بعدما دخلت كابول.. كيف أصبح شكل الحياة تحت حكم طالبان؟

time reading iconدقائق القراءة - 10
مقاتلو طالبان يقفون أمام وزارة الداخلية بعد سيطرتهم على العاصمة الأفغانية كابول- 16 أغسطس 2021 - REUTERS
مقاتلو طالبان يقفون أمام وزارة الداخلية بعد سيطرتهم على العاصمة الأفغانية كابول- 16 أغسطس 2021 - REUTERS
دبي -الشرق

خلت شوارع العاصمة الأفغانية كابول من النساء، الاثنين، في أول يوم كامل تحت حكم طالبان التي سيطرت على عموم البلاد، فيما شكل مسلحو طالبان دوريات شرطية في سيارات استحوذوا عليها من قوات الشرطة الفارّة وجمعوا السلاح من حراس الأمن وحثوا أصحاب المحلات والموظفين على العودة إلى العمل بشكل طبيعي، بحسب ما ذكرت تقارير أجنبية من كابول. 

بعيداً عن المطار حيث احتشد آلاف الأفغان في المطار وعلى المدرج أملاً في الهروب من حكم طالبان، وازن من لا أمل لهم في الهروب خياراتهم بين الاختباء أو البقاء ومواجهة حياتهم الجديدة تحت حكم الجماعة.

واختفت نشرات الأخبار والمسلسلات الهندية والتركية من شاشات التلفزيون، وحلّت برامج دينية محلها، حتى قناة طلوع الأفغانية المعروفة ببث برامج شعبية كمسابقات المواهب الأفغانية، لم تعد تبث مثل تلك البرامج، وفق ما ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية.

وأغلقت المحلات أبوابها، رغم حث طالبان أصحاب المحلات والموظفين على العودة إلى الحياة الطبيعية، وبقيت مخابز قليلة وبعض محلات البقالة والمطاعم مفتوحة.

تشكيك في تعهدات طالبان

وقالت "الجارديان" إن مسلحي طالبان دخلوا المجمعات السكنية، وطرقوا الأبواب لجمع الأسلحة من رجال الأمن السابقين لتعزيز سيطرتهم على المدينة، واحتفلوا خارج السفارة الأميركية التي باتت مهجورة.

وزار بعض قادة طالبان شركة الكهرباء والمستشفيات، وقالوا إن النساء اللائي يعملن بالخدمة الصحية يجب أن يبقين في أماكنهم. ودعوا وزير الصحة الأفغاني في حكومة الرئيس الهارب أشرف غني، وحيد مجروح، إلى البقاء في منصبه.

وظهر الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي وكبير مبعوثي السلام عبد الله عبد الله في مقطع فيديو، وقالا إنهما يعملان على انتقال سلمي للسلطة.

ودعا المتحدث باسم طالبان، سهيل شاهين، الأفغان إلى البقاء في بلادهم وإعادة بنائها، متعهداً بألا يكون هناك تهديد لـ"حياتهم أو ممتلكاتهم أو شرفهم".

لكن الكثيرين ترددوا في تصديق تلك التعهدات من جماعة قامت بأعمال انتقامية وفظائع ضد القوات الأفغانية التي استسلمت لها، في وقت أفاد مراسلون أجانب بأن عناصر من طالبان فتشوا منازلهم.

وفي كابول، بقيت النساء في المنازل خوفاً من التعرض للضرب لعدم ارتداء الحجاب، أو للخروج من دون محرم من الرجال، وظهرت تقارير من أماكن متفرقة في أفغانستان عن إجبار فتيات على الزواج بمقاتلي طالبان بعد سيطرتهم على المدن.

وقالت امرأة تدعى حياة (24 عاماً) للجارديان، إن "الشوارع خلت من النساء، كانت هناك سيدات في سيارات وكن يرتدين أقنعة طبية وحرصن على ارتداء غطاء للشعر".

المصالح يجب أن تفتح

وقال موقع "طلوع" الأفغاني إن أغلب المحلات والمصالح الحكومية أغلقت أبوابها، واختفت السيارات من الشوارع، وخلت منطقة "ده أفغانان" الرئيسية في كابول والتي تشهد عادة ازدحاماً بالمارة، من أي حركة.

وقال أحد سكان كابول للموقع الناطق بالإنجليزية إن "المصالح الحكومية والمحلات يجب أن تفتح. الناس يحتاجون إلى الخدمات والطعام".

وذكر الموقع نقلاً عن مواطن آخر أن أسعار الطحين ارتفعت، إذ أصبح يباع بـ2100 أفغاني بعدما كان يباع بـ1700 فقط.

نشر الرعب بالسلاح

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن مسلحي طالبان سيطروا على الشوارع، وقاموا بتفتيش المنازل والمكاتب الحكومية والمكاتب الإعلامية، وفرضوا الخوف والرعب على العاصمة.

وأفادت بإقامة طالبان نقاط تفتيش عبر المدينة التي يقطنها ستة ملايين نسمة، وفرضوا حظراً للتجوال من التاسعة مساء، واحتفلوا فوق سيارات أفغانية وأميركية جابوا بها الشوارع رافعين علم طالبان الأبيض.

وتعرّض المارة لتفتيش هواتفهم بحثاً عن أي مواد قد تعتبر "مناهضة لروح الإسلام،" وشوهد شخص يقوم بإزالة وتعتيم صور لعروس على جدران مركز تجميل.

وقالت سيدة أفغانية كندية كانت في زيارة لكابول مع زوجها الأفغاني، لـ"وول ستريت جورنال"، إن مقاتلي طالبان دخلوا الفندق الذي تقيم فيه يوم الاثنين، وهو ما دفعها للاختباء في حمام غرفتها لكن مدير الفندق أقنعها بالخروج من مكان اختبائها وقام مسلحون بتفتيش حقيبة يدها وفحصوا جواز سفرها واستجوبوها حول علاقتها بزوجها، وطلبوا رؤية وثيقة الزواج، وحين اعترض زوجها "تلقى صفعة على الوجه وضربوه بأسلحتهم"، وفقاً للصحيفة. 

وقالت الصحيفة الأميركية إن طالبان امتنعت عن تنفيذ عمليات اعتقال واسعة النطاق، أو إثارة العنف في كابول، ولكن سلوكهم خلال الأسابيع الأخيرة يشير إلى أنهم سيسعون للانتقام على الأقل ممن عملوا مع الحكومة الأفغانية أو حكومات أجنبية.

ونقلت عن مواطنين أفغان قولهم إن طالبان نفذت عمليات إعدام، وقامت بهجمات غير مبررة على مدنيين عزل، وأجبرت فتيات على الزواج بمقاتليها.

سلوك "المتنمرين"

تثير الوعود التي تقدمها طالبان ولهجتها الناعمة شكوك الكثيرين، خاصة أن أقوالها تنافت مع أفعالها.

الصحافي ريتشادر إينجل، كبير مراسلي "إن بي سي"، وصف في تقرير له من كابول ليل الاثنين طالبان بـ"المتنمرين الذين سرعان ما يغيّرون لهجتهم الناعمة إذا لم يحصلوا على ما يريدونه وينتقلون إلى لهجة أكثر حدة وتشدداً".

وفي إشارة إلى تغيّر اللهجة، دلت صحيفة "نيويورك تايمز"، الأميركية إلى عمدة مدينة قندوز، محمد إلياس، الذي عيّنته طالبان بعد اجتياح المدينة في الثامن من أغسطس الجاري. وبعد دخول طالبان المدينة، عمت الفوضى وانقطعت خطوط الكهرباء وامتلأت المدينة بالقمامة، فبرزت الحاجة إلى الموظفين المدنيين الذين تواروا في منازلهم خوفاً من طالبان، فاضطر العمدة الجديد لاستدعائهم وحاول إقناعهم بالعودة إلى العمل، قائلاً إن "جهادنا ضد المحتل ومن يدافعون عنه، وليس ضد أبناء مدينتنا".

لكن الموظفين لم يقتنعوا بالكلام، حسب الصحيفة، وظلوا في منازلهم. وحينها بدأ صبر إلياس في النفاد ولهجته في التغير، وبدأ مقاتلوه بمهاجمة المنازل بحثاً عن الموظفين الغائبين عن أعمالهم. وأقام عناصر طالبان المئات من نقاط التفتيش ووضعوا على مدخل مشفى المدينة لافتة تقول "على الموظفين العودة إلى العمل وإلا واجهوا العقاب من طالبان".

وقالت الصحيفة إن ما مرّ به سكان قندوز يقدم مثالاً على الطريقة التي ستحكم بها طالبان باقي البلاد، فبعد أيام من فشلها في إقناع الموظفين بالعودة، بدأت بزرع الخوف في نفوسهم، بحسب ما ذكر  لهم عبر الهاتف مقيمون في المدينة.