من هو حامد كرزاي الذي حكم أفغانستان لـ14 عاماً؟

time reading iconدقائق القراءة - 10
الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي خلال مؤتمر صحافي في موسكو - REUTERS
الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي خلال مؤتمر صحافي في موسكو - REUTERS
دبي -الشرق

رفض المتحدث باسم حركة طالبان سهيل شاهين، الثلاثاء، القول إذا ما كان الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي الذي تولى رئاسة أفغانستان بين (2001 – 2014) سيشارك بأي صفة في الحكومة الأفغانية المقبلة، لكنه لم يستبعد الخيار، وقال إنه أمر متروك لقيادات الحركة.

جاء الرد مفاجئاً، إذ توقع كثيرون أن مجيء طالبان سيعني قيامها بعمليات انتقامية ضد كل من شارك في الحكومات السابقة والمتعاونين مع الولايات المتحدة خلال وجودها بأفغانستان على مدار عقدين الزمان، وهو ما لا يستبعده مراقبون بعد.

لكن تصريحات كرزاي الذي رفض الخروج من أفغانستان مع دخول طالبان لكابول كما فعل الرئيس الأفغاني أشرف غني، لـ"سي إن إن"، بأنه أجرى "مفاوضات مثمرة مع قادة حركة طالبان"، تشير إلى دور محتمل في مستقبل البلاد، حتى ولو كان خارج الحكومة.

من هو حامد كرزاي؟

وُلِدَ حامد كرزاي في 24 ديسمبر 1957 بولاية قندهار لعائلة سياسية من قبيلة بوبلزي من إثنية البشتون، وخدم كل من والده وجده في حكومة الملك محمد ظاهر شاه، آخر ملوك أفغانستان.

وتحت وطأة الحرب الأفغانية في الثمانينيات، اضطرت عائلة كرزاي لمغادرة أفغانستان إلى باكستان، قبل أن يذهب كرزاي للدراسة في الهند حيث تلقى تعليمه الجامعي، وحصل على الماجستير في العلوم السياسية عام 1982.

وعمل كرزاي مع المقاتلين الأفغان خلال الحرب الأفغانية للإطاحة بالحكومة المدعومة سوفييتياً. وبدأ في زيارة الولايات المتحدة بشكل متكرر سعياً لطلب الدعم للمقاتلين، وجمع الأموال لهم.

نائب وزير الخارجية

بعد سقوط الحكومة الشيوعية وتولي حكومة محمد نجيب الله عام 1992 السلطة، تقلد كرزاي منصب نائب وزير الخارجية لمدة قصيرة، واستقال في 1994 بسبب الخلافات العنيفة داخل الحكومة والتي انتهت بانقلاب المقاتلين ضد بعضهم البعض، وحدوث الفوضى التي مكّنت طالبان من الإطاحة بالحكومة وتولي الحكم في 1996.

تأييد طالبان

أيد كرزاي طالبان في البداية، لكنه سرعان ما عارض أسلوبهم المتشدد في الحكم وفضل الذهاب إلى منفاه الاختياري في باكستان. وفي 1999 تعرض والده للاغتيال على يد طالبان، وأصبح كرزاي زعيماً لقبيلة البوبلزي.

بعد 11 سبتمبر

بعد الغزو الأميركي لأفغانستان في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، عاد كرزاي إلى بلاده ليؤيد الولايات المتحدة في مهمتها، ومع انهيار حكومة طالبان في منتصف نوفمبر 2001 تحت وطأة القصف الأميركي.

وسمى ممثلون لجماعات أفغانية مختلفة كرزاي كرئيس لإدارة انتقالية مدتها 6 أشهر، في المؤتمر الدولي حول أفغانستان والذي عُقد بمدينة بون بألمانيا في ديسمبر 2001 لتجنيب البلاد الفوضى وفراغ السلطة.

واختير كرزاي بعد ذلك كرئيس انتقالي لمدة عامين في يونيو 2002، من قبل مجلس النواب الأفغاني "لويا جيرغا" بدعم غربي كبير.

الفوز بالانتخابات

في يناير 2004 أقرت أفغانستان دستوراً جديداً ينص على انتخاب الرئيس بالاقتراع المباشر، وأجريت انتخابات فاز فيها كرزاي ليصبح رئيساً رسمياً لأفغانستان.

وتمتع كرزاي في منصبه بدعم غربي كبير. لكن العنف المتواصل والحرب الدائرة في بلاده شكلت عائقاً أمام إعادة بناء المجتمع الأفغاني ومؤسساته وتوفير الخدمات الأساسية، وهو ما أثر على شعبيته في الداخل والخارج، خاصة مع تفاقم أزمة تجارة المخدرات، بعدما وصل حصاد زراعة الأفيون في البلاد لمعدلات قياسية في 2007، إذ ارتفع إنتاجه من 180 طناً عام 2001 إلى 8000 طن في 2007 بحسب صحيفة الجارديان البريطانية.

وتزامن ذلك مع تصاعد العنف الموجه تجاه حكومته والقوات الأميركية من قبل طالبان.

توتر العلاقة مع واشنطن

بدأت علاقة كرزاي مع الولايات المتحدة -حليفه الأقوى- بالتوتر جراء هجمات طالبان المتزايدة على قواتها، والتي تصاعدت لدرجة استهداف نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني في قاعدة باجرام بهجوم انتحاري أسقط عدداً كبيراً من الضحايا.

اضطرابات انتخابية

انتهت فترة كرزاي الأولى في مايو 2009. وبسبب صعوبات لوجستية وأمنية تأجلت الانتخابات الرئاسية إلى أغسطس، ورغم أن كرزاي كان ملزماً دستورياً بالتنحي خلال فترة التأجيل فإنه أصر على ضرورة وجوده في منصبه لأسباب أمنية، هو ما خشي منافسوه أنه يمنحه أفضلية، لكن المحكمة العليا حكمت في مارس 2009 بأن كرزاي يمكنه البقاء في منصبه.

عمليات تزوير

عقدت الانتخابات أخيراً في أغسطس، وأعقبتها أسابيع من الاضطراب السياسي، إذ أظهر الإحصاء الأول للأصوات عن فوز كرزاي بـ55% من الأصوات متفوقاً على أقرب منافسيه، عبد الله عبد الله، لكن الشكاوى ضد نزاهة الانتخابات والتي وصلت إلى 2000 شكوى حدت بلجنة الانتخابات المدعومة من الأمم المتحدة إلى الأمر بإجراء تدقيق في الأصوات والتحقيق في مزاعم التزوير، وخلصت اللجنة في منتصف أكتوبر إلى أن الانتخابات شابتها عمليات تزوير واسعة كافية لإبطال الأصوات في أكثر من 200 مركز اقتراع منحت كرزاي ثلث أصواته، ونتيجة لذلك انزلقت نسبة أصوات كرزاي إلى 49.7%.

رغم معارضة كرزاي في البداية لجولة إعادة بينه وبين عبد الله عبد الله، فإنه وافق في النهاية على إقامتها وتم تحديد موعد الجولة في 7 نوفمبر 2009، إلا أن عبد الله عبد الله انسحب من السباق وأعلن كرزاي رئيساً للبلاد لفترة ثانية.

انتقاد الولايات المتحدة

بدءاً من 2010 أدى تصاعد عدد القتلى المدنيين الأفغان علي يد القوات الأميركية، إلى انتقاد كرزاي للولايات المتحدة بعنف متهماً القوات الأميركية في بلاده بالتسبب في قتل مدنيين خلال عملياتها، واتهم الدبلوماسيين الأميركيين بالفشل في الضغط على باكستان لوقف تدفق مقاتلي طالبان من داخل حدودها إلى أفغانستان.

وأدى تدهور العلاقات بينه وبين الولايات المتحدة إلى مواجهة حادة في 2013-2014 حين رفض كرزاي التوقيع على اتفاقية تخول القوات الأميركية البقاء في البلاد بعد 2014 رغم موافقة كبار قيادات القبائل عليها، بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية.

وطلب كرزاي تطمينات من الولايات المتحدة بأنها لن تتدخل في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في 2014.

وطالب كرزاي الرئيس الأميركي باراك أوباما بضمانات بشأن أمن أفغانستان وتعهدات بألا يدخل الجنود الأميركيون منازل الأفغان مرة أخرى في عملياتهم العسكرية.

وغادر كرزاي منصبه في 2014 بعد فوز خليفته أشرف غني بالانتخابات دون التوقيع على الاتفاقية.

"أميركا فشلت"

وظلت العلاقة بين كرزاي والولايات المتحدة متوترة حتي نهاية حكمه وامتد ذلك حتى سيطرة طالبان على أفغانستان في أغسطس الجاري.

وفي يونيو من 2021 قال كرزاي لوكالة "أسوشيتدبرس"، إن الولايات المتحدة جاءت إلى بلاده قبل 20 عامًا لمكافحة التشدد والإرهاب وجلب الاستقرار للبلد ولكنها فشلت في الأمرين واعتبر أن انسحاب القوات الأميركية وقوات الناتو سيخلف وراءه كارثة إذ أن التشدد في أعلى مستوياته.

وقال كرزاي في المقابلة، إن تركة المجتمع الدولي والولايات المتحدة في أفغانستان هي "أمة قطعت أوصالها الحرب،" مضيفاً أنهم يغادرون الآن "في عار تام وكارثة كبيرة."