
غادر الرئيس السوري أحمد الشرع، البيت الأبيض، الاثنين، بعد مباحثات أجراها مع الرئيس دونالد ترمب، ليصبح أول رئيس سوري يزور المكتب البيضاوي، فيما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تجديد تعليق فرض عقوبات "قانون قيصر" على سوريا.
وقالت الرئاسة السورية، في بيان، إن "الرئيس أحمد الشرع وصل إلى البيت الأبيض في زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة، حيث كان في استقباله الرئيس الأميركي دونالد ترمب".
وأضافت: "عقد الرئيسان جلسة مباحثات، بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ووزير خارجية الولايات المتحدة ماركو روبيو، تناولت العلاقات الثنائية، وسبل تعزيزها وتطويرها، إضافةً إلى عددٍ من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
ولاحقاً، قال وزير الخارجية السوري في منشور عبر منصة "إكس": "بعد تحضيرات مكثفة استمرت لأشهر، عقد الرئيس أحمد الشرع اجتماعاً بناءً مع الرئيس دونالد ترمب، جرى خلاله بحث الملف السوري بجميع جوانبه.. تم التأكيد على دعم وحدة سوريا، وإعادة إعمارها، وإزالة العقبات أمام نهضتها المستقبلية".
وقالت وزارة الخارجية السورية، في بيان، إن الولايات المتحدة أكدت مجدداً دعمها للتوصل إلى اتفاق أمني بين إسرائيل، وسوريا.
جاء ذلك عقب اجتماع بين وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، ونظيريه السوري أسعد الشيباني والتركي هاكان فيدان، وذلك على هامش زيارة الشرع إلى واشنطن.
تعليق "عقوبات قيصر"
وأثناء انعقاد المباحثات بين ترمب والشرع، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تجديد تعليق العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر على سوريا جزئياً لمدة 180 يوماً، موضحة أن "تعليق العقوبات يستثني بعض المعاملات التي تشمل روسيا وإيران".
وأوضحت الوزارة أن هذه الخطوة تحل محل إعفاء سابق صدر في مايو الماضي.
ورحب وزير الطاقة السوري محمد البشير بقرار وزارة الخزانة الأميركية تعليق العمل بـ"قانون قيصر"، وقال: "نعتبره خطوة إيجابية نحو تخفيف المعاناة عن الشعب السوري، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي كما نؤكد استمرارنا في حماية مصالحنا، وتعزيز بيئة الاستثمار في قطاع الطاقة بما يخدم التنمية المستدامة".
وظهرت بوادر إيجابية للاجتماع حتى قبل بدايته، تمثلت في تمرير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً قدّمته إدارة ترمب لرفع اسم الشرع، ووزير داخليته أنس خطاب من قوائم العقوبات الأممية.
صفحة جديدة ودلالات رمزية
وفي منتصف مايو الماضي، وخلال زيارة الرئيس الأميركي إلى العاصمة السعودية الرياض، فجّر دونالد ترمب مفاجأة بالإعلان عن عزم بلاده رفع العقوبات المفروضة على سوريا، استجابة لطلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وكان لسوريا سجل طويل مع العقوبات الأميركية يمتد لأكثر من 45 عاماً مضت.. عقوبات تنوعت بين أوامر تنفيذية صادرة عن البيت الأبيض وتشريعات أقرّها الكونجرس، بدأت في عام 1979، بإدراج دمشق على لائحة "الدول الراعية للإرهاب".
كما شملت إجراءات واشنطن عقوبات اقتصادية بموجب "قانون محاسبة سوريا وحماية سيادة لبنان"، الذي شرّعه الكونجرس في عام 2003، قبل أن تدخل العقوبات أكثر مراحلها زخماً في أعقاب اندلاع الحرب الأهلية السورية، بتشريع "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين"، والذي ضم أشد حزمة عقوبات أميركية صرامةً ضد دمشق.
ولم يكتفِ ترمب بإعلان نيته إزالة تلك العقوبات، وإنما استجاب أيضاً لدعوة قدمها ولي العهد السعودي، لعقد لقاء بينه وبين الرئيس السوري أحمد الشرع.
اجتماع كان الأول من نوعه بين رئيس أميركي ونظيره السوري خلال 25 عاماً.
وفي سبتمبر الماضي، تكرر اللقاء بين الرئيسين الأميركي والسوري، على هامش زيارة الأخير إلى الولايات المتحدة، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في زيارة نادرة لرئيس سوري إلى الأراضي الأميركية، منذ زيارة الرئيس السوري الراحل نور الدين الأتاسي إلى الولايات المتحدة في عام 1967 للمشاركة في دورة استثنائية للجمعية العامة.
"رفع العقوبات"
وكان مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة قد قرر، الخميس الماضي، رفع العقوبات المفروضة على الشرع، وخطاب، بعدما حظي القرار الذي صاغته الولايات المتحدة، بتأييد 14 دولة، في حين امتنعت الصين عن التصويت.
وجدد مجلس الأمن التزامه "بالاحترام الكامل لسيادة سوريا واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية"، كما رحّب بالتزام سوريا بضمان "وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن وسريع ودون عوائق ومكافحة الإرهاب".
وأشار قرار مجلس الأمن إلى أنه يتوقع من سوريا التصدي للتهديد الذي يشكله "المقاتلون الإرهابيون الأجانب"، وحماية حقوق الإنسان لجميع السوريين، ومكافحة المخدرات، والنهوض بالعدالة الانتقالية، والقضاء على أي بقايا للأسلحة الكيماوية، وإقامة عملية سياسية شاملة يقودها السوريون.
وأصبح الشرع رئيساً لسوريا في يناير الماضي، بعد أن أطاحت قوات المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام ببشار الأسد في "هجوم مباغت".
توافق دولي
وقال الشرع في تصريحات لـ"الشرق" إن "سوريا استطاعت صنع توافق كبير بين دول من الصعب أن تتوافق على شيء، وهذا مؤشر إيجابي لربما يكون بداية لحل الكثير من المشاكل العالقة في العالم".
وقال إن سوريا بدأت تأخذ دورها الإقليمي والعالمي، وهذا أمر "يصب في مصلحة الجميع"، مضيفاً أن سوريا تاريخياً مثلت وزناً كبيراً، وأن الوضع الطبيعي لها هو إقامة علاقات جيدة مع كافة دول العالم.
وأشار الشرع إلى عدد من الدول التي ساهمت في رفع العقوبات عن سوريا وقال: "هناك الكثير من الدول التي ساعدت سوريا لرفع العقوبات عنها، وإعادة تموضعها الإقليمي والعالمي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، وتركيا أيضاً مشكورة، قطر كانت مهتمة بهذا الأمر بشكل كبير وقدمت دعماً مهماً، والإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى الأردن الذي كان له دور كبير".
وفي أبريل الماضي، رفعت بريطانيا بعض العقوبات عن سوريا، بينما رفع الاتحاد الأوروبي عقوباته الاقتصادية في مايو الماضي، لكن القيود المتعلقة بالأسلحة والأمن لا تزال سارية.








