وسط اعتراض بلجيكي.. تحركات أوروبية لاستخدام أصول روسية في دعم أوكرانيا

time reading iconدقائق القراءة - 6
البنك المركزي الروسي في موسكو. 3 ديسمبر 2018. - REUTERS
البنك المركزي الروسي في موسكو. 3 ديسمبر 2018. - REUTERS
دبي -الشرق

تواجه بلجيكا ضغوطاً متزايدة للسماح باستخدام الأصول الروسية الُمجمدة في تمويل "قرض تعويضات" لأوكرانيا، بعدما غيرت برلين وعواصم غربية أخرى مواقفها بشأن هذه المسألة، وفق صحيفة "فاينانشيال تايمز".

وجرى تجميد نحو 190 مليار يورو من الأصول السيادية الروسية المودعة في شركة "يورو كلير" Euroclear، مؤسسة الإيداع المركزي للأوراق المالية في بروكسل، وذلك رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. لكن كثيراً من الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة وألمانيا وبلجيكا، كانت مترددة في استخدام هذه الأموال خشية العواقب القانونية والمالية المحتملة.

غير أن الموقف الأوروبي تغير في الأسابيع الأخيرة، خصوصاً بعدما دعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب حلفاءها في مجموعة السبع إلى "مصادرة" أو "استخدام" الأصول الروسية الأساسية "لتمويل الدفاع الأوكراني"، وفقاً لوثيقة توضح الموقف الأميركي اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز".

وكتب المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقال رأي نشرته الصحيفة ذاتها مؤخراً، أن 140 مليار يورو من تلك الأموال يجب أن تُستخدم كقرض لتسليح أوكرانيا.

ومنذ ذلك الحين، عرضت المفوضية الأوروبية، تصوراً لكيفية هيكلة "قرض التعويضات"، وترى أن موسكو يجب أن تتحمل تكاليف الحرب.

مخاطر قانونية ومالية

لكن رئيس الوزراء البلجيكي، بارت دي فيفر، طلب من الدول الأعضاء الـ26 الأخرى في الاتحاد الأوروبي، تغطية المخاطر القانونية والمالية المرتبطة بهذا القرض، وضمان المبلغ بالكامل لتجنب تحمل بلجيكا أي التزامات مالية في حال تعثر السداد.

وأثار هذا الموقف انتقادات في عواصم أوروبية أخرى، خصوصاً أن أرباح "يورو كلير" تخضع للضرائب على الشركات في بلجيكا.

وقال دبلوماسي أوروبي بارز مشارك في المحادثات حول هذه المسألة: "(بلجيكا) أمضت ثلاث سنوات تقول إن (يورو كلير) بلجيكية، وكذلك فوائدها، والآن عندما تريد تقاسم المخاطر، تدعي أن (يورو كلير) أوروبية".

وقال ثلاثة دبلوماسيين يشاركون في التحضيرات لجولة جديدة من المحادثات الأوروبية المقررة الأربعاء، إن صبر العواصم الأوروبية بدأ ينفد تجاه الموقف البلجيكي.

وترى عواصم أوروبية أخرى، أن المأزق الذي تواجهه أوكرانيا يتطلب تضامناً، مشيرة إلى أن بولندا وافقت على استضافة مركز الإمداد الرئيسي للأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا، بينما وافقت الدنمارك على إرسال مقاتلات F-16 إلى كييف من دون مطالبة الآخرين بتقاسم المخاطر.

وقال دبلوماسي أوروبي آخر: "لم يعد هناك مزيد من الحلول السهلة، وعلى كل طرف أن يفعل ما بوسعه".

مخاوف بلجيكية

وسعت المفوضية الأوروبية، إلى تهدئة بعض المخاوف البلجيكية، من خلال إضافة بند ينص على تغطية القرض عبر التزامات طارئة وطنية في حال بدأت روسيا بدفع تعويضات الحرب.

وقال مسؤول أوروبي رفيع: "نعتقد أن المخاطر التي تواجه بلجيكا هنا محدودة إلى حد كبير. هذا لا يعني أنها معدومة، ولا يعني أننا لا نريد الدخول في نقاش جاد جداً مع بلجيكا... لكن هذه المخاطر على الأرجح يمكن إدارتها".

وتؤكد المفوضية، التي تحظى بدعم غالبية العواصم الأوروبية، أن هيكلة القرض لا ترقى إلى مصادرة الأصول، مشيرة إلى أن الأحكام القضائية الصادرة خارج الاتحاد الأوروبي لا يُعترف بها داخل التكتل.

لكن الحكومة البلجيكية قالت، إن "الخطة الحالية المتداولة غير مرضية"، وإن الضمانات الطارئة "لا تعالج مسألة تغطية المخاطر". 

ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى التوصل لاتفاق بشأن القرض البالغ قيمته 140 مليار يورو بحلول ديسمبر المقبل، على أن تبدأ أولى عمليات الصرف في الربع الثاني من عام 2026.

وبحسب "يورو كلير"، جمعت الحكومة البلجيكية منذ عام 2022 نحو 3.6 مليار يورو من الضرائب المفروضة على الأرباح المتأتية من أصول تابعة للبنك المركزي الروسي وكيانات روسية خاضعة للعقوبات الأوروبية.

وقالت الحكومة البلجيكية، إن هذه العائدات الضريبية "مخصصة بالكامل لدعم أوكرانيا". لكن لم يتم تحويل كل هذه الأموال إلى كييف.

وقال دي فيفر الأسبوع الماضي: "هناك من يقولون من وراء ظهري بأنني منتفع من الحرب... لأنني أريد الاحتفاظ بمليار يورو من عائدات الضرائب. هذا ما نسميه في لغتنا مبلغاً بسيطاً، مليار واحد فقط، مقابل المخاطر التي نتحملها". 

وأثار موقف دي فيفر، استياء عدد من القادة الأوروبيين خلال قمة عُقدت أخيراً في كوبنهاجن، وفق ما نقلته مصادر مطلعة على المناقشات لـ"فاينانشيال تايمز".

وأشار هؤلاء إلى أن بلجيكا قدمت مستوى متدنياً نسبياً من الدعم العسكري لأوكرانيا خلال السنوات الثلاث الماضية، مقارنة بالدنمارك والسويد وألمانيا التي قدمت دعماً أكبر بكثير.

ويؤكد مسؤولون بلجيكيون، أن موقف دي فيفر مبرر، لأنه يدافع عن المصلحة الوطنية. وقال أحدهم: "من المهم أن تنظر في أعينهم وتوضح أين تقع الخطوط الحمراء".

لكن قادة أوروبيين آخرين يرون أن تصلبه بدأ يأتي بنتائج عكسية. وقالت رئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسن لـ"فاينانشيال تايمز" رداً على سؤال بشأن معارضة خطة الأصول الُمجمدة: "ما البديل؟ علينا أن نجد وسيلة للتمويل، وإذا لم تكن هذه الوسيلة، فلم أسمع بأي أفكار أخرى". 

تصنيفات

قصص قد تهمك