
نددت دمشق بجولة قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، برفقة عدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، معتبرةً أنها تُشكل "انتهاكاً خطيراً لسيادة سوريا ووحدة أراضيها".
وشددت وزارة الخارجية السورية، في بيان، على أن "الزيارة تمثّل محاولة جديدة لفرض أمر واقع يتعارض مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتندرج ضمن سياسات الاحتلال الرامية إلى تكريس عدوانه واستمراره في انتهاك الأراضي السورية.
وجددت الوزارة "مطالبتها الحازمة بخروج الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي السورية"، والتأكيد على أن "جميع الإجراءات التي يتخذها الاحتلال في الجنوب السوري باطلة ولاغية، ولا تُرتب أي أثر قانوني وفقاً للقانون الدولي"، داعيةً المجتمع الدولي إلى "الاضطلاع بمسؤولياته وردع ممارسات الاحتلال".
كما أكدت على وجوب "الانسحاب الكامل من الجنوب السوري والعودة لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974"، مؤكدة أن سوريا "ستواصل الدفاع عن سيادتها وحقوقها غير القابلة للتصرف حتى استعادة كامل أراضيها".
نتنياهو يبرر الوجود الإسرائيلي في سوريا
وكان نتنياهو، وصل رفقة عدد من وزرائه وقادة الأجهزة الأمنية إلى منطقة الجولان السورية المحتلة، الأربعاء، ثم عبروا إلى الأراضي التي احتلتها تل أبيب جنوبي سوريا في أعقاب سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024.
ورافق نتنياهو وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ووزير الخارجية جدعون ساعر، ورئيس أركان الجيش إيال زامير، ورئيس جهاز الأمن العام الداخلي (الشاباك) دافيد زيني، وتلقّى خلال الجولة إحاطة بشأن الأوضاع في المنطقة.
وبحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، زار نتنياهو أحد مواقع العسكرية، قبل أن يعقد جلسة أمنية مع قادة الجيش والأجهزة الأمنية.
واعتبر نتنياهو أن تواجد القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة بسوريا "بالغ الأهمية"، وأضاف في فيديو نشره مكتبه: "نحن نولي أهمية بالغة لقدرتنا هنا، سواء الدفاعية أو الهجومية. هذه مهمة يمكن أن تتطور في أي لحظة، لكننا نعتمد عليكم".
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية هذا الأسبوع عن مصادر إسرائيلية قولها إن المحادثات للتوصل إلى اتفاق أمني بين تل أبيب ودمشق، وصلت إلى طريق مسدود.
وتأتي هذه الجولة بعدما طلب نتنياهو تأجيل جلسة محاكمته، الأربعاء، على خلفية تهم فساد منسوبة إليه، بسبب ما اعتبره "أمراً حساساً".
الأردن يندد بجولة نتنياهو
من جانبها، أدانت وزارة الخارجية الأردنية بأشدّ العبارات دخول نتنياهو إلى الأراضي السورية، معتبرة أنها تمثّل "انتهاكاً صارخاً لسيادة سوريا ووحدة أراضيها، وخرقاً فاضحاً للقانون الدولي، وتصعيداً خطيراً لن يسهم إلا بمزيد من الصراع والتوتر في المنطقة".
وجدد البيان على وقوف الأردن وتضامنه الكامل مع سوريا وأمنها واستقرارها وسيادتها وسلامة أراضيها ومواطنيها، داعياً المجتمع الدولي إلى "تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام إسرائيل وقف اعتداءاتها الاستفزازية اللا شرعية على سوريا، وإنهاء احتلال جزء من أراضيها، وكذلك إلزامها احترام قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية".
وأكدت الخارجية الأردنية "رفضها المطلق" للزيارة، وإدانتها الشديدة لهذا "الانتهاك الخطير" الذي يمثّل "مساساً بسيادة دولة عربية، وتصعيداً استفزازياً خطيراً غير مقبول".
إسرائيل ترفض الانسحاب من سوريا
وترفض إسرائيل مطالب سوريا بالانسحاب الكامل من جميع النقاط التي احتلتها في الأراضي السورية عقب الإطاحة بنظام الأسد، وذكرت تقارير سابقة أن إسرائيل قد توافق على الانسحاب من بعض المواقع فقط، لكن مقابل "اتفاق سلام شامل" مع سوريا، وليس اتفاقاً أمنياً محدوداً، مضيفة أنه "لا يوجد مثل هذا الاتفاق في الأفق حالياً".
وإلى جانب جبل الشيخ، يحتفظ الجيش الإسرائيلي بـ8 مواقع إضافية داخل الجولان السورية المحتلة، تقع على مسافة بضعة كيلومترات من خط وقف إطلاق النار الموقّع في عام 1974، والذي تنصلت منه حكومة نتنياهو.
وتتخوف المؤسستان العسكرية والأمنية في تل أبيب من أن التقارب بين واشنطن والرئيس السوري أحمد الشرع، خصوصاً بعد لقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، قد يفرض عليها "تنازلات ميدانية"، لا ترغب بها.
وفي سياق متصل، تشهد مناطق من بينها القنيطرة جنوب سوريا في الأسابيع الأخيرة، تصاعداً ملحوظاً في التوغلات الإسرائيلية، إذ يشتكي مواطنون سوريون من وصول قوات إسرائيلية إلى أراضيهم الزراعية، وتدمير مئات الدونمات من الغابات، فضلاً عن اعتقال أشخاص وإقامة حواجز وتفتيش المارة.
وأوردت وكالة الأنباء السورية (سانا)، أن قوات إسرائيلية توغلت، الأربعاء، بعدة آليات عسكرية نحو قرية أم العظام وصولاً إلى قرية رويحينة، وفي بلدتي بريقة وبئر عجم في ريف القنيطرة.
وأكدت دمشق أن القوات الإسرائيلية تواصل اعتداءاتها على الأراضي السورية، معتبرة أن هذا يشكل "انتهاكاً لاتفاق فض الاشتباك لعام 1974 ولقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".
كما أكد الشرع في مناسبات عديدة أن بلاده لا تريد خوض أي حروب، ولا تشكل "تهديداً" لإسرائيل، أو أي طرف آخر.









