
وافق الرئيس الأميركي دونالد ترمب على عقد اجتماع مع عمدة مدينة نيويورك المنتخب زهران ممداني في البيت الأبيض، الجمعة، في لقاء مفاجئ مع السياسي الديمقراطي الذي عارض الرئيس الأميركي انتخابه، ما يعكس مؤشرات على التهدئة بين الجانبين بعد أشهر من التصعيد والانتقادات المتبادلة.
ويمثل هذا الاجتماع المرة الأولى التي يلتقي فيها الطرفان، المتناقضان تماماً على الصعيد السياسي، لمناقشة كيفية العمل مع بعضهما البعض منذ الانتخابات التي جرت في وقت سابق من شهر نوفمبر الجاري.
وقال الرئيس ترمب في منشور على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" في وقت متأخر، الأربعاء: "عمدة مدينة نيويورك الشيوعي، زهران كوامي ممداني، طلب عقد اجتماع. وقد اتفقنا على عقد هذا الاجتماع في المكتب البيضاوي الجمعة".
وبعد منشور ترمب، قال ممداني في مقابلة مع شبكة MS NOW التلفزيونية، إن فريقه تواصل مع البيت الأبيض لعقد الاجتماع.
وأضاف ممداني، حسبما نقلت "بلومبرغ": "أريد فقط أن أتحدث بصراحة إلى الرئيس حول ما يعنيه الدفاع عن سكان نيويورك، والطريقة التي يكافح بها سكان نيويورك من أجل تحمل تكاليف العيش في المدينة".
وتابع: "وبصراحة، فإن تكلفة المعيشة هو أمر سمعته مرة تلو الأخرى من سكان نيويورك عن سبب تصويتهم لدونالد ترمب".
انتُخب ممداني عمدة لمدينة نيويورك بعد أن خاض حملته الانتخابية على أساس برنامج تقدمي يتضمن تجميد إيجار أكثر من مليون شقة مستقرة، وتوفير رعاية شاملة للأطفال، وتمويل حافلات مجانية وتشغيل محلات بقالة مملوكة للمدينة.
وخلال حملته الانتخابية لرئاسة بلدية مدينة نيويورك، قدّم ممداني الذي ينتمي للتيار الاشتراكي في الحزب الديمقراطي، نفسه باعتباره المرشح القادر على تقديم أقوى معارضة لترمب، وركّز برنامجه على خفض تكاليف المعيشة المتزايدة لسكان نيويورك.
كما يسعى ممداني، إلى فرض ضرائب أعلى على الشركات والأثرياء لتمويل أجندته.
وحظي سباق ممداني باهتمام كبير بسبب الإقبال القياسي على التصويت، خصوصاً بعد الخسائر الكبيرة التي مني بها الديمقراطيون في انتخابات عام 2024.
وأشارت مجلة "بوليتيكو" إلى أن ممداني لا يزال بحاجة إلى تصريح أمني رفيع المستوى من الحكومة الفيدرالية، قبل توليه منصبه، وللرئيس ترمب تاريخ في تقييد التصاريح الأمنية لخصومه السياسيين.
انتقادات متكررة
وطوال حملة ممداني الانتخابية، هاجمه ترمب بشكل متكرر، ووصفه بأنه "شيوعي"، محذراً من أن انتخابه سيكون مدمراً لمكانة مدينة نيويورك كعاصمة مالية للعالم.
ودعا الرئيس، الناخبين في نيويورك، وهي مسقط رأسه أيضاً، إلى الالتفاف حول حاكم نيويورك السابق أندرو كومو، الذي ترشح كمستقل بعد خسارته أمام ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.
وكان ترمب، هدد، قبل انتخاب ممداني، بوقف التمويل الفيدرالي عن أكبر مدينة في البلاد (نيويورك)، إذا كان ممداني يقودها. ومنذ الانتخابات، يعمل مساعدو الرئيس على مراجعة التمويلات التي تستفيد منها المدينة لاحتمال تعليقها أو إلغائها.
تلقت مدينة نيويورك ما يقرب من 10 مليارات دولار من الأموال الفيدرالية في السنة المالية 2025، وهو ما يشكل 8.3% من إجمالي الإنفاق لميزانيتها التشغيلية، وفق مكتب المراقب المالي للمدينة.
وفي مطلع أكتوبر الماضي، وهو اليوم الأول من الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، أوقف البيت الأبيض 18 مليار دولار من أموال البنية التحتية في نيويورك، مشيراً إلى مخاوف بشأن ممارسات التنوع والشمول.
وتستثمر نيويورك بشكل كبير في المشاريع المتعلقة بالعبور لتخفيف الازدحام وتسهيل التحديثات الضرورية للأنظمة المتقادمة، إذ تعتمد بشكل رئيسي على التمويل الفيدرالي.
ويمنح فوز ممداني ترمب حجة لزيادة رفضه لمدينة نيويورك، ما يؤسس لصدام حول السياسات المتعلقة بالاقتصاد والجريمة والهجرة التي ستجري مراقبتها عن كثب قبل انتخابات التجديد النصفي المقررة العام المقبل.
وقد جعل ترمب منذ توليه منصبه، البلديات التي يقودها الديمقراطيون هدفاً لإدارته، حيث أرسل قوات الحرس الوطني إلى مدن من بينها لوس أنجلوس وشيكاجو.
وقال ممداني، إنه يريد التوصل إلى طريقة للعمل مع ترمب. والتقى العمدة المنتخب مع حاكمة نيويورك الديمقراطية كاثي هوكول في 13 نوفمبر، لمناقشة استعداد المدينة لزيادة عدد ضباط وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك ICE، أو الحرس الوطني الذي أرسله الرئيس.
وأشارت الحاكمة الديمقراطية للولاية، في تصريحات للصحافيين في 17 نوفمبر، إلى أنها شجعت قادة الشركات على إبلاغ ترمب بالتداعيات المحتملة إذا اُتخذ مثل هذا الإجراء، قائلة: "نحن المركز المالي، ولا يمكنك الإخلال بذلك دون عواقب".










