
أدى صدور حكم بالسجن على الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إلى تعميق الانقسامات في فرنسا بشأن تعامل القضاة مع المخالفات السياسية، وذلك قبل أشهر من محاولة زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان الطعن على إدانتها بالاختلاس والترشح لرئاسة الجمهورية.
وأحدثت محكمة بالعاصمة باريس صدمة في الساحة السياسية، الخميس، عندما قضت بسجن ساركوزي 5 سنوات بتهمة التآمر الجنائي لمحاولته جمع أموال لحملته الانتخابية من ليبيا، وسيصبح قريباً أول رئيس سابق للبلاد في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية يُسجن.
وقال لودوفيك فريات، رئيس أكبر نقابة تمثل المدعين والقضاة الفرنسيين، إن الحكم يثبت أن لا أحد فوق القانون، حتى لو اختار البعض التشكيك في دوافع المحكمة.
وأضاف: "سيترك هذا القرار أثراً واضحاً وسيميز بين ما كان عليه الوضع قبل صدوره وما بعده. في المحاكمات البارزة ذات الطابع السياسي والمالي، يرى البعض حتماً أن القضاة يتدخلون في الشأن السياسي. وما يؤسفني هو أن هذا غالباً ما يتحول إلى ستار يصرف الانتباه عن الجرائم المرتكبة بالفعل".
الثقة في القضاء
وكرر ساركوزي براءته لدى مغادرة للمحكمة، وقال إن الحكم من شأنه أن يقوض الثقة في القضاء الفرنسي.
وتابع: "ما حدث اليوم... أمر بالغ الخطورة على سيادة القانون، وعلى الثقة التي يمكن أن يوفرها نظام العدالة".
وحكم السجن الصادر بحق ساركوزي قابل للتنفيذ على الفور، مع منح الرئيس السابق وقتاً قصيراً لترتيب أموره، ولكن لن يُسمح له بتجنب دخول السجن في انتظار الاستئناف كما حدث لبعض الساسة الفرنسيين في الماضي.
وقال محامون وسياسيون إن الاستئناف قد يستغرق سنوات، ما يمنح شعوراً بالإفلات من العقاب لدى أصحاب النفوذ، لذلك دأب القضاة على إصدار أحكام "التنفيذ المؤقت" انتظاراً لقرار نهائي أو استكمال الطعون.
وصدر حكم على لوبان "بالتنفيذ المؤقت" في مارس، بعد إدانتها باختلاس أموال الاتحاد الأوروبي. وحكم عليها بالحظر السياسي لمدة 5 سنوات، وهو ما منعها من الترشح في انتخابات 2027.
وقالت لوبان، التي سيحدد الاستئناف الذي تقدمت به في يناير ما إذا كان بإمكانها الترشح في انتخابات عام 2027، إن إدانة ساركوزي أظهرت أن "تعميم الولايات القضائية لعمليات التنفيذ الفوري يمثل خطراً كبيراً".