أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، بدء العملية البرية لاجتياح مدينة غزة من خلال توغل لواءين (98 و162) إلى أطراف المدينة، تمهيداً للتقدم باتجاه الأحياء، وذلك وسط تحذيرات من كارثة إنسانية ومطالب دولية بإيقاف الهجوم العسكري الذي تسبب في نزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين باتجاه جنوب القطاع.
وذكر الجيش الإسرائيلي أن العملية بدأت حوالي الساعة العاشرة من مساء الاثنين مع غارات جوية مكثَّفة لتمهيد الطريق، مشيراً إلى أنه من المقرر أن ينضم اللواء 36 إلى القتال خلال الأيام المقبلة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بداية جلسة استماع لأقواله، الثلاثاء، بقضية اتهامه بالفساد: "بدأنا عملية واسعة النطاق في غزة"، فيما أشار مسؤول عسكري إسرائيلي إلى أن العملية البرية لاجتياح مدينة غزة "في مراحلها الأولى"، بحسب وكالة "رويترز".
وأضاف المسؤول أن "الأسلوب المتبع هو التوغل التدريجي تصاحبه نيران مكثفة لحماية القوات، مع إعطاء أولوية لسلامة الجنود على حساب السرعة الميدانية".
ما حجم العملية البرية في مدينة غزة؟
أفاد الجيش الإسرائيلي في وقت سابق بأن نسبة استدعاء الاحتياط للعملية بلغت نحو 80–85%، مع تخطيط لوجود 130 ألف مقاتل احتياط ينخرطون في النشاطات الميدانية على دفعات تتناوب حتى الربع الأول من عام 2026.
وتشارك في العملية البرية قوات من فرقتي 98 و162، والتي تحركت باتجاه مدينة غزة، تحت غطاء ضربات جوية واسعة.
و"فرقة 98"، هي "كوماندوز"، تمثل رأس الحربة في عملية الاختراق، أما "فرقة 162"، فهي فرقة مدرعة/ميكانيكية، للسيطرة وتثبيت المواقع. وخلال الأيام المقبلة ستنضم إلى ساحة القتال "فرقة 36"، وهي متخصصة للتطويق الخارجي وقطع الإمداد.
تكتيكياً، ستتقدم هذه القوات داخل مدينة غزة بشكل متدرج مدعوم بنيران كثيفة (قصف جوي ومدفعي ونيران ميدان)، مع إعطاء أولوية لحماية القوات على حساب سرعة التقدّم، بحسب مصادر عسكرية إسرائيلية.
وخلال الأسابيع السابقة، دمّر الجيش الإسرائيلي بنى تحتية ومبان شاهقة في مناطق، مثل جباليا والشيخ رضوان وزيتون، كتمهيد للعملية البرية.
ما أهداف الهجوم؟
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يسعى من خلال العملية التي يطلق عليها اسم "عربات جدعون 2" إلى ما سماه "الحسم العسكري"، عبر تحييد القدرات العسكرية والتنظيمية لحركة "حماس" داخل مدينة غزة.
وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن العملية قد تستمر حتى بداية العام المقبل، وسط مخاوف من أن تطول بسبب الأنفاق والبنية التحتية تحت الأرض، ما قد يحولها إلى حملة استنزاف طويلة.
ويعني تطبيق الخطة انتقال الجيش الإسرائيلي من السيطرة على الأطراف والمناطق المفتوحة، إلى تنفيذ انتشار واسع داخل أحياء مدينة غزة لفترات زمنية طويلة تشمل إدخال قوات برية كبيرة مدعومة بالدبابات والمدفعية والطائرات المسيّرة إلى أحياء مثل الزيتون والشجاعية والرمال، مع إقامة نقاط عسكرية. كما يتضمن قطع الاتصالات والإمدادات عن المدينة، ومنع التنقل بين أحيائها وعزلها عن باقي القطاع.
وتعتمد الخطة على فرض طوق عسكري كامل حول المدينة وعزلها عن باقي مناطق غزة، ثم تنفيذ عمليات اقتحام متدرجة للأحياء.
والهدف المباشر هو السيطرة الميدانية على المدينة بشقيها فوق الأرض مع "تسطيح أبنيتها بالكامل كما حدث في مدينة رفح، وتفكيك شبكة الأنفاق تحت وتحويل المدينة إلى منطقة عمليات مغلقة، يتم التحكم فيها عسكرياً من خلال نقاط ثابتة ودوريات مستمرة، مع فرض رقابة على حركة السكان والمواد داخلها".
قتال متدرج
ويبدو أن العملية العسكرية الإسرائيلية دخلت مرحلة الاقتحام، وذلك بعد اكتمال المرحلتين التمهيدية والتطويق، ويفترض أن يتم إدخال قوات برية على شكل وحدات صغيرة متدرجة، مدعومة بالدبابات والقوات الخاصة، لتنفيذ عمليات تمشيط واقتحام مبانٍ محددة.
ومن المتوقع أن تعتمد إسرائيل على القتال المتدرج حياً بعد حي، مع استخدام وحدات الهندسة للتعامل مع الأنفاق، والطائرات المسيّرة لمساندة القوات الميدانية.
وستأخذ العمليات شكل حرب مدن طويلة، تتضمن تفتيش المنازل، وهدم مواقع عسكرية تحت الأرض، وإقامة نقاط عسكرية ثابتة داخل الأحياء.
ما وضع المدنيين؟
تشير تقارير إلى أن إسرائيل هجّرت قسراً نحو 350 ألف شخص من مدينة غزة قبل بدء العملية البرية، فيما لا يزال 600 ألف على الأقل داخل المدينة.
وقالت حكومة غزة الأسبوع الماضي في بيان، إن الجيش الإسرائيلي دمر 1600 بناية متعددة الطوابق و13 ألف خيمة بمدينة غزة، كانت تحتضن أكثر من 100 ألف نسمة.
وجاء في البيان أن إسرائيل تتعمد استهداف المدنيين ومنازلهم وأماكن نزوحهم وترتكب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وتهجير قسري بشكل واضح وممنهج في خرق صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إسرائيل إلى الوقف الفوري لهجومها البري على مدينة غزة الذي بدأ، الثلاثاء، قائلاً إن الأدلة تتزايد على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وربما أكثر من ذلك.
وقتل الجيش الإسرائيلي 59 فلسطينياً في غزة وأصاب 386 خلال الـ24 ساعة الماضية، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع.
وأضافت الوزارة أن عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع ارتفع إلى 64 ألفاً و964 فلسطينياً، وإصابة 165 ألفاً و312.