قبل اجتماع الجنرالات.. مخاوف بين قادة الجيش الأميركي من استراتيجية البنتاجون الجديدة

هيجسيث يعيد ترتيب أولويات الدفاع بعيداً عن أوروبا والصين.. ويخطط لسحب قوات من الخارج

time reading iconدقائق القراءة - 9
وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث ورئيس هيئة الأركان المشتركة دان كاين يحضران خلال جلسة استماع أمام لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ في العاصمة واشنطن. 11 يونيو 2025 - REUTERS
وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث ورئيس هيئة الأركان المشتركة دان كاين يحضران خلال جلسة استماع أمام لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ في العاصمة واشنطن. 11 يونيو 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

أثار قادة الجيش الأميركي مخاوف جدية بشأن "استراتيجية الدفاع الوطني" الجديدة لإدارة الرئيس دونالد ترمب، ما يكشف عن انقسام بين القيادة السياسية للبنتاجون والعسكريين، بعد استدعاء وزير الدفاع بيت هيجسيث لمئات من كبار قادة الجيش عبر أنحاء العالم، في اجتماع غير معهود مرتقب الثلاثاء، وفق صحيفة "واشنطن بوست".

وقال 8 مسؤولين حاليين وسابقين إن عدداً من قادة الجيش بما فيهم رئيس الأركان دان كاين، انتقدوا الاستراتيجية الجديدة، فيما يعيد هيجسيث ترتيب أولويات الجيش الأميركي، ليوجه تركيز البنتاجون على التهديدات للأمن الداخلي، ويقلص المنافسة مع الصين، ويقلل من الدور الأميركي في أوروبا وإفريقيا.

وسيحضر الرئيس دونالد ترمب الاجتماع المقرر الثلاثاء، والذي دعا إليه هيجسيث بشكل مفاجئ الأسبوع الماضي، قادة الجيش الأميركي في جميع أنحاء العالم للاجتماع في قاعدة لمشاة البحرية الأميركية في كوانتيكو، حيث سيلقي هيجسيث كلمة بشأن المعايير العسكرية و"أخلاق المحارب"، وسط مخاوف بين قادة الجيش من عمليات إقالة واسعة، أو إعادة ترتيب جذرية لهيكل وحدات القيادة القتالية، والهيراركية العسكرية.

ويشكل النقاش بشأن استراتيجية الدفاع الوطني، التي تعد التوجيه الرئيسي للبنتاجون بشأن كيفية ترتيب أولويات الموارد ومواقع القوات الأميركية عبر أنحاء العالم، آخر تحدي أمام المسؤولين العسكريين في محاولة التعامل مع طريقة إدارة ترمب غير التقليدية مع القوات المسلحة.

وأعرب قادة عسكرية عن مخاوفهم من أن الاستراتيجية الجديدة "لم تدرس جيداً"، وقال مصدر إنه ليس متأكداً ما إذا كان وزير الدفاع "يفهم حجم وأهمية" الاستراتيجية.

وأشار مسؤولون مطلعون لصحيفة "واشنطن بوست"، إلى وجود إحساس متنام بالإحباط بين قادة الجيش إزاء خطة يرونها "قصيرة النظر"، بالمقارنة مع تصريحات ترمب المتناقضة وبشأن مقاربته للتعامل مع السياسة الخارجية.

ورفض المتحدث باسم البنتاجون شون بارنيل الرد على التقرير. وقال بارنيل: "طلب وزير الدفاع تطوير استراتيجية للدفاع الوطني تركز على دفع أجندة الرئيس ترمب أميركا أولاً، والسلام عبر القوة. هذه العملية متواصلة".

وأعدّ المعينون السياسيون من قبل ترمب داخل مكتب السياسات في وزارة الدفاع، ومن بينهم بعض المسؤولين الذين سبق أن انتقدوا التزامات الولايات المتحدة الطويلة الأمد تجاه أوروبا والشرق الأوسط، مسودة الاستراتيجية التي باتت في مراحلها النهائية من التحرير.

وقالت 3 من المصادر إن مكتب السياسات وزع مسودة الاستراتيجية الجديدة على عدد واسع من قادة الجيش من الوحدات القتالية العالمية إلى هيئة الأركان المشتركة، وأن بعضهم تساءل عن دلالات أولوياتها بالنسبة لقوة جرى تصميمها للاستجابة للأزمات في مختلف أنحاء العالم.

وذكر عدد من المصادر أن الاعتراضات خلال عملية صياغة المسودة هو أمر طبيعي، ولكن عدد المسؤولين الذين أثاروا المخاوف بشأن الوثيقة، وعميق الانتقادات التي وجهوها، هو أمر غير معتاد.

رئيس الأركان يعارض المسودة

وأشارت عدة مصادر إلى أن رئيس الأركان دان كاين أثار مخاوفه مع قيادة البنتاجون في الأسابيع الأخيرة، وأضافوا أن رئيس الأركان أبلغ وزير الدفاع رأيه بصراحة.

وقال مصدر إن مدير سياسات البنتاجون إلبريدج كولبي كان ضمن النقاش، وأضاف: "لا أعرف ما إذا كان هيجسيث يفهم حتى ما حجم وأهمية استراتيجية الدفاع الوطني، وهو السبب وراء محاولة رئيس الأركان معه بقوة".

وقال مصدر آخر إن دان كاين حاول إبقاء استراتيجية الدفاع الوطني مركزة على تجهيز الجيش لردع، وهزيمة الصين في أي نزاع، إذا ما كان ذلك ضرورياً.

سحب قوات أميركية من أوروبا

وألمح هيجسيث ومسؤولو السياسة إلى أن البنتاجون سيسحب بعض القوات من أوروبا وسيدمج بعض وحدات القيادة الأميركية، بشكل يتوقع أن يثير توتر بعض حلفاء الولايات المتحدة، وخاصة وسط الحرب الروسية في أوكرانيا، وانتهاكاتها الأخيرة للمجال الجوي لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ولسنوات عدة، ارتكزت استراتيجية البنتاجون بشكل كبير على فكرة أن أفضل دفاعات البلد هي إنشاء والحفاظ على تحالفات عسكرية قوية بالخارج.

وقال معارضون لهذه الاستراتيجية  في الإدارة الأميركية الحالية، إنها أغرقت الولايات المتحدة في حروب مكلفة على أراض أجنبية، بدلاً من تأمين المصالح الأميركية المحلية.

وكانت استراتيجية ترمب منذ ولايته الثانية الضغط على الحلفاء لإنفاق المزيد على دفاعاتهم الخاصة، وفي بعض الأحيان استبعاد صقور الجمهوريين في الكونجرس، وكذلك، السعي لإنفاق دفاعي محلي أكبر.

عمليات داخل وبالقرب من الأراضي الأميركية

وفيما شن ترمب حملات قصف جوي على اليمن وإيران هذا العام، فإن تركيزه الأساسي كان على عمليات قريبة من الأراضي الأميركية أو داخلها.

وشنّ البنتاجون ضربات ضد من يُزعم أنهم مهرّبو مخدرات في الكاريبي، ونشر قوات وأسلحة أميركية على الحدود الجنوبية، وأرسل الحرس الوطني ومشاة البحرية إلى مدن أميركية حيث ساعدوا في جهود الترحيل وسعوا إلى الحد من ما وصفه الرئيس بـ"الجريمة المنفلتة"، في المناطق الحضرية.

والأسبوع الماضي، أمر ترمب بإرسال قوات إلى بورتلاند بولاية أوريجون، قائلاً إنه سمح لها باستخدام "القوة الكاملة" لحماية عملاء وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE)، الذين أثارت عملياتهم احتجاجات متفرقة في المدينة. وقال هيجسيث، الأحد، في مذكرة إلى الحرس الوطني في أوريجون إن المهمة ستشمل نحو 200 عنصر من الحرس.

تقليص التركيز على الصين

وذكر عدد من المصادر أن معظم الانتقادات الداخلية للاستراتيجية الجديدة تنصب على تركيز الوثيقة على "التهديدات التي تواجه الداخل"، في وقت تواصل فيه الصين بناء قوتها العسكرية بسرعة، وهو ما حذّر القادة العسكريون من أنه يضيّق الفجوة بين الولايات المتحدة وبكين في منطقة المحيط الهادئ.

ولا تزال هناك أقسام جوهرية في الوثيقة تركّز على الصين، لكنها تتركز بدرجة كبيرة على خطر شنّ هجوم على تايوان، بدلاً من المنافسة العالمية مع أكبر خصوم الولايات المتحدة، بحسب ما قاله خمسة أشخاص. 

وحذر كولبي سابقاً من أن الجيش الأميركي غير مستعد لاحتمال غزو صيني لتايوان، ودعا واشنطن إلى تحويل الاهتمام والموارد نحو هذه المشكلة.

وقال مسؤول سابق عن الاستراتيجية: "هناك قلق من أنها لم تُدرس جيداً".

وقال مصدران إن لهجة الوثيقة أكثر تحزباً بكثير مقارنة بالاستراتيجيات السابقة، إذ تتهم إدارة جو بايدن بأنها تسببت في تآكل القوة العسكرية الأميركية، مستخدمة لغة مشابهة لخطب هيجسيث.

وفي الوقت نفسه، يقود وزير الدفاع عملية إعادة هيكلة واسعة للقوات المسلحة، متعهداً بخفض عدد الجنرالات والأدميرالات الذين يشرفون على الجيش الأميركي، والبالغ عددهم نحو 800 بنسبة 20%، وإعادة رسم حدود القيادات القتالية الأميركية. 

وأقال هيجسيث بالفعل ضباطاً كباراً، من بينهم رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال تشارلز ك. براون جونيور، ورئيسة العمليات البحرية الأدميرال ليزا فرانشيتي. ولوحظ أن عدداً غير متناسب من النساء أُقيلن خلال هذه الإقالات.

وتضمنت الاستراتيجية الدفاعية المؤقتة للبنتاجون، والتي كشفت واشنطن بوست تفاصيلها في مارس، تركيزاً مشابهاً على تايوان والدفاع عن البلاد، إلى حد الدعوة قادة البنتاجون إلى "تحمّل المخاطر"، في مناطق أخرى من العالم لتلبية هذين الأولويتين.

كما ألمحت الوثيقة المؤقتة إلى الاستراتيجية الناشئة لاستخدام الأفراد العسكريين بشكل أكثر حزماً في الداخل والخارج.

ووجه هيجسيث إلى "إعطاء الأولوية للجهود الرامية إلى تأمين حدودنا، وصدّ أشكال الغزو بما في ذلك الهجرة الجماعية غير الشرعية، وتهريب المخدرات، وتهريب البشر والاتجار بهم، وغيرها من الأنشطة الإجرامية، وترحيل المهاجرين غير الشرعيين بالتنسيق مع وزارة الأمن الداخلي"، وفقاً لما ورد في الوثيقة.

تصنيفات

قصص قد تهمك