
طلبت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، من الجامعات الأميركية التوقيع على "ميثاق التميز الأكاديمي" compact for academic excellence، مقابل الحصول على تمويل فيدرالي في محاولة غير مسبوقة لفرض سيطرتها على القطاع، وفق صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وذكرت الصحيفة البريطانية، الجمعة، أن البيت الأبيض أرسل وثيقة إلى 9 جامعات تدعو إلى الالتزام بالقضاء على أي تمييز في توظيف أعضاء هيئة التدريس وقبول الطلاب، وإلا ستخسر أموال القروض الطلابية والمنح، وتمويل الأبحاث والمزايا الضريبية.
وتطالب المذكرة، التي اطلعت عليها الصحيفة بـ"الحياد المؤسسي"، و"تحويل أو إلغاء الوحدات المؤسسية التي تعاقب بشكل متعمد الأفكار المحافظة وتقلل من شأنها، بل وتحرّض على العنف ضدها".
كما تقترح إدارة ترمب أيضاً، تجميد الرسوم الدراسية لمدة خمس سنوات، وتجميد حصة الطلاب الجامعيين الدوليين عند 15% كشرط لتلقي التمويل الفيدرالي. وسيُطلب من المؤسسات الأكثر ثراءً، التي تزيد قيمة منحها عن مليوني دولار للطالب، توفير تعليم مجاني لكل من يدرس "العلوم الصعبة".
واعتبر "الميثاق"، حسبما نقلت "فاينانشيال تايمز"، أن "الحرية الأكاديمية ليست مطلقة، ويجب على الجامعات أن تتبنى سياسات تمنع السلوكيات التمييزية أو التهديدية أو المضايقة أو غيرها من السلوكيات التي تنتقص من حقوق أعضاء آخرين في المجتمع الجامعي".
وأكد مسؤول في البيت الأبيض، تفاصيل التعهد. وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أول من أشار إلى هذا التعهد، وقالت إنه أُرسل إلى جامعة فاندربيلت، وكلية دارتموث، وجامعة بنسلفانيا، وجامعة جنوب كاليفورنيا، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة تكساس في أوستن، وجامعة أريزونا، وجامعة براون، وجامعة فيرجينيا.
تهديد الحريات الأكاديمية
في المقابل، أدانت جامعات وأكاديميون الاقتراح. وقال رئيس المجلس الأميركي للتعليم، تيد ميتشل إن "أي جهد لمكافأة أو معاقبة المؤسسات على أساس التزامها بآراء مسؤولين حكوميين ينبغي أن يزعج جميع الأميركيين".
وأضاف: "تحديد ما يشكل بيئة فكرية نشطة ومفتوحة ليس دور الحكومة الفيدرالية، وتداعيات ذلك على حرية التعبير والحرية الأكاديمية مخيفة".
وقال رئيسا الرابطة الأميركية لأساتذة الجامعات، والاتحاد الأميركي للمعلمين في بيان مشترك: "عرض إدارة ترمب منح معاملة تفضيلية للكليات والجامعات التي تتودد إلى الحكومة تفوح منه رائحة المحاباة والمحسوبية والرشوة مقابل الولاء لأجندة أيديولوجية حزبية. إنه أمر فاسد تماماً".
وحذّر الحاكم الديمقراطي لولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم، أي مؤسسات في ولايته من التوقيع على الوثيقة، مشيراً إلى أنها "ستخسر تمويل الولاية" إذا وقعت التعهد.
واعتبر أن "ما يسمى (الميثاق) الذي اقترحه الرئيس دونالد ترمب ليس سوى سيطرة عدائية على الجامعات الأميركية".
وأضاف: "فهو سيفرض تعاريف صارمة تفرضها الحكومة للمصطلحات الأكاديمية، ويمحو التنوع، وينزع السيطرة من قادة الجامعات ليحل محلها أيديولوجية محافظة تفرضها الحكومة".
معارك قضائية
ورفعت نقابات عمالية وأعضاء في هيئة التدريس وطلاب، دعوى قضائية ضد إدارة ترمب في سبتمبر الماضي، بسبب تجميد المنح الفيدرالية وغيرها من الإجراءات التي يقولون إنها تهدف إلى قمع الحريات الأكاديمية.
وفي أبريل الماضي، شكل قادة بعض من أبرز الجامعات الأميركية، تحالفاً لمواجهة إدارة ترمب التي تهدد بوقف تمويل الأبحاث، حسبما نقلت صحيفة" وول ستريت جورنال"، عن مصادر مطلعة.
ووضع أعضاء التحالف، سيناريوهات لتحديد كيفية الرد على مختلف الهجمات. وتشمل أبرز مخاوفهم احتمالية أن تمنع الحكومة الفيدرالية الجامعات من تسجيل الطلاب الأجانب، الذين يوفرون إيرادات من الرسوم الدراسية ويمثلون قوة فكرية للجامعات.
كانت إدارة ترمب حجبت التمويل الفيدرالي عن عدد من الجامعات، أو هددت بحجبه بسبب تعامل الجامعات مع الاحتجاجات ضد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتقول الحكومة إن الجامعات سمحت بإظهار "معاداة السامية" خلال الاحتجاجات.
وكان ترمب قد تعهد، خلال حملته الانتخابية، بـ"استعادة المؤسسات التعليمية الأميركية العريقة من قبضة اليسار المتطرف". وشكلت إدارته فريقاً جديداً لـ"مكافحة معاداة السامية"، واستخدمت تهديدات بوقف التمويل لفرض تغييرات أوسع في الجامعات، لا سيما في جامعة كولومبيا.