال المحلل العسكري وي دونجكسو، إن هذه النسخة ذات المقعدين لا تدعم المهام الأطول فحسب، بل تسمح أيضاً بالتعاون بشكل أفضل مع الطائرات دون طيار القتالية.

تصنيفات

قصص قد تهمك