
قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، مساء الأربعاء (بتوقيت كندا)، إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من تطورات الأوضاع في السودان، ملقياً باللوم على قوات الدعم السريع التي تخوض قتالاً منذ أكثر من عامين مع الجيش السوداني.
وفي حديثه للصحفيين بعد اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول السبع في كندا، قال روبيو: "قلقون جدًا.. نرعى المبادرة الرباعية إلى جانب مصر والسعودية والإمارات، وأعتقد أن المشكلة الجوهرية، التي نواجهها، أن قوات الدعم السريع توافق على أمور معينة، ثم لا تستطيع مطلقاً، ولا مرة، أن تفي بها أو تنفذها".
وأضاف وزير الخارجية الأميركي: "لدينا الآن كارثة حقيقية بين أيدينا، عقدنا اجتماعات حول هذا الموضوع، وناقشناه مرات عدة مع دول عديدة اليوم، وأعتقد أنه لا بد من اتخاذ خطوات لقطع الأسلحة والدعم الذي تتلقاه قوات الدعم السريع بينما تواصل تقدمها، وأرى أن ما تنقله إلينا المنظمات الإنسانية بالغ الدلالة؛ فهي تقول إن مستويات سوء التغذية والمعاناة التي تشهدها لدى بعض من تمكنوا من الفرار غير مسبوقة.. لقد قالوا إنهم سجلوا حالات لم يسبق لهم تسجيلها من قبل".
وتابع: "أعتقد أن ما هو أشد إزعاجاً أنهم لم يتلقوا أعداد اللاجئين التي كانوا يتوقعون استقبالها، لأنهم يفترضون أن كثيرين منهم إما قُتلوا أو باتوا مرضى ومنهكين من الجوع إلى حدّ أنهم لم يعودوا قادرين على التحرك.. لذا، ما يحدث هناك مرعب.. لقد عملنا، في اعتقادي، منذ يوليو وأغسطس على هذه المبادرة الرباعية، لأن هناك دولًا منخرطة في مساعدة هذه العناصر التي تقاتل على الأرض، ونحن نتشارك الكثير من المخاوف نفسها مع آخرين بشأن كيف يمكن أن يتحول ذلك إلى بؤرة لنشاط إرهابي".
روبيو: ما يحدث في السودان يجب أن يتوقف
ورداً على سؤال عما إذا كان يؤيد مسعى من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلس الشيوخ لتصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية أجنبية أو ضمن تصنيف SDGT، قال روبيو: "إذا كان ذلك سيساعد في إنهاء ما يجري، فسنؤيده".
وSDGT هو اختصار لـ Specially Designated Global Terrorist، ويشير إلى "الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص"، وهو تصنيف رسمي تستخدمه وزارة الخزانة الأميركية لتحديد الأفراد والكيانات المرتبطين بالإرهاب عالميًا.
وأضاف روبيو: "لم أطلع على هذا المقترح بعد، لكنني أعلم أن بعض أعضاء مجلس الشيوخ ناقشوا الأمر معي قبل أشهر، لكن في النهاية، ما نريده هو أن يتوقف هذا (ما يحدث في السودان).. يجب أن يتوقف".
وتابع وزير الخارجية الأميركي: "أعتقد، للأسف، أن ما يحدث هنا هو أن قوات الدعم السريع خلصت إلى أنها في موقع المنتصر، وأنها تريد الاستمرار، والاستمرار هنا لا يعني مجرد خوض حرب، والحرب في حد ذاتها أمر سيئ بما يكفي، بل إنهم يرتكبون أعمال عنف جنسي وجرائم فظيعة، فظائع مرعبة ضد النساء والأطفال والمدنيين الأبرياء من أشد الأنواع وحشية، ويجب أن يتوقف ذلك فورًا، وسنفعل كل ما نستطيع لوضع حد له، وقد شجعنا الدول الشريكة على أن تنضم إلينا في هذه المواجهة".
الدعم السريع والهدنة
وكانت قوات "الدعم السريع" أعلنت، الأسبوع الماضي، موافقتها على الدخول في الهدنة الإنسانية المطروحة من دول "الآلية الرباعية"، الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، تمتد من 3 إلى 9 أشهر.
وذكرت قوات الدعم السريع، في بيان، أنها تتطلع إلى "الشروع مباشرة في مناقشة ترتيبات وقف العدائيات والمبادئ الأساسية الحاكمة للمسار السياسي في السودان بما يفضي إلى معالجة الأسباب الجذرية للحروب".
وكان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) أعلن "تشكيل لجنة تحقيق في تجاوزات حصلت في الفاشر"، بحسب تعبيره، متعهداً بمحاسبة "أي جندي أو ضابط ارتكب أي جرم أو تجاوز حدوده في الفاشر".
وقال "حميدتي" إن معركة الفاشر فُرضت على قواته، ولم يكن أمامها خيار سوى القتال.
وسقطت مدينة الفاشر، آخر معقل كبير للجيش السوداني في دارفور غرب السودان، في أيدي قوات الدعم السريع نهاية أكتوبر بعد حصار استمر 18 شهراً، عزز سيطرتها على المنطقة.
وحذّرت جماعات الإغاثة والنشطاء من احتمال وقوع هجمات انتقامية بدوافع عرقية بعد أن تغلبت قوات الدعم السريع على الجيش والمقاتلين المتحالفين معه، وكثير منهم من قبيلة الزغاوة.
وكان مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة أعرب عن قلقه من الهجوم على مدينة الفاشر في شمال دارفور، وأدان "الفظائع المبلغ عنها التي ترتكبها قوات الدعم السريع ضد السكان المدنيين، بما في ذلك الإعدامات الميدانية والاعتقالات التعسفية".
وعبر المجلس، في بيان، عن قلقه البالغ "إزاء تزايد خطر ارتكاب فظائع واسعة النطاق، منها فظائع بدوافع عرقية".
تصنيف قوات الدعم السريع
وكان أعضاء جمهوريون وديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأميركي دعوا، نهاية أكتوبر، إلى رد قوي من إدارة الرئيس دونالد ترمب على سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في دارفور بالسودان، وسط تقارير عن انتهاكات ضد مدنيين.
وطالب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري جيم ريش، بأن تُصنِّف الولايات المتحدة قوات الدعم السريع رسمياً "منظمة إرهابية" أجنبية.
وكتب في بيان: "الفظائع التي وقعت في الفاشر في دارفور لم تكن بالخطأ، بل كانت خطة قوات الدعم السريع منذ البداية، فهي تمارس الإرهاب، وترتكب فظائع لا توصف، من بينها الإبادة الجماعية ضد الشعب السوداني".
من جانبها، أشارت السيناتورة جين شاهين، أكبر الأعضاء الديمقراطيين في اللجنة، إلى أنها ستدعم على الأرجح مثل هذا الرد من واشنطن.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت ستدعم تصنيف قوات الدعم السريع "منظمة إرهابية" أجنبية، قالت شاهين للصحافيين "على الأرجح"، لكنها أضافت أنها تود دراسة المسألة بتأن.
واندلعت الحرب في السودان في منتصف أبريل 2023، بسبب خلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع حول دمج قواتهما خلال فترة الانتقال إلى الديمقراطية، مما تسبب في موجات من العنف العرقي، وأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وحدوث مجاعة في عدد من المناطق. ولقي عشرات الآلاف حتفهم، ونزح حوالي 13 مليوناً.
وفي يناير 2025، قالت إدارة الرئيس السابق جو بايدن إنها خلصت إلى أن أعضاء بقوات الدعم السريع والجماعات المسلحة المتحالفة معها "ارتكبوا إبادة جماعية" في السودان. وفرضت واشنطن عقوبات على قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو، المعروف باسم "حميدتي".








