
يدرس الاتحاد الأوروبي سبل استخدام أصول روسيا المجمدة لتقديم "قروض تعويضات" لأوكرانيا بقيمة 170 مليار دولار، في خطوة من شأنها أن تُغيّر الوضع المالي لكييف، لكنها تُخاطر بمواجهة كبيرة مع موسكو، التي حذّرت من أن استخدام الأصول المجمدة "لن يمر دون رد"، حسبما أفادت به صحيفة "فاينانشيال تايمز".
ومن المقرر أن يناقش وزراء مالية الاتحاد الأوروبي المجتمعون في الدنمارك هذا الأسبوع، فكرة قروض التعويضات، إذ قالت مصادر مطلعة، إن الأرصدة النقدية ستستخدم أصول البنك المركزي الروسي الخاضعة للعقوبات، والمُودعة لدى بنك "يوروكلير" المركزي للأوراق المالية في بلجيكا، لشراء سندات أوروبية بدون فوائد، في حين سيُحوّل رأس المال المُجمّع بعد ذلك إلى أوكرانيا على دفعات.
وقال مصدران مُطّلعان على الأمر، إن حوالي 170 مليار يورو من أصل 194 مليار يورو من الأصول الروسية المُودعة لدى "يوروكلير" قد استحقت، وهي الآن مُسجّلة كأرصدة نقدية في دفاتر "يوروكلير".
أما الخيار الثاني فيتيح استخدام آلية ذات غرض خاص لإدارة ترتيبات التمويل، ما قد يسمح للدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالمشاركة.
وكثفت بروكسل العمل الفني على الاقتراح مع تراجع احتمالات مفاوضات السلام، وسط تمسك روسيا بأهدافها في أوكرانيا، وإحجام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن تصعيد الضغط الاقتصادي على موسكو أو تعزيز القدرات العسكرية لأوكرانيا.
كما تضغط واشنطن على حلفائها للاستفادة من الأصول الأساسية لروسيا، وليس فقط الأرباح التي استُخدمت لضمان قرض بقيمة 50 مليار دولار لأوكرانيا العام الماضي.
وأيدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الأسبوع الماضي، فكرة قروض التعويضات، قائلةً إنه "لن يلزم سدادها، إلا إذا وافقت روسيا على تعويض كييف عن أضرار الحرب"، مضيفة أنه "بدلاً من انتظار نهاية الصراع، فإن الأموال ستساعد أوكرانيا بالفعل بالوقت الحالي".
وأكدت المفوضية الأوروبية أنها "ستتحرك بأسرع ما يمكن لتقديم المزيد من الدعم المالي لأوكرانيا"، موضحة أن أي مبادرة من هذا القبيل ستستند إلى "احتياجات أوكرانيا الأكثر إلحاحاً، وبالتشاور الوثيق مع الدول الأعضاء والشركاء الدوليين".
وبحسب مذكرة أميركية وزعت على أعضاء مجموعة الدول السبع، فإنه ينبغي على دول المجموعة "النظر في الاستيلاء على أو استخدام رأس المال من الأصول السيادية الروسية بشكل مبتكر لتمويل احتياجات أوكرانيا الدفاعية".
وتهدف ترتيبات المفوضية إلى التغلب على اعتراضات العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وخاصة بلجيكا وألمانيا وفرنسا، التي تشعر بالقلق من أن الاستيلاء على رأس المال، بدلاً من الفائدة من شأنه أن يتجاوز القانون أو يقوض الثقة في اليورو كعملة احتياطية.
وتعتمد أوكرانيا على دعم مالي بقيمة 50 مليار دولار ستقدم لها خلال العام المقبل، بالإضافة إلى المساعدات العسكرية، وسيتعين على أوروبا تحمل معظم العبء، نظراً لرفض واشنطن تقديم المزيد من المساعدات.
وأبدى المستشار الألماني فريدريش ميرتس ترحيباً بالأفكار التي طورتها المفوضية، نظراً للقيود المفروضة على الميزانيات الوطنية، كما أن الاتحاد الأوروبي استنفد قدرته على الإقراض.
وصرح مستشاره الدبلوماسي، جونتر سوتر، في مؤتمر عُقد في كييف بأن مناقشة الأصول المجمدة في أوروبا "بطيئة للغاية، لكنها تتحرك في اتجاه معين، باستخدام الأرباح الناتجة عن الأموال، والآن هناك اقتراح مطروح لكيفية استخدامها بطريقة أكثر استباقية".
وأضاف سوتر أن "النقاش كان جيداً في حد ذاته، لأنه يُثير حالة من انعدام الأمن لدى الجانب الروسي".
وقالت فون دير لاين خلال إعلانها الأسبوع الماضي، في إشارة إلى مخاوف بلجيكا من تحملها المسؤولية القانونية في أي دعوى قضائية ترفعها روسيا: "يجب أن تتحمل الدول الأعضاء المخاطر بشكل جماعي".
ومن العقبات المحتملة الأخرى ضمان بقاء الأصول الأساسية مجمدة، ففي الوقت الحالي، تحتاج عقوبات الاتحاد الأوروبي، التي تُجمد بموجبها أصول روسيا، إلى دعم كامل من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتمديدها كل 6 أشهر.